آخر الأخبار
اتفاق الرياض .. هل يسمح الصراع غير المعلن بين الإمارات والسعودية بإنجاحه ؟
اتهامات متبادلة بين الحكومة الشرعية و"الانتقالي" بعرقلة تنفذ الاتفاق
الخميس, 17 ديسمبر, 2020 - 10:44 مساءً
بعد اسبوع من إعلان البدء في تطبيق آلية التسريع الملحقة باتفاق الرياض، لا يبدو أن هذه الخطوة قد خلقت الانطباع الذي يجعلها معقد آمال المتابعين من اليمنيين .
وكان تصريح مفاجئ قد صدر عن التحالف العربي يوم الخميس المنصرم ، وأكد على جاهزية الخطط العسكرية والأمنية الخاصة بتنفيذ الشق العسكري من الاتفاق ، قاطعا بذلك مسلسلا طويلا من الانسحابات والعودة إلى طاولة المفاوضات بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا .
وعلى الرغم من أن التحالف العربي قد عاد لاحقا لتأكيد سلامة الإجراءات والتزام الأطراف المتصارعة بالتعليمات، والتبشير باقتراب نهاية عملية إعادة انتشار القوات العسكرية المتحاربة ، فإن ذلك النجاح المفترض لم ينعكس في التداول الإعلامي الذي رافق الإجراءات ، حيث تابعت المنابر الإعلامية لكل من الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي تبادل الاتهامات حول جدية الطرف الآخر في المضي قدما بتطبيق ترتيبات آلية التسريع .
ويواجه تنفيذ اتفاق الرياض إجمالا مصاعب كبيرة تحد من فرص نجاحه ، ويمكن إجمال هذه المصاعب في الفروق الهائلة بين مصالح أطراف الاتفاق ، وإغفال الاتفاق للطبيعة الأساسية للأزمة التي هي بالأساس سعودية - إماراتية ، قبل أن تكون أزمة أهلية بين السلطة الشرعية والمجلس الانتقالي .
تفارق سعودي إماراتي
في تعليقه على إعلان الشروع في تنفيذ الاتفاق ، نسب وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش جهود المصالحة إلى المملكة العربية السعودية ، وهو ما يتوافق مع منحى الخطاب الإماراتي الذي يحرص على اتخاذ وضعية الشريك المساند للسعودية ، خصوصا منذ إعلانها سحب قواتها من عدن أواخر العام الماضي .
هذه الوضعية تمنح الإمارات هامشا أكبر للإفلات من تبعات نشاطاتها داخل اليمن ، وفيها أيضا قدر كبير من التذاكي على السعودية التي تحتل وحيدة موقع المسؤولية في حين تشغل الإمارات الموانئ والجزر عبر أدواتها المتمثلة بالمجلس الانتقالي .
تتذرع الإمارات بانسحابها الشكلي لكي تهرب من استحقاقات مواجهة جماعة الحوثيين التي هي على الورق العدو الأول لشريكي التحالف ، وتعتمد أيضا على الذريعة نفسها في الإفلات من الإلتزامات المالية نحو اليمنيين الذين تتهددهم المجاعة إلى حد كبير بسبب إصرار الإمارات على تجريد الحكومة الشرعية من أهم مصادر الدخل في البلاد .
وكانت الإمارات قد نفضت يدها من أي مساهمة في مؤتمر المانحين الذي دعت إليه السعودية مطلع يونيو من العام الحالي في تأكيد جديد على اعتزامها سلوك طريق مفارق لطريق السعودية في اليمن .
لكن الأهم من ذلك هو أن التراجع الإماراتي خطوة إلى الخلف عبر إعلان الانسحاب وتقليص وجودها في اليمن جاء أصلا في سبيل البحث عن مسافة آمنة للنيل من السعودية نفسها ، ويمكن تبين ذلك بوضوح من خلال الاطلاع على حقيقة أن المجلس الانتقالي الذي تدعمه أبو ظبي بكل وضوح قد نفذ انقلابه على السلطة الشرعية وأخرجها من عدن بعد مدة قصيرة جدا من أولى التصريحات الإماراتية بالانسحاب في يوليو 2019 ؛ وشكلت خطوة الانتقالي هذه أكبر ضربة للمخططات السعودية الرامية للخلاص من الحوثيين .
وطالما أن اتفاق الرياض قد تجاهل الحقائق التي مهدت للأزمة الراهنة بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي ، والتي تملثت في تعارض رغبة الإمارات في فصل الجنوب والاستئثار بقواه وموارده مع رغبة السعودية في الخلاص من النفوذ الإيراني في اليمن تحت مظلة السلطة الشرعية الوحدوية ، فإن الاتفاق سيبقى مجرد حل ترقيعي مؤقت سرعان ما يمكن أن ينهار مع إلحاح أبو ظبي على مشروعها الخاص وامتلاكها الأدوات اللازمة لتنفيذه .
ملف الاغتيالات
يبرز ملف الإغتيالات في صدارة الأدوات التي يمكن أن تستخدمها أبو ظبي في إفشال اتفاق الرياض ، خصوصا أنها قد اعتمدت على هذه الوسيلة منذ البداية في سبيل تعزيز سيطرة المجلس الانتقالي على عدن وبعض المحافظات الأخرى .
وكانت العديد من المواقع والصحف الإعلامية العالمية قد ربطت في تقارير عديدة عمليات الاغتيال التي تجري في المحافظات الجنوبية منذ سنوات بالتشكيلات العسكرية التي أنشأتها ودعمتها دولة الإمارات ، وهو ما يعني أن هذه العمليات قد تشهد تصاعدا مع تحركات السعودية لتنفيذ اتفاق الرياض .
كما أنه من المتوقع بالنسبة لكثيرين أن تسعى الإمارات لاستغلال الحضور المحدود لتنظيم القاعدة في بعض المحافظات الجنوبية لعرقلة الاتفاق، إما بتوظيف مباشر للتشكيلات العسكرية التابعة للقاعدة، أو من خلال استخدام مسمى القاعدة ونسبة عمليات الاغتيال إليه .