آخر الأخبار
هل طالت أضرار الإعصار تيج شجرة دم الأخوين في سقطرى؟
يحدث تساقط كبير لأشجار دم الأخوين في سقطرى- تصوير/ عبدالله بدأهن
الأحد, 05 نوفمبر, 2023 - 10:06 مساءً
في أواخر شهر أكتوبر من العام الجاري تأثرت جزيرة سقطرى بالإعصار تيج الذي ضرب عدة مناطق في محافظتي المهرة وحضرموت وخلف أضرار واسعة ودمار شامل في الممتلكات العامة والخاصة.
ورغم أن الإعصار تسبب في أضرار قصيرة المدى في الأرخبيل، إلا أن هناك أضرار طويلة المدى طالت التنوع الحيوي الفريد الذي تنفرد به الجزيرة وخاصة أشجار دم الأخوين وغيرها من الأشجار المستوطنة داخل الجزيرة.
ويقول خبراء البيئة إن العواصف والرياح العاتية المرتبطة بالأعاصير يمكن أن تؤدي إلى تجريد مساحات شاسعة من الخط الساحلي وتآكل الشواطئ والكثبان والنظم البيئية الساحلية الحساسة.
ويرون أن فقدان الحواجز الوقائية والموائل الطبيعية يجعل المجتمعات الساحلية عرضة للعواصف المستقبلية ويزيد من حجم الدمار الذي ستحدثه. إن تدمير الموائل مثل الشعاب المرجانية وغابات المانغروف له آثار بيئية بعيدة المدى، مما يؤثر على التنوع البيولوجي البحري ويخل بالتوازن الدقيق للنظم البيئية الساحلية.
كما تؤثر على هيكل ووظيفة النظم الإيكولوجية للغابات الساحلية والأراضي الرطبة، وغالبا ما تتعرض النظم البيئية للغابات الساحلية، بما في ذلك غابات المرتفعات، ومستنقعات للمانجروف ، والأراضي الرطبة الحرجية إلى ضرر كبير من رياح الأعاصير، والتي يمكن أن تقتلع الأشجار وتفسد النباتات تماما.
وقبل صول الإعصار إلى الأرخبيل كان السكان يتذكرون المشكلات البيئية والمجتمعية طويلة المدى التي عانوا منها بسبب إعصارا تشابالا وميغ قبل أكثر من 8 سنوات وبسببها تدمرت الشعاب المرجانية وتآكلت التربة واقتلعت العديد من النباتات النادرة التي لا توجد إلا في سقطرى، بما في ذلك شجرة دم الأخوين.
ومر إعصار تيج من الجزيرة بسلام دون أي خسائر في الأرواح لكن الفيضانات الناجمة عنه أدت إلى إتلاف المنازل والبنية التحتية، بالإضافة إلى أنه تسبب في سقوط بعض الأشجار المعمرة وتدمير شعاب مرجانية.
يقول الخبير في تراث سقطرى الثقافي والطبيعي أحمد الرميلي إن الإعصار مر من الجزيرة بسلام ولم يخلف أضرار واسعة.
وأضاف في تصريح ل "المهرية نت "، أنه لا توجد أضرار كبيرة وكان الإعصار خفيف على سقطرى.
وأفاد: هناك تساقط ملحوظ في أشجار دم الأخوين في موطنها الأصلي في محميات دكسم وفرمهن ، لكن لم يكن كثيرا.
وأوضح أنه في الجانب الشرقي للجزيرة المكان الذي مرت منه عين الإعصار يوجد تساقط لبعض الأشجار وأكثرها أشجار منزلية مزروعة.
من جانبه يقول رئيس جمعية سقطرى للحياة الفطرية ناصر عبد الرحمن أحمد إن الإعصار تيج ضرب أرخبيل سقطرى في 21 أكتوبر، ونجم عنه أضرار في البنية التحتية وكذلك في الطرقات وخاصة في الجانب الشرقي من الجزيرة حيث كانت شدة الإعصار قوية جدا مما أدى إلى انقطاع شبكة الاتصالات وانقطاع الطرقات.
ويرى في تصريح ل "المهرية نت"، في الغالب خلف الإعصار تأثير بشكل كبير على التنوع الحيوي من خلال أولا انجراف التربة وكذلك سقوط عدد من الأشجار المعمرة مثل أشجار دم الأخوين وكذلك أشجار اللبان وأشجار الخيار السقطري .
وتابع: إن الأهالي في منطقة فرمهن البرية التي اعلنت مؤخرا محمية بقرار رئيس الوزراء التي كانت في السابق متنزه وطني حسب خطة تقسيم سقطرى، وتشتهر بأكبر غابة للدم لأشجار دم الأخوين، تحدثوا عن تأثر المحمية بالإعصار الأخير وأدى إلى سقوط عدد من الأشجار فيها وخاصة أشجار دم الأخوين.
وأكد أنه في البيئة البحرية لوحظ تأثيرات للإعصار على الشواطئ، ووجد السكان والصيادين عدد من الشعاب المرجانية التي جرفتها الأمواج إلى الشاطئ، الأمر الذي يشكل خطر على سبل العيش للصيادين، نظرا لأن الشعاب المرجانية هي مراعي للأسماك وبيئة تكاثرها.
تغير المناخ يهدد سقطرى
وتقول التقارير والبحوث البيئية إن الأنواع التي لا تعد ولا تحصى والتي تتخذ من سقطرى موطنًا لها تواجه تهديدات خطيرة، بدأت في خريف عام 2015، عندما ضرب إعصاران الأرخبيل في غضون أسبوع واحد، وكانت هذه هي المرة الأولى منذ بدء حفظ السجلات التي تتشكل فيها أنظمة الطقس القوية في مثل هذا القرب الزمني في بحر العرب. وتعرضت البنية التحتية في سقطرى للدمار، ونزح 18 ألف شخص، أي ثلث السكان.
وتصف اليونسكو سقطرى بأنها "جزر فريدة ذات ثروات طبيعية وثقافية غنية ولكن منذ عام 2015، أصبحت الشعاب المرجانية المميزة والنباتات والأنواع النادرة في الجزيرة معرضة للخطر بسبب التغير المناخي السريع.
ولا تزال الأعاصير تؤثر على السكان الأصليين، الذين يخشون ألا تفعل الحكومة شيئًا لمعالجة تغير المناخ وآثاره عليهم وعلى التنوع البيولوجي للجزيرة، والمدرج ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو.
ويرون أن الأعاصير المتكررة في الأرخبيل ستجعل الناس أقل أمانًا وأقل قدرة على مكافحة تغير المناخ، مؤكدين أنه على مدى السنوات العشر الماضية، تسببت الأمطار والأعاصير والفيضانات في أضرار جسيمة وماتت على أثرها العشرات من الأشجار المعمرة والفريدة.
ويقول صندوق الآثار العالمي (WMF) إن المناخ المتغير يهدد التنوع البيولوجي في أرخبيل سقطرى، والتراث المعماري، والتقاليد الثقافية، وطرق المعيشة المحلية.
ويؤكد خبراء وباحثون على أهمية وضع استراتيجيات وخطط للتكيف مع تغير المناخ والعمل على تقليل الآثار البشرية الناجمة عن الأنشطة التنموية غير المخططة، مثل تغيير استخدامات الأراضي، وملء المسطحات المائية بالنفايات الصلبة، والرعي الجائر، وصيد الأسماك.
ومؤخرا دعت دراسات بحثية متعلقة بالمناخ إلى إنشاء نظام إنذار مبكر للأعاصير مرتبط بمراكز الإنذار في سلطنة عمان والهند، وترى أنه لكي تحافظ سقطرى على تنوع حيواناتها ونباتاتها، من الضروري التوقف عن البناء على طول الساحل، والتوقف عن تدمير الشعاب المرجانية، التي تساعد في تقليل أضرار الأعاصير، وإعادة زراعة النباتات المحلية المهددة بالانقراض مثل شجرة دم الأخوين.