آخر الأخبار
كيف ساهمت الحرب في ارتفاع نسبة الأمية باليمن؟( تقرير خاص)
مركز لمحو الأمية
الإثنين, 09 سبتمبر, 2024 - 10:56 صباحاً
يحتفي العالم في الثامن من سبتمبر كل عام، بحلول اليوم العالمي لمحو الأمية، منذ عام 1967م بهدف تذكير واضعي السياسات والأخصائيين وعموم الجمهور بأهمية محو الأمية الحاسمة وإنشاء مجتمعات أكثر استدامة وعدلاً وسلاماً وإلماماً بمهارات القراءة والكتابة دون تمييز. بحسب منظمة اليونسكو.
وتعمل العديد من دول العالم في هذه المناسبة على عرض إنجازاتها، التي حققتها في سبيل تعليم مجتمعاتها اللغات العالمية بالإضافة إلى الجانب الرقمي والتقني، بالتزامن مع الأوضاع التي تعانيها اليمن اليوم جراء الحرب المستمرة منذ مطلع 2014م.
وخلفت الحرب تدهورا بالغًا في مختلف القطاعات، لا سيما الجانب التعليمي، إذ أصبح في أسوء حالاته، بالعديد من المحافظات اليمنية، جراء عدم توفر الكتاب المدرسي، وتقلص الكادر التعليمي، وذهاب بعضهم لسوق العمل، وغياب التوظيف، والدمار الذي حصل لآلاف المدارس، واتخاذ بعضها كثكنات عسكرية أو مأوى لنازحين.
كما توقفت الكثير من مراكز محو الأمية عن العمل، وعزف العديد من الكوادر التعليمية، جراء غياب التحفيزات المقدمة من الصندوق الاجتماعي وتدهور الأوضاع المعيشية لدى السكان اليمنيين ما أدى إلى ارتفاع نسبة الأمية في الأرياف إلى 70% وفي المناطق الحضرية بنسبة 40% بحسب إحصائيات محلية ودولية.
وأوضح تقرير حديث صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء التابع لجماعة الحوثي- بأن :"عدد الأميين، ضمن الفئة العمرية من 10 سنوات وأكثر، بلغ 6.3 مليون أمي وأمية، أي ما يمثل 29.2% من إجمالي عدد سكان اليمن المقدر عددهم بـ30 مليون نسمة، مشيراً إلى أن ذلك يجعل "الأمية من أكبر تحديات مسيرة التنمية في البلاد".
ولفت التقرير إلى أن نسبة الأمية في أوساط النساء تزيد عن 60% في بعض المحافظات في اليمن، معتبراً أن الحديدة تعد الأعلى، حيث وصل أعداد الأميين والأميات فيها إلى أكثر من 1,2 مليون، 62% منها من الإناث.
بهذا الشأن، يقول" عبدالرحمن المقطري". الأمين العام لنقابة المعلمين إن:" الحرب الدائرة في البلاد وما يرافقها من توقف الأعمال والخدمات، واستمرار عملية النزوح والتشريد وإغلاق العديد من الطرق الرئيسية وتدمير البنية التحتية بما فيها الكثير من المدارس والمساجد ومراكز تعليم محو الأمية ، وتوقف صرف مرتبات المعلمين الرسميين أو المتعاقدين، تسبب في إيقاف العمل بمراكز محو الأمية وأصبح الهم المعيشي للعاملين في هذا المجال مسيطرا على الجميع".
وأضاف لـ" المهرية نت " في فترة قبل 2018م حاولت بعض المراكز التعليمية معاودة العمل لكنها لم تستمر بسبب افتقاد الأمان النفسي والمعيشي لجميع المعلمين أو الدارسين في مراكز محو الأمية".
وتابع "أغلب المعلمين أو الدارسين من فئة الشباب يهتمون في توفير لقمة العيش لأسرهم، ولذلك لجأ العديد منهم إلى الهجرة خارج الوطن أو الذهاب إلى سوق العمل، ما تسبب بحدوث كارثة مستقبلية في الجانب التعليمي".
وأشار إلى أن" " نسبة الأمية في اليمن كانت قبل عام 2015م 45% في وسط كبار السن رجالا ونساء، وخلال سنوات الحرب ارتفعت هذه النسبة وتجاوزت 65 بالمئة".
وحول تأثير عزوف المعلمين والطلاب عن التعليم الحكومي في المدارس بسبب البطالة يقول" المقطري" لـ المهرية نت" إن:" عزوف المعلمين الرسميين المتميزين عن العملية التعليمية يبعث رسالة سلبية للطلاب ويسهم في بناء جيل غير مدرك لجميع المعارف، خصوصا أن بعض المناطق تعمل على تغطية عجز العملية التعليمية بمتطوعين ومتطوعات غير مؤهلين".
وأكد أن "قصور الوعي لدى بعض الطلاب وأولياء الأمور عن أهمية العلم والتعلم وفائدته للأفراد ولوطنهم ، يؤدي إلى الضياع نتيجة الفراغ وعدم توفر الأعمال في سوق العمل خاصة في ظل استمرار الحرب ".
وأضاف" عدم حصول الطلاب على دورات تأهيلية أو طاقة تمكنهم القدرة على العمل، لصغر سنهم يتعرضون إلى الانحراف السلوكي والأخلاقي أو الاستقطاب والتحشيد إلى جبهات القتال".
وتابع" بعض الأسر تقترض نقودًا أو تبيع جزءا من أملاكها وتسفر أطفالها إلى خارج الوطن، للعمل في أي مهنة، ويتعرضون إلى الاستغلال من قبل الدول التي يسافرون إليها، ويرضون بأقل الأجور جراء عدم امتلاكهم الخبرة أو القدرة على العمل ويؤدي ذلك إلى خسارة كبيرة على اليمن ".
وشدد "المقطري" على ضرورة "التوعية بأهمية العلم والتعليم من خلال برامج ثقافية وإعلامية وإقامة محاضرات وندوات إعلامية وثقافية، وفتح ورش تأهيلية وتدريبية تستهدف الأسر غير المتعلمة أو التي ليس لها اهتمام بالتعليم وتشجعهم على ضرورة الالتحاق بالتعليم".
واختتم حديثه قائلاً:" يجب أن تتكاتف وتتظافر جهود الدولة مع المنظمات الدولية والمشاركة المجتمعية لتحقيق التعليم للجميع وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتعليم الكبار".
*توقف مراكز محو الأمية
بدوره، يقول" عبد الرقيب الصيار". مسؤول محو الأمية في مديرية الصلو التابعة لمحافظة تعز إن:" الحرب تسببت بتوقف جميع مراكز محو الأمية في مديرية الصلو، ونزوح الكثير من السكان إلى العديد من المناطق في اليمن".
وأضاف لـ" المهرية نت" بعد تحرير المنطقة وعودة السكان إليها، عام 2016م حاولت المطالبة بفتح مراكز محو الأمية من جديد في المديرية، لكن الكثير من المعلمات تم استقطابهنَّ من قبل المدارس لتعليم الأطفال بسبب نقص الكادر التعليمي فيها ويحصلنَّ على مرتبات بشكل منتظم أفضل من الحوافز التي قدمها الصندوق الاجتماعي قبل الحرب بكثير".
*غياب الدعم المادي
وتابع" وافقت الكثير من خريجات الثانوية العامة على تعليم النساء كبار السن محو الأمية، لكن الصندوق الاجتماعي، رفض تقديم تحفيزات لهنَّ، بحجة أن الدعم شحيح ولا يكفي لتغطية المراكز المفتوحة في بعض المناطق الحضارية".
وأردف" المشكلة الأخرى أن موسم الزراعة خلق للنساء أشغالا في المديرية ولا يستطعنَّ الالتحاق في مراكز تعليم محو الأمية، ولذلك وضعتُ خطة مناسبة لفتح مراكز محو الأمية في أوقات فراغ النساء من الموسم الزراعي، والاهتمام بالجانب التعليم، وقدمتها للصندوق الاجتماعي ونتمنى أن يوافقوا عليها، وأن يصرفوا حوافز للمعلمات الجدد بالإضافة إلى كتب تعليمية؛ كونها غير متوفرة منذ نشوب الحرب".
وأشار إلى أن" البطالة أجبرت الكثير من الطلاب على العزوف عن التعليم والذهاب إلى سوق العامل، بغية توفير لقمة العيش لأسرهم، على الرغم من أنهم يحبون التعليم، ويجيدون القراءة والكتابة".
وبيَّن "الصيار" بأن" أسرته أجبرت ابنه الأكبر على التوقف عن مواصلة تعليمه الجامعي في كلية التجارة، بسبب تدهور الأوضاع المعيشية، ومحدودية راتبه، والذي أصبح لا يساوي 200سعودي جراء تدهور العملة".
وأكد بأن" الطلاب الذين يعزفون عن مواصلة التعليم وهم في الصفوف العليا لا يعتبرون أميين، لأنهم يجيدون القراءة والكتابة عكس الذين يحرمون من الالتحاق بالتعليم ".
وأفاد "الصيار" بأن" الأطفال الذين لم يلتحقوا في التعليم منذ الصغر يشكلون 5% في كل قرية، وتعد أسرهم أشد فقرًا، ولا تستطيع توفير مقومات العيش، ناهيك عن مستلزمات الدراسة".
*الحرب وارتفاع نسبة البطالة
الحرب تسببت في ارتفاع نسبة البطالة بين اليمنيين إلى 60% و أصبح ما يقارب 80% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، مما أثر على معلمي محو الأمية، والطلاب المقبلين إلى المراكز وأسهم في إغلاقها.
في السياق ذاته، تقول "أمة الرحمن عبده" -50عامًا- معلمة محو أمية إن:" مراكز محو الأمية أغلقتْ في عام 2014م جراء الحرب وما خلفته من توقف طباعة كتب تعليم الكبار، وغياب التحفيزات المقدمة من الصندوق الاجتماعي للتنمية للمعلمات، و ارتفاع نسبة البطالة لدى السكان".
وأضافت لـ" المهرية نت" في بداية عملي عام2011م علمتُ دفعة واحدة ثلاث سنوات مكونة من 70طالبة، يتراوح أعمارهنَّ ما بين 15إلى 45عامًا، الثلاث المراحل، والكثير منهنَّ حصلنَّ على درجات متميزة، ويتقنَّ القراءة والكتابة والإملاء والعمليات الحسابية".
وتابعت "كان بمقدرهنَّ الالتحاق بالتعليم الحكومي من الصف السابع، بحسب التعليمات التي قدمتها لنا مسؤولة محو الأمية سابقًا، لكن العديد من النساء لم يقبلنَّ المواصلة بسبب كبر سنهنَّ والمسؤوليات التي يتحملنَّها ".
وأردفت" توقف التعليم في مطلع عام 2014م وحاولتُ عام 2016م إعادة مواصلات تعليم محو الأمية للنساء، وكان عدد المقبلات 50 طالبة واستمريتُ سنتين في التعليم، دون كتب، لأن المسؤول عن الكتب في السابق كان يأخذها ويوزعها لمراكز أخرى، لكن هذه الفترة لم تتوفر الكتب وعملتُ على تعليم الطالبات لمدة عامين من ملخص من الكتب كتبته في خط اليد سابقا ".
وواصلت" توقف التعليم خلال الفترة الثانية جراء عدم توفر كتب للطالبات، وغياب الحوافز المالية من قبل الصندوق الاجتماعي والجهات المانحة، وتدهور الأوضاع لدى السكان".
وأشارت إلى أن" غلاء الأسعار وتدهور الأوضاع المعيشية أجبر الكثير من الأسر أن تلقي بأطفالها في سن الدراسة إلى سوق العمل، مما يؤثر سلبًا على مستقبل الشباب في اليمن".