آخر الأخبار
توشيحات رمضان في عدن..تقليد متجذر لأكثر من 900 عام
الثلاثاء, 12 أبريل, 2022 - 10:12 مساءً
تصدح مكبرات مآذن مساجد كريتر القديمة في العاصمة المؤقتة عدن بالتوشيحات والتهاليل والتراحيب عن غيرها من مساجد المحافظة خلال شهر رمضان المبارك عاكسة معها أجواء روحانية مع الشهر الفضيل.
وتحافظ مساجد عدن ذات الطريقة الصوفية على تراحيب وتهاليل رمضان منذ ظهورها في عهد الدولة الأيوبية قبل 900 عاما؛ ويتمسك أبناء هذه الطريقة بأسلاف من سبقوهم في المحافظة على هذه التراحيب جيلا عن جيل.
ويصطف عدد من الكبار والصغار ذوو الخامة الصوتية الجميلة بصفوف منتظمة في مساجد المدينة القديمة مرديين توشيحات وأذكار وتهاليل عقب الصلوات المكتوبة وصلاة التراويح معبرين عن حبهم للشهر الكريم والاهتمام به.
وقال الشيخ أصيل الكهالي، أحد حفَّاظ التوشيحات، لـ"المهرية نت"، إن الموشحات ظهرت تحديداً في عهد الحضارة الأندلسية، وتجاذبوا في امتداده على أقوال وآراء عديدة، ويقال أن ظهورها في بلادنا يرجع لزمن الدولة الأيوبية في القرن السادس الهجري بحسب بعض المصادر؛ وهو امتداد وتطور لصورة الحداء والإنشاد والمدح والذي كان جزء من الحضارة العربية والإسلامية منذ عهد النبوة.
وأضاف الكهالي: "اشتهرت عدن بالعديد الموشحات المتعلقة بالترحيب برمضان وتوديعه أيضا منها: موشح "رحبوا يا صائمينا" و "مرحّب مرحّب رمضان" التي اشتهرت في كثير من مناطق بلدنا وبلدان العالم العربي والإسلامي.
وحول الفرق بين موشح قدوم رمضان وتوديعه؛ يشير الكهالي، موشح الترحيب يكون في كلماته الحثّ على الاستعداد للشهر بشحذ همم المسلمين للصيام والقيام والإنفاق وقراءة القرآن وحث على فعل الطاعات وترك المعاصي والآثام وذِكر ما وعد الله به الصائمين والقائمين من النعيم.. ويُنشد هذا النوع من الموشح في عدن من ليلة النصف من شهر شعبان إلى ليلة رمضان وربما تظل بعض المساجد أوائل أيام رمضان تنشده، بينما موشحات التوديع والتي تُنشد في أواخر الشهر الفضيل تختلف من حيث الكلمات بأن كلماتها تحث على اغتنام ما بقي من الشهر، والتحذير من فواته دون إقبال على الله، وتحث على الإقبال على الله بعد رمضان والحفاظ على علو الهمة في القلب ودوام انشغاله بالله عز وجل.
وأكد رمسيس حسام الدين، القائم على أحد المساجد القديمة، أن مدينة عدن كانت سبَّاقة في الحفاظ على هذا الموروث التقليدي كباقي المدن العربية، مثل مصر ومُدن الشام والعراق عربياً، وتريم وسيئون محلياً.
وأضاف رمسيس، لـ"المهرية نت": "مثل هذه التوشيحات تدخل الأنس والسكينة والفرح إلى القلوب خاصة في أيام الشهر الفضيل؛ كما أنها تنعش الجانب الوجداني، وتساعد على الصفاء الذهني والقلبي وتجعل الإنسان في حالة صفاء مع مولاه جل وعلا".
وتظل التوشيحات الرمضانية نافذة روحية أضفت جواً ومشاعر دينية وروحية على الصائمين في المساجد، والأسواق والأزقة والحواري، وهي ومعايشة للعادات والتقاليد التي توارثها سكان المدينة جيلاً بعد جيل.