آخر الأخبار
الإمارات تحرم اليمنيين أكبر مصدر دخل اقتصادي جراء السيطرة على بلحاف
منشأة بلحاف - أرشيف
السبت, 07 نوفمبر, 2020 - 12:38 مساءً
أربعة مليارات دولار سنويًا، هو حجم الإيرادات التي كانت اليمن تحصل عليها من منشأة بلحاف النفطية أكبر مشروع صناعي واستثماري في البلاد. حتى جاءت الحرب عام 2015م لتتوقف عن العمل بشكل كلي.
هذه المنشأة الاستراتيجية مصابة اليوم بالشلل التام في محافظة تحررت من قبضة ميليشيا الحوثي منذ سنوات، لكنها بعد ذلك تحولت إلى منطقة عسكرية تسيطر عليها قوات إماراتية.
الإمارات التي شاركت في تحالف يفترض أنه شُكل لدعم الشرعية اليمنية وإعادة تمكينها من مواردها أصبحت اليوم، وبكل صفاقة، تتحدى الدعوات الرسمية والغضب الشعبي المطالب بالانسحاب من المنطقة وإعادة تشغيل المنشأة لإنعاش الاقتصاد الوطني الذي ينحدر صوب الانهيار الكلي.
ترغيب وترهيب
السلطة المحلية بمحافظة شبوة عبّرت في أكثر من مناسبة عن غضبها من استمرار سيطرة القوات الإماراتية على المنشأة، وطالبتها تارة بلغة دبلوماسية وأخرى بتهديد واضح، بالانسحاب وترك المنشأة الوطنية كي تعود للعمل بعد أن انتهت مبررات وجود أي قوات لا تتبع للسلطات الشرعية.
ولعل حديث محافظ شبوة في لقاء مع قناة حضرموت المحلية في منتصف أكتوبر الماضي وتقديمه ما يمكن اعتباره "مبادرة أخيرة" للقوات الإماراتية كي تبدأ بالانسحاب من المنشأة الاستراتيجية، وعرضه نقل هذه القوات إلى معسكر خاص يتوافر على خدمات عالية المستوى.. يوحي بأن الضغط الشعبي قد وصل مرحلة لا يمكن معها التنبوء بالاحتمالات المستقبلية خاصة أن مجاميع من أبناء شبوة وقبائلها خرجوا في أكثر من مناسبة في تظاهرات واعتصامات تنديداً باستمرار احتلال المنشأة النفطية.
وخاطب بن عديو الإمارات بوضوح "المواطنون سيضطرون للاحتجاج والتظاهر أمام المنشأة، وهذا ليس في صالح الإماراتيين، أما نحن فلن نخسر أكثر مما خسرناه".
كما دعا بن عديو مراراً الحكومة اليمنية التي تقبع في الرياض منذ سنوات وقائدة التحالف (المملكة العربية السعودية)، إلى ضرورة إخلاء منشأة بلحاف من القوات الإماراتية وإعادة تشغيلها. خاصة إذا ما علمنا أن أعداداً كبيرة من العاملين يقدرون بالآلاف حُرموا من وظائفهم منذ سنوات.
وتقدرُ الأرقام أعداد العاملين في المنشأة بـ 12 ألف عامل معظمهم يمنيون كانوا يعملون في بلحاف منذ افتتاحها عام 2009م.
جهوزية واستعداد
وقد أبدى محافظ شبوة محمد صالح بن عديو جهوزية واستعداد السلطة المحلية لتوفير الحماية الأمنية لنقل الغاز وميناء التصدير. مشدداً في مناسبات عدة على أهمية إعادة تصدير الغاز باعتباره ضرورة لا تحتمل التأخير في ظل وضع اقتصادي صعب وتراجع قيمة العملة الوطنية.
ولدى قيادة السلطة المحلية في المحافظة توجه جاد لتنمية شبوة وتعويضها عن سنوات الحرمان وهو ما انعكس على أرض الواقع من خلال العديد من المشاريع التنموية خاصة في مجال البنية التحتية وتوفير الخدمات للمواطنين، وهو ما يتطلب أموالاً ضخمة.
عواقب وخيمة
ويرى مراقبون أن الاستفزاز الإماراتي للشعب اليمني والسيطرة غير المبررة على هذه المنشأة في ظل الحاجة الملحة لتشغيلها والاستفادة من عوائدها في دعم الاقتصاد الوطني وإنقاذ الريال من التدهور المستمر لسعره ستكون عواقبه وخيمة.
وقد بدأت بوادر ذلك الحراك من خلال تظاهرات واعتصامات قوبلت في مناسبات عدة بتحليق طائرات إماراتية فوق جموع المعتصمين الذين يؤكدون عزمهم على الاستمرار في المطالبة بحقهم في الحفاظ على ثرواتهم الوطنية من عبث السلطات الإماراتية.
وعادة ما تحلق مقاتلات إماراتية على ارتفاع منخفض فوق المتظاهرين المنددين بسيطرة قواتها على المنشأة، أو المطالبين بمحاسبة المسؤولين الإماراتيين عن الانتهاكات الممارسة ضدهم من قبل القوات المدعومة إماراتياً (النخبة الشبوانية) التي قضى الجيش الوطني والمقاومة الشعبية على وجودها في المحافظة منذ أكثر من عام.
كما هددت القوات الإماراتية الجيش اليمني باستهداف أي محاولة من شأنها التقدم نحو منشأة بلحاف الغازية.
ولا يكاد يمر أسبوع واحد حتى تخرج الأمم المتحدة ومنظماتها العاملة في المجال الإنساني لتحذير العالم من مجاعة وشيكة في اليمن أو انهيار تام للخدمات الصحية نتيجة استمرار الحرب الدائرة منذ 6 سنوات.
لكن لا وجود لصوت دولي حتى اليوم يندد باستمرار السيطرة الإماراتية السعودية على الموارد المحلية والموانئ الاستراتيجية والمنشآت الاقتصادية التي لا تحتاج سوى رفع أيدي هاتين الدولتين عنها ليبدأ اليمنيون باستغلال ثرواتهم النفطية التي تمثل 70% من إيراداتهم قبل الحرب.
ويعتقد مسؤولون ومواطنون أن الإمارات – التي هي جزء رئيسي من التحالف - خذلتهم، ففي الوقت الذي كانوا يتوقعون أن تنتهي مهمتها بمجرد تحرير المدينة، لكنها تركت الجبهات البعيدة عن الموانئ تحت سيطرة الميليشيا حتى استطاع الجيش والمقاومة الشعبية تحرير كافة مناطق شبوة انتهاءً بمديرية بيحان في منتصف ديسمبر من العام 2017م.
ويتخوف مسؤولون من تحويل المنطقة المحتلة إلى نقطة انطلاق لعمليات تخريبية تستهدف المحافظة التي تحاول العودة مجدداً للحياة وتشهد انتعاشاً اقتصادياً وحراكاً تنموياً في عدد من القطاعات.
تاريخ وأحداث
وبلحاف عبارة عن مشروع لإنتاج الغاز المسال في مدينة بلحاف التابعة لمحافظة شبوة تشرف عليها الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال، وتقدر الطاقة الإنتاجية للمشروع بـ 6.7 مليون طن سنوياً.
وإذا ما تتبعنا عمل المنشأة الاستراتيجية فإننا سنخلص إلى أنها ثمرة جهد طويل للدولة اليمنية ومثلت حلماً حقيقياً لأبناء اليمن طال انتظاره لكن ثماره لم تحصد بعد، ففي فبراير 2009 دخلت البلاد سوق مصدّري الغاز الطبيعي المسال بتصدير أول شحنة من الغاز عبر مرفأ بلحاف.
ثم وفي خضم أحداث 2011 وما بعده تعرض أنبوب الغاز لعمليات تفجير أكثر من مرة، وفي 13 أبريل 2015م سيطر مسلحون قبليون موالون للرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي على قاعدتين عسكريتين كانتا تحرسان منشأة بلحاف وذلك بعد أيام من بدء التدخل العسكري للتحالف بقيادة السعودية في اليمن في 26 من مارس 2015م.
قررت الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال بعد سيطرة المسلحين القبليين إيقاف جميع عمليات إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال والبدء في إجلاء الموظفين نظراً لخطورة الوضع وتدهوره وخوفاً على سلامة العاملين.
ورغم أن الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال أبلغت شركة توتال الفرنسية أن المنشأة أصبحت تحت سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً بعد تحرير المحافظة من قبضة ميليشيا الحوثي في منتصف ديسمبر 2017م، إلا أن الإمارات حولت المنطقة إلى ثكنة عسكرية لقواتها ونقطة لإدارة القوات اليمنية التي شكلتها باسم النخبة الشبوانية.
ليأتي إعلان شركة توتال الفرنسية أنه لا يمكنها استئناف عمليات تصدير الغاز الطبيعي في ظل الوضع الأمني والسياسي المتدهور وغير المستقر.
وفي أغسطس 2019م حاولت قوات النخبة الشبوانية المدعومة من الإمارات الانقلاب على السلطة المحلية والاستيلاء على محافظة شبوة، أسوة بما فعلته الأحزمة الأمنية في محافظتي عدن وأبين لكن القوات الحكومية استطاعت طردها وأنهت وجودها من المحافظة، واستطاعت شبوة أن تتحول إلى نقطة انطلاق لتحركات الجيش الوطني وأهدافه في استعادة العاصمة المؤقتة الواقعة تحت قبضة ميليشيا المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيًا.