تباينت ردود فعل اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي، حول إعلان المجلس الانتقالي المدعوم من أبوظبي تعليق مفاوضاته مع الحكومة اليمنية بشأن تنفيذ اتفاق الرياض الذي ترعاه السعودية. 

واعتبر غالبية اليمنيين، إعلان الانتقالي التنصل من اتفاق الرياض، بمثابة انقلاب جديد من التسوية السياسية التي رعتها الرياض، وكانت على وشك الانتهاء، متهمين المجلس باختلاق أعذار ومبررات للخروج من الاتفاق، خدمة لأجنداته الخارجية ورغبتاً في عودة الجنوب إلى مربع الصراع والفوضى.

ايعاز إماراتي

وفي هذا الشأن، قال الناشط الصحفي مازن عقلان، إنه "لا يوجد سبب لإعلان الانتقالي تعليق مشاركته في مشاورات الرياض غير وصول أوامر إماراتية له باستئناف المواجهات وتفجير الوضع عسكريا في أبين ".

واستدل عقلان، بما أوردته وسائل إعلام من اندلاع اشتباكات في جبهة الشيخ سالم في أبين، حيث تحاول قوات الانتقالي مباغتة الجيش الوطني بهجوم مفاجئ لكن الأخير تصدى للهجوم وكثف الضرب المدفعي على القوات المهاجمة مما أدى لتراجعها".

أما الناشط عبد الملك الحميدي، ألمح في تعليق مقتضب له، إلى إيعاز إماراتي وراء تنصل المجلس الانتقالي من اتفاق الرياض، قائلاً: "  نعلم من يقف خلف تعليق اتفاق الرياض أما قادة الانتقالي فلا يملكون قرار عودة أسرهم إلى بيوتهم في عدن والضالع.."

فشل إسقاط مأرب

بدوره، ربط الصحفي توفيق السامعي، إعلان المجلس الانتقالي التنصل من اتفاق تنفيذ الرياض، بصمود مأرب أمام محاولة اسقاطها بيد الحوثيين.

وقال في منشور على فيسبوك، "صمود مأرب سيخرج كل الأفاعي من جحورها لتحدث المشاكل في اليمن لأن كل المشاريع المتربصة بها كانت تنتظر سقوط مارب، التي أفشلت كل المشاريع".

ورأى أن "إعلان الانتقالي اليوم الانقلاب على اتفاق الرياض هو أحد تجليات هذا الفشل، والصمود أيضاً".

الناشط والأكاديمي محمد البيل قال إن تعليق الانتقالي لمشاركته في مشاورات الرياض لها سببان رئيسيان، يتمثل الأول في فشل مخطط اسقاط مارب بيد الحوثي فما وافق المجل الانتقالي على بنود اتفاق الرياض.

ولفت إلى أن الانتقالي موعود بإسقاط مارب وتحرره من بنود الاتفاق، وهو يفسر استماتة ناشطي الانتقالي في دعم الحوثي في معركته الأخيرة على مأرب ومشاركتهم في نشر الدعايات خدمة للحوثي ودعما لتحشيده".

أما السبب الثاني بحسب البيل، فإنه يتمثل في "جماهير قوي الإتلاف الوطني الجنوبي والتي خرجت بمظاهرات حاشدة مؤيدة للشرعية والدولة الاتحادية، ما أسقط أكذوبة التفويض التي كان يسعى الانتقالي وداعموه لفرضها واقعا والظهور كممثل شرعي ووحيد للجنوب".

من جهته، أبدى الإعلامي توفيق الشرعبي، استغرابه من برود وتجاهل الاعلام ونشطاء مواقع التواصل عن انقلاب الانتقالي مجدداً عن اتفاق الرياض، متسائلاً: " لماذا كل هذا البرود؟ ماذا اصاب المواطن؟ لماذا لا يتفاعل الناس مع اعلان ‏الانتقالي الجنوبي تعليق مشاركته في المشاورات الجارية لتنفيذ "اتفاق الرياض" كما جرت العادة في مثل هذه الأخبار؟

الجنوب إلى مزيد من "الفوضى"

بدوره، قال الصحفي والناشط عامر الدميني، إن انقلاب الانتقالي يأتي بعد تصريحات لرئيس البرلمان اليمني سلطان البركاني بأن الحكومة قطعت شوطا كبيراً في تشكيل الحكومة الجديدة، كما يأتي بعد لقاء رئيس الحكومة مع الأحزاب والمكونات اليمنية للمشاورة حول تشكيل الحكومة، وبعد إعلان تعيين محافظ ومدير أمن لعدن من الشخصيات التابعة للمجلس.

وأضاف في منشور على فيسبوك، أن "بيان المجلس يعكس وجود خلاف بينه وبين الحكومة، لذلك سارع المجلس لتعليق مشاركته في المشاورات، لكنه قدم مبررات من الواضح أنه جرى سلقها واختلاقها، ولا ترقى في الحقيقة لمستوى اعتبارها مبررات منطقية".

وتابع: " ربما هناك من يدفع المجلس لاتخاذ هذا الموقف (إشارة للإمارات)، لإعادة لخبطة المشهد، وتصفير ما حصل من مشاورات رغم عدميتها وجدواها حتى اللحظة".

ورأي الصحفي الدميني، أن "المظاهرات التي شهدتها عدة مدن في جنوب اليمن وهي تعارض المجلس الانتقالي وترفض الاقصاء والتهميش واحتكار تمثيل الجنوب، كان لها دور أيضا في قرار تنصل المجلس الذي يبدو اليوم معرقلا للتسوية والحلول ومصدرا من مصادر الأزمات".

واختتم عامر حديثه بالقول: " لا مؤشر يمكن أن يبدو في الأفق سوى أن الجنوب قادم على مزيد من الفوضى، جراء هذه المواقف المخبوطة للمجلس الانتقالي، ومن يقف خلفه، ويمول كل هذه الفوضى والأجندة التي يقوم بها".

وفي وقت سابق، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي قرار تعليق مشاركته في مشاورات اتفاق الرياض بعج أقل من شهر على بدء تنفيذ الاتفاق، مبرراً ذلك باستمرار التصعيد العسكري للحكومة الشرعية في أبين، واستهداف من وصفهم بـ"المدنيين في شبوة وحضرموت والمهرة".

المجلس برر أيضا تعليق مشاركته بسبب عدم رعاية الحكومة لأسر الشهداء والجرحى الذين قاتلوا من أجل ما وصفه بالجنوب والمشروع العربي.

واتهم المجلس الحكومة اليمنية، بالتسبب في انهيار الخدمات العامة في محافظات الجنوب وانهيار العملة وعدم توفر السيولة النقدية، متجاهلاً استحواذه على أموال البنك المركزي، ومنع الحكومة من التواجد وممارسة عملها، وخلق مؤسسات اقتصادية لممارسة الابتزاز والجبايات لصالح قيادات المجلس.