تباينت ردود الأفعال والقراءات السياسية لواقعة الهجوم الغامض الذي استهدف سفينة تابعة للبحرية البريطانية قبالة سواحل المهرة شرقي اليمن، غير إن تلك الآراء بمجملها تلتقي عند نقطة أن الحادثة تضيف ذريعة أخرى لتكريس التواجد العسكري السعودي في المهرة سواحلها.

وفي وقتٍ مبكر من صباح السبت، أعلن مركز عمليات التجارة البحرية البريطاني على موقعه الإلكتروني، أن هجوم استهدف سفينة قبالة ساحل اليمن، وتحديدا قبالة بلدتي نشطون وقشن، في محافظة المهرة إلا أن الهيئة قامت بتحديث الإشعار فيما بعد بأن "الواقعة انتهت" مؤكدة أن "السفينة والطاقم بخير"، دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.

تكريس الوجود الأجنبي

وفي تعليقه على الحادثة، يرى مدير مكتب الجزيرة في اليمن الإعلامي سعيد ثابت، أن تبعات الإعلان عن هجوم من هذا يعني تعزيز الوجود الأجنبي في المهرة وحضرموت.

ولفت في حديث لقناة الجزيرة، الى أن العملية لم تحدد طبيعة الهجوم والجهة التي تقف ورائها لكن هي ليست المرة الأولى، ففي 17 مايو الماضي تعرضت سفينة بريطانية قبالة سواحل المكلا لهجوم وهي سفينة تجارية، هذه المنطقة ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها سفينة لهجوم.

وأشار ثابت الى أن ما يكرس مزاعم السعودية عن إن تواجد قواتها لمكافحة التهريب والإرهاب، هو الإعلان عن هذا الهجوم، الذي جاء بعد أيام من زيارة السفير الأمريكي لمحافظة المهرة ولقاءه قيادات السلطة المحلية وإشادته بجهود قوات خفر السواحل لمكافحة ما وصفها بالتهريب.

إخفاق التحالف

وقال إنه سيجري التعامل مع الوضع باعتبار ما تعرضت له السفينة البريطانية تهديد لحركة التجارة العالمية، في منطقة تعتبر ممر تجاري قريب من سواحل عمان ومضيق هرمز وهو موقع استراتيجي وممر حيوي دولي للتجارة العالمية ومنها النفط والبضائع الأخرى.

كما تشير الحادثة بحسب الإعلامي سعيد ثابت الى إخفاق التحالف في حماية هذا الخط التجاري البحري، حيث يقدم نفسه على أنه يحمي اليمن، رغم التواجد العسكري السعودي في محافظة المهرة، ووجود قوة عسكرية إماراتية في المكلا.

وأكد السلطات اليمنية عندما كانت تدير سواحلها، كانت العمليات التي تستهدف التجارة العالمية محدودة جداً، وربما يكون ذلك فشل أو لتبرير وجود عسكري سعودي أكثر، بحيث تصبح الوصاية العالمية على اليمن ذات جدوى وفق هذا السيناريو.

سيناريو سعودي

أما الباحث السياسي محمد مصطفى العمراني، فيشير الى أن هذا الحادث الغامض، جاء بعد يومين من زيارة غامضة قام بها السفير الأمريكي لدى اليمن كريستوفر هينزل، إلى الغيضة وتحدث خلالها عن دور واشنطن في محاربة الإرهاب بالتزامن مع تقارير عن وجود قوات أمريكية في الغيضة اضافة للقوات السعودية.

وقال في حديثه لـ"المهرية نت" إن هذه التطورات جاءت في خضم انتشار مكثف للقوارب العسكرية السعودية في سواحل المهرة مؤخراً، وخصوصا في الساحل الشرقي للمحافظة من قبالة "ميناء نشطون" وصولا إلى ساحل مديرية "حصوين".

وقد جاء بعد ذلك تصريحات البحرية البريطانية، التي أكدت حدوث هجوم يستهدف سفينة تجارية بريطانية قرب شواطئ المهرة ومن سفن مجاورة وقد انتهت والطاقم والسفينة بخير دون ذكر مزيدا من التفاصيل، إضافة إلى ما نشر بالأمس عن القبض على مهربي مخدرات في الغيضة وبحوزتهم كميات من المخدرات.

ويضيف الباحث العمراني إن كل هذه الحوادث التي تمت خلال فترة أيام، تؤكد وجود سيناريو سعودي لتزيد السعودية من وجودها وقواتها في المهرة بذريعة محاربة الإرهاب.

ضرب الاعتصام السلمي

وأوضح أن السعودية تريد إعطاء ذريعة لتواجدها في المهرة ولاستقدام قوات جديدة ولضرب الحراك الشبابي، والمناهض لوجودها، بذريعة إن هذا الحراك الحقوقي السلمي يعطل مهامها في محاربة الإرهاب في المحافظة، ولذا ستضغط على السلطات المحلية لإنهاء هذا الحراك السلمي الرافض لوجود قوات سعودية في المهرة.

وقال الباحث محمد مصطفى العمراني إنه بات من الواضح إن السعودية والامارات يريدان تعزيز وجودهما في المهرة تحت لافتة محاربة الارهاب، وهو إرهاب مفتعل ولا وجود حقيقي له.

وأشار الى أنه ورغم زيف الادعاءات السعودية، فلو كانت الرياض جادة في محاربة ما تسميه الارهاب في المهرة، فعليها دعم قوات الجيش اليمني وقوات الأمن الرسمية بالدعم اللازم وستقوم هذه القوات بحماية المحافظة من الارهاب والتهريب وعلى أكمل وجه.