آخر الأخبار

العناية بالتمور في أرخبيل سقطرى

الاربعاء, 05 أغسطس, 2020

يسمى الموسم الحالي في الأرخبيل "موسم الخريف" أو "الخرف" نسبة إلى تخريف التمور وجنيها والاهتمام بها، ويبدأ هذا الموسم من العقد الأخير من شهر يونيو من كل عام  ويستمر نهاية يوليو.

 وينتشر النخيل في الأرخبيل في أغلب المناطق؛ لكنها في الجانب الشرقي أكثر يليها الجانب الجنوبي، ويتركز تواجد النخيل في الجانب الغربي من الجزيرة في مديرية قلنسية.   

  وقد كان التمر في العهود السابقة من الوجبات الرئيسة لدى الإنسان السقطري حتى أنهم ربطوا كثيرا من أمثالهم المحلية بالتمر من ذلك قولهم: "مانع طين كبيشي تامر" أي يصعب حفر الطين إذا لا يوجد تمر، ومنها قولهم للفقير: : "زكى صعفوه" ويضرب لشدة الفقر ولمن لا يمتلك القليل من التمر والصعفوة هي كيس التمرة أو أكمام التمر، وهناك أهازيج شعبية ينشدونها في أسمارهم ومنها ما جاء على لسان التمر قولهم:" التمر والبن صحيح في البدن وإذا لم تصدقني كل وجربني"، وقد يرى الرجل الارتياح في ملامح زوجته عندما يجلب لها نوع من التمر تحبه فيقول:" تعاجب منهي عاجه تامر دي لبنانه" والمعنى تريد مني المرأة تمر اللبنانه وهو نوع من النخل يكون تمرته صفراء لها مذاق فريد.

 يرافق التمر أغلب وجبات الإنسان اليومية ويكتفي البعض في وجبة الصبوح بأكل شيئا من التمر، وكذا عند التعب الشديد والإحساس بالعطش فإنهم يعصرون التمر مع الماء، ويتعدى حب التمر إلى أن يكون أجر يوفى العامل جراء قيامه بعمل فيكال له أوزان من التمر بحسب ما يتفق عليه العامل مع رب العمل ويكون راضيا بذلك كونه عاد على أهله بقوت يضمن بقاهم على قيد الحياة وقت القحط والجوع ويخفف وطأة المرض.  

وقد عرف الإنسان السقطري القديم فوائد التمر القوتيه، والعلاجية، والوقائية، فقد كانوا يحصنون الأطعمة خشية التسمم فيضعون حولها شيئا من التمر أو يتركون الأطعمة وسط التمور كاللحوم والألبان، وكافة الأطعمة التي تتعرض للمكروبات أو الحشرات السامة، كما يعد التمر أحدى الوصفات العلاجية فلابد أن يتناول المرض التمر في أغلب أوقاته ويحتسي حسوات منه في اعتقاد منهم أنه يخفف المرض إذا لم يشفيه وكذا فإن الملدوغ يدهن بالتمر على مكان الألم فيزول أو يخف ألمه. 

  ونظرا لهذه الفوائد وغيرها اهتم الإنسان السقطري بالتمر وتفنن في زراعة النخيل واحب النخل مصدر التمر واعتنى به وعده رأس ماله وفيما يلي نسلط الضوء على كيفية عناية الفلاح السقطري بالتمور منذ مراحله الأولى وصولا إلى الحفظ  والتحصين كالآتي:
   أولا: طريقة التلقيح أو التأبير: وهي عملية أخذ اللقاح من فحل النخلة(الذكر) ووضعه في قلب العرجون أو في قلب الطلع الأنثوي ويكون طلع النخل غالبا في موسم واحد من السنة وهو موسم الخريف وهناك من يقوم بتلقيح النخيل في موسم الربيع لكنه قليل، وفي مناطق معينة فقط من الأرخبيل ويسمى باللغة الدراجة( دتئي) نسبة إلى موسم الربيع، كما يركز الفلاح في هذا الموسم على تلقيح أصناف مخصصة من النخل وليس الكل.
   وتستمر عملية التلقيح أو التأبير من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع ويتوقف بعدها الفلاح عن القيام بالتلقيح حتى يكون نضج التمار قريب من بعضه.  

ثانيا: تنظيف الميكروبات: وهي عملية ترافق التأبير أو التلقيح حيث يقوم الفلاح  بتصفية النخلة وتنظيفها من الأغصان الميتة والعبسان، ويقوم بقطع الكرب، وكل ما يضر النخلة ويؤديها ويعوق الفلاح من الوصول إليها.  

ثالثا: طريقة التعليف: والغاية منها التخفيف والحفاظ على النخل من ثقل السنابل حيث يقوم الفلاح بقطع بعض الشماريخ من وسط السنبلة أو من أطرافها، أو يقطع بعض السنابل إذا تجاوز حمول النخلة حدود طاقتها وقدرتها. وتكون هذه العملية بعد شهر من عملية التلقيح.

رابعا: التعصيب: حيث يقوم الفلاح بربط السنابل إلى الجدع أو يجعلها في أكياس و يشدها بحبال إلى الجدع أو الأغصان ويكون ذلك بعد شهرين من عملية التعليف.
خامسا: القصاص: وهي قطع العذق أو السنبلة حين يكون التمر ناضجا و تتم عملية القصاص في وقت متقارب لا يتعدى أسبوعين.  ويقترح بعض من أعيان البلدان أن يكون القصاص في وقت واحد. 

   وتنتهي عملية القصاص أو الجني في الأرخبيل عامة قبل نهاية يوليو وقد يتعدى أحيانا إلى عشرة أيام من الشهر التالي.   

سادسا: الشق أو الرص: بعد عملية القصاص هناك عمليتين لتجفيف التمر، ويتحكم فيهما الموقع الجغرافي فالمناطق الباردة لها طريقة خاصة، وللمناطق المعتدلة الحرارة أو الحارة طريقة خاصة كالآتي:
1ـ طريقة الشق: حيث يتم شق التمرة إلى نصفين، ويتم إبعاد النواة ومن ثم يجفف التمر المشقوق في الشمس لمدة يوم أو أكثر بحسب حرارة الشمس حتى ينضج، وهذه الطريقة خاصة بالمناطق الباردة أو متوسطة البرودة.

2ـ طريقة الرصف حيث ترصف السنابل على الحصاة الصغيرة في مكان تصله الشمس، وفي كل يوم يتم تعهده وتقلبيها واستخراج التمور من السنبلة كاملة، ومن ثم تترك يومين أو ثلاثة حتى تنضج وبعدها تجمع التمور وتعبئ في أكياس كبيرة، وهذه الطريقة خاصة بالمناطق الحارة أو متوسطة الحرارة.  

سابعا: التخزين والتسخين: تأتي هذه العملية بعد عملية التنضيج حيث يتم تخزين التمور مدة لا تزيد على خمسة أيام حتى تكتمل مرحلة التنضيج لجميع التمور، ثم يتم تسخينها بالشمس من الصباح إلى الظهيرة. 
ثامنا: الدهس: وهي عملية تلي التسخين مباشرة حيث يتم جمع التمور في سفرة واحدة مصنوعة من سعف النخل قريبة في شكلها من شكل حصير السعف إلا أنها دائرية  تصنع خصيصا للدهس، ويكون الدهس بالأرجل حيث يقوم الشباب بجمع التمور في هذه السفرة ويغسلون أرجلهم حتى تصير نظيفة ومن ثم يدهسون التمور بالأرجل حتى يصير التمر كله لينا ومتماسكا على شكل واحد يسهل أكله وتخزينه. 

تاسعا: التعبئة: تأتي بعد عملية الدهس عملية تعبئة التمور في القرب وهي جلود الأغنام تسلخ بطريقة فنية لكي يحفظ فيها التمر، ويتم تنظيفها وغسلها وأبعاد الشعر منها مسبقا قبل أشهر من التعبئة ويتم وضع التمور بداخلها وتعصب طرفيها العلوي والسفلي برباط محكم يمنع تسرب التمر أو دخول الحشرات وبعدها يتم حفظ التمور في مخازن دافئة إلى حين الحاجة. 
المقال خاص بموقع المهرية نت       

يا كوت يا رنبص!
السبت, 24 فبراير, 2024