آخر الأخبار

في يومه العالمي.. تراث اليمن السمعي والبصري مهدد بالخطر (حوار خاص)

الباحث والفنان التشكيلي محمد سبأ

الباحث والفنان التشكيلي محمد سبأ

المهرية نت - حاوره/ سامح صالح
السبت, 28 أكتوبر, 2023 - 11:41 صباحاً

يتمتع اليمن بتراث ثقافي متنوع يمتد إلى مسار البخور في الممالك العربية الجنوبية وعلى مدى ألف عام خلال العصر الإسلامي المزدهر.

 

وبقايا هذا التراث، المادي وغير المادي، مرئية اليوم، مثل المباني الأثرية، والنحت، والعملات المعدنية، والمصنوعات الذهبية والفضية، ونقوش التنوع اللغوي، وإنتاج المخطوطات، والأزياء، والشعر، والرقص.

 

ويقول الخبراء والباحثون في مجال التراث إن هذا الكنز الثقافي الذي لا يقدر بثمن مهدد بالخطر، وبسبب الأحداث المتسارعة التي تشهدها البلاد والنزاع المسلح الذي يتجدد بين الحين والآخر، يواجه المهتمون والناشطون في مجال حماية التراث الثقافي المادي وغير المادي العديد من التحديات الكبيرة.

 

وفي تفاصيل هذا اللقاء الخاص- الذي أجراه  "المهرية نت " بالتزامن مع اليوم العالمي للتراث السمعي والبصري (27 أكتوبر/ تشرين الأول) - يتحدث مدير عام الدار اليمنية للكتب والتراث في القاهرة، الباحث في التراث الثقافي والفنون محمد سبأ عن التراث السمعي والبصري الهام والمؤثر على حياة الشعب اليمني وكيف تأثر بالحرب الدائرة في البلاد والمخاطر التي يواجهها.


ويرى سبأ أن التراث السمعي هو كل الفنون المسموعة والمتوارثة منذ القدم.

 

ومن أمثلة ذلك المهاجل الشعبية والأغاني الشعبية بأنواعها مثل الملالات والبالة والدان والشعر الشعبي، وأيضا الأغاني التي ترددها النساء مع هدهدة الأطفال، ومع الاحتطاب في الجبال، والأغاني في الزراعة ومع أغاني طحن الحبوب هذه كلها تراث سمعي.


ويذهب إلى أن التراث السمعي يوجد أيضا في مجال الموسيقى، يعني هنا كالأغاني التي تردد أو مهاجل . وأيضا التراث الموسيقي السمعي مثل الناي والمزمار والعود والعزف وصوت المعزوفات والطبلة والدبكة.


ويفيد أن كل ما ذكرناه هو تراث متوارث منذ القدم نسمعه، ونقرب إليه حتى على مستوى الشعر الشعبي، وأيضا التراث السمعي يوجد في الحكايات والنكت وحتى على مستوى القصص الشعبية هذه كلها تراث سمعي.


وحول التراث البصري يفيد محمد سبأ أن التراث البصري يقصد بكل ما هو مرئيا وما هو متوارث منذ القدم على سبيل المثال الزخارف على العمارة الشعبية تعتبر تراثا بصريا قديما جدا.. البيوت من الداخل والنوافذ زخارف الأبواب، وزخارف الأزياء الشعبية الحنة الخضاب والزخرفة على الجسد كلها تراث بصري.

 

ويرى أن التراث البصري بشكل عام هو كل ما هو مرئي بالعين ومتوارث وينتمي إلى الشعب ومن إنتاج الشعب.

 

ويعود إلى الشعب كفن خاص به وخاص بالبيئة والمنطقة ثقافة فهو تراث شعبي تبعث متوارثا سواء كان سمعي أو بصري.

 

يضيف: أيضا هناك الفنون التشكيلية الشعبية كالرسومات على الأبواب، وعلى النوافذ وعلى المنازل.. حتى الرسوم التي كانت ترسم بطريقة شعبية على الجدران أو اللوحات التي ترسم بطريقة شعبية وليست أكاديمية تدخل تحت التراث البصري ولن أستثنى منها فقط إلا الفنون التشكيلية التي تدرب في الجامعات بطريقة أكاديمية وتدخل ضمن المدارس الحديثة هذه ليست تراثا بصريا لأنها ليست منتمية إلى التراث القديم في البلد.

 


*أهمية التوثيق والحماية 

 

ويرى أن أهمية توثيق المواد السمعية والبصرية تكمن في أنك تقوم في هذه الحالة بتوثيق التراث الشعبي السمعي والبصري وحفظه للأجيال القادمة لأن استمرار التراث يقترن أيضا بالتوثيق، فتوثيق التراث يحافظ عليه من الاندثار.. أيضا الذي يوثق التراث أكثر هو استمرارية هذا التراث.


ويضيف: هناك تجربة مثلا القنبوس قام بها البيت اليمني للموسيقى في صنعاء بقيادة الأستاذ فؤاد الشرجبي قام بتوثيق الأغاني الشعبية القديمة والموسيقى والأسطوانات القديمة وحولها إلى أرشيف حديث هذه تدخل ضمن التوثيق.. يعني لولا هذا التوثيق وسماعه للفنانين الجدد وإعادته لما تمت حمايته وحفظه للأجيال القادمة.

 

وأيضا التراث البصري يحتاج إلى تجديد، ونحافظ على زخارف عماراتنا الشعبية في بيوتنا، وفي الوقت الحاضر نحاول أن نزخرف الأبواب والنوافذ بالطريقة القديمة.

 

ويشير إلى أهمية الاستمرار في عمل الرسوم الشعبية مثل الحناء والأزياء الشعبية، وتطريز السيم على الجنابي والتطريز اليدوي على الملابس النسائية كل هذا التراث بصري. وأيضا الموسيقى الشعبية يتم توثيقها وحمايتها للأجيال القادمة.

 

ويؤكد الباحث  على أهمية الاستفادة من التراث السمعي والبصري وأي تراث آخر في تعزيز الوعي الثقافي مهم جدا يعني نستطيع أن نجعل من هذا التراث مادة للتوعية الثقافة والفنون المتوارثة، أيضا نستطيع أن نساهم في توعية المجتمع من خلال الفنون عن طريقة إدخال هذه الفنون إلى المسرح في التمثيل في الإذاعة المدرسية.


وفي عمل أمثلة للشباب في الاحتفالات والمناسبات عن طريقة إضافته إلى المناهج المدرسية، فهذا يساهم أيضا في حفظ التراث ونقله للأجيال القادمة من خلال التعليم.


يتابع: يمكن أيضا للتراث السمعي والبصري أن يساهم في تعزيز الوعي الثقافي من خلال ممارسة هذا التراث في المدارس وفي الجامعات وفي مراكز تعليم الفنون يساهم ذلك في ربطها في المناهج المدرسية. وربطها بالمواد التعليمية أيضا ربطها بالإبداع والفن في مختلف المجالات. وذلك من أجل الحفاظ على التراث ومن أجل أيضا إضافة لمسة فنية وإبداعية على التراث الثقافي.

 

*تحديات التراث السمعي والبصري

 

وحول التحديات التي التي تواجه التراث السمعي والبصري في اليمن يرى الباحث سبأ" في الدرجة الأولى دخول آلات حديثة على التراث السمعي ودخول أيضا أنماط جديدة من العمارة من الزخارف والفنون على التراث البصري. وأيضا عزوف الناس عن الفنون التراثية واتجاههم إلى الفنون الحديثة" .

 


يضيف أن أيضا الحروب والصراعات من أكثر التحديات التي أدت إلى ترك الكثير من الفنانين للفنون والتراث وأيضا توجههم إلى العمل وترك الفنون والإبداع الذي يتميزون في مجالاتهم المختلفة.


ويذهب إلى أن هناك الكثير من الاندثار وقع للتراث اللامادي بسبب عدم توثيق تدريسه في جامعات وفي أكاديميات، وكذلك يؤدي إلى اندثاره أيضا عدم الاهتمام بهذا التراث وتعليمه في الجامعات والمدارس أيضا عدم وجود جامعات وأكاديميات متخصصة بتدريس التراث.

 

وأردف : نحن في اليمن للأسف لا يوجد لدينا إلى الآن كلية فنون في العاصمة على سبيل المثال يعني توجد محاولات أو معاهد لكن أو أقسام في كليات أخرى، لكن يجب أن يكون هناك كلية أو جامعة متخصصة بتدريس الفنون ويتم افتتاح كلية للتراث الثقافي وهذه الكلية تدرس التراث بمختلف مجالاته سواء سمعي أو بصري أو لفظي أو أيضا تراث أداء كالرقصات الشعبية والألعاب وغيرها.


*اندثار التراث السمعي والبصري 


يورد الباحث محمد سبأ بعض من التراث اليمني المفقود مثل "القنبوس" الذي تم إعادته الآن بمحاولات من بعض الشباب والمهتمين، مضيفا: لولا إعادة هذا التراث كان اندثر، وهناك الكثير من الآلات التي اندثرت وأنواع من الناي وكلها اندثرت.


كان هناك آلات عزف نشاهدها في شبوة في مأرب تشبه آلة التنبورة وهي آلات يمنية قديمة كان هناك أيضا آلات عزف خاصة في اليمن المسمار بأنواع متعددة آلات دفوف والطبول أيضا كان هناك أغان شعبية قديمة تغنى ومهاجل اندثرت لم تعد ترددا يعني اختفت من الواجهة، ومهاجل شعبية فنون البالة والدان الملالة التعزية هناك محاولات فقط لإعادتها مثلا هناك الفن العديني.


يتابع: هناك أغان في ريمة خاصة، وكان هناك أغان شعبية تردد مع العمل مع الحصاد مع الزواج يعني كثيرا من هذه الفنون والتراث السمعي والبصري اندثرت. 


أيضا كما قلنا في زخرفة المباني ضمن التراث البصري عند الثبات في أغلب المدن الحديثة وأصبح الناس يبنون بنماذج وطرق جديدة هذا طبعا من الموضوعات التي فقدت في التراث ويجب محاولة إحيائها وإعادتها من جديد.

 

*دور المجتمع المحلي في الحفاظ على التراث السمعي والبصري

 

وحول سبل الحفاظ على تراث اليمن غير المادي يشير الفنان محمد سبأ إلى أهمية ممارسة هذا التراث، وألا نتحرج منه، بل نفتخر به كتراث محلي.

 

ويشدد على أن نفتخر بتراثنا في البناء والمناسبات المختلفة، نمارس طقوسنا الفنية مثل الحناء، والملابس التقليدية، وايضا بناء زخارف على المنازل، وممارسة جميع أشكال التراث البصري من لوحات تشكيلية، تحف فنية مرتبطة بتراثنا البصري.

 

كما يشدد على ضرورة الاستمرار في الصناعات اليدوية والحرفية كونها جزء من التراث البصري، وايضا حتى على مستوى الصناعات اليدوية مثل السعف والاطباق المزخرفة، وكل هذي تدخل ضمن ما هو مرئيا ويحمل تراث قديم ومتوارث يعتبر تراثا بصريا، مؤكدا دور المجتمع يكمن في اقتناء هذه الاشياء ودعم الناس التي تصنعها وتبدع في إخراجها.


يتابع: أيضا التراث السمعي نعيد سماع تراثنا القديم نشجع الفنانين الذين يقومون بإحيائه. ايضا نحاول ان نحافظ على هذا التراث القديم بالطرق الحديثة على اليوتيوب على اسطوانة على الصفحات وهكذا يتم توثيقه وما يضمن نقله الى الاجيال القادمة.

 

ويرى أن إحياء هذا التراث هو أفضل الطرق لبقائه، بمعنى اذا قمنا بإعادة احيائه كما حصل في تجربة القنبوس واعادته وتعليم الشباب من خلال دورات العزف عليه هذا يضمن استمراريته واستدامته، وتعليم الحرف والصناعات التقليدية والفنون المعمارية والزخارف وتعليم مثلا تطريز الأزياء، وتعليم صناعة الحلي وصناعة التحف، كل هذه تدخل ضمن التراث البصري طبعا يحميها للمستقبل وخاصة ونحن نعاني من الصراعات والحروب التي اسهمت بشكل كبير في اندثار الكثير من هذه الفنون.

 

ويحث على ضرورة الحفاظ على التراث اليمن وتعريف العالم بأن اليمن بلد تراثي بامتياز، كوننا نملك اغنى تراث في الجزيرة العربية وفي الوطن العربي بشكل عام ولدينا تنوع في البيئة من جبال ووديان وسهول وسواحل وبحار وصحراء.

 

ويؤكد أن هذا التنوع غير موجود في اي بلد من بلدان العالم، لدينا إمارة شعبية هي تاريخنا لدينا يعني أعظم حضارة معمارية في العالم لا يوجد مدنا في العالم من الطين أو من الطوب أو من الاحجار عمرها من ألف سنة ومن عدة طوابق الا في اليمن لو فتشت العالم كله ولو فتشنا في تراث العالم كله لن نجد أجمل من المعمار اليمني وهذه هي حضارتنا.

 

ويمضي قائلا :  لن نجد فنونا بصرية وسمعية كالتراث اليمني من عزف من أغاني من موسيقى متنوعة من زخارف من كل هذه.. هي فنوننا التي يجب أن نعلمها للأجيال وأن نفتخر فيها وأن نعتز فيها.
 


تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية