آخر الأخبار
حصاد عسكري لسبع سنوات من تدخل التحالف في اليمن (تقرير خاص)
سبع سنوات منذ تدخل التحالف العربي
الأحد, 27 مارس, 2022 - 09:41 صباحاً
في ليل السادس والعشرين من مارس/آذار 2015 ، أفاق معظم اليمنيين من نومهم على موجة قصف جوي هائلة شملت عدداً من المحافظات اليمنية ، في مقدمتها صنعاء وعدن.
العملية التي أطلقت عليها السعودية تسمية " عاصفة الحزم" ، وأشركت فيها عدة دول عربية وإقليمية أبرزها الإمارات، استهدفت المنشآت العسكرية التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران بالتحالف مع الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح .
تحالف الحوثي صالح كان قد تمكن خلال الأيام التي سبقت "العاصفة" من السيطرة على "عدن" جنوب اليمن ، وهو ما ألجأ الرئيس اليمني " عبده ربه منصور هادي" إلى مغادرتها بعد أن كان قد اتخذها عاصمة مؤقتة لحكومته في إثر هروبه أول الأمر من " صنعاء" التي سقطت في يد المسلحين الحوثيين في سبتمبر/أيلول عام 2014 .
وأعلن التحالف الذي تقوده السعودية والمسمى بالتحالف العربي أن عملياته في اليمن جاءت استجابة لطلب "هادي" الذي استقر في " الرياض" بعد مغادرة " عدن " ، كما تمكنت السعودية من حشد دعم دولي كبير لعمليات التحالف ، خصوصاً من حليفيها الدوليين ، الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا .
*بداية محفوفة بالآمال
وجاءت " عاصفة الحزم" ، والتي تغيرت تسميتها إلى " إعادة الأمل" الشهر التالي ، وسط حالة من اليأس في أوساط اليمنيين بعد فرض مليشيا الحوثيين وصايتها على الدولة بقوة السلاح ، ثم انتشارها خارج صنعاء وتوسعها جنوباً بغرض إخضاع بقية المحافظات ، مستفيدين من الدعم العسكري الذي وفرته لهم القوات الموالية لصالح .
وتمكنت " عاصفة الحزم" من تحييد القدرات الجوية لتحالف الحوثيين-صالح ، وكان المتمردون قد شرعوا بالتلويح بالتفوق الجوي في وجه الخصوم المحليين الذين يفكرون بمقاومة الانقلاب ، وحوّمت المروحيات التي كانت تسيطر عليها القوات الموالية لصالح فوق القصر الرئاسي " معاشيق" في عدن حيث يقيم الرئيس اليمني .
وأحيت الوعود السعودية باستعادة الشرعية آمال اليمنيين في إعادة تفعيل مخرجات الحوار الوطني التي توصلت إليها القوى اليمنية بعد أشهر طويلة من الحوار الشامل وسط أجواء توافقية ، وهي المخرجات التي تضمن انتقالاً سلساً من حقبة حكم صالح الموسومة بالفساد .
وتمكن التحالف في يوليو/ تموز 2015 من إخراج مليشيات الحوثي - صالح من العاصمة المؤقتة عبر العملية العسكرية " الرمح الذهبي" ، واستمر دحر المليشيات بوتيرة عالية حتى تحررت المحافظات الجنوبية بشكل شبه كامل ، بينما تمت استعادة معظم مناطق " مأرب" الشمالية التي كانت قد أصبحت مركزاً لعمليات التحالف .
وحظيت المقاومة الشعبية في محافظة " تعز" وسط اليمن ببعض الدعم العسكري خلال العام الأول لتدخل التحالف ، وهو ما أسفر عن تحرير مناطق واسعة من ضمنها مركز المحافظة ، وحفزت سياسة التحالف أول الأمر عدداً من بؤر المقاومة الشعبية في عمق سيطرة الحوثيين مثل محافظات " إب" و "ذمار" و " البيضاء" ، وهو ما رفع التوقعات محلياً ودولياً بنجاح إنهاء تمرد الحوثيين وصالح واستعادة مؤسسات الدولة الشرعية .
*تراجع الثقة وولادة الشكوك
تباطأت وتيرة معارك التحرير أواخر 2015 ، وأظهر التحالف انتقائية واضحة في إدارة المعركة العسكرية مع الحوثيين ، وأحبط التحالف تحركات الرئيس " هادي" لاستكمال تحرير محافظة " تعز" من جهة الجنوب رغم إعلان الرئيس انطلاق معركة تحرير المحافظة بعد عودته من السعودية في سبتمبر/أيلول من العام نفسه .
ورغم أن في نهاية 2015 شهدت اختراقاً مهماً للجيش الوطني بالسيطرة على "فرضة نهم" شرقي العاصمة صنعاء والذي عُد حينها معجزة عسكرية بسبب وعورة جغرافيا المنطقة ، إلا أن الآمال التي خلفها هذا التقدم بدنو المعركة الفاصلة مع الحوثيين تناثرت بفعل الجمود الذي ساد بعد ذلك ، واستجابة التحالف لضغوطات الأمم المتحدة في محاورة المتمردين الذين يستغلون جمود الجبهات في ترتيب صفوفهم حسب المتابعين .
كما خفتت شعلة المقاومة في مناطق سيطرة الحوثيين في ظل تجاهل التحالف لدعمها ، وتصاعدت الأصوات التي تتهم التحالف بعدم الجدية في حربه ضد المتمردين ، مدعومةً بحوادث استهداف الطيران لتجمعات القوات الموالية للحكومة بشكل متواتر .
وأخذت العلاقات بين الحكومة الشرعية وحلفائها -خصوصاً الإمارات- تسوء مع انكشاف نوايا الأخيرة في جنوب البلاد ، حيث اتجهت الإمارات لتأسيس مليشيات خارج مظلة الشرعية ثم دعمت تأسيس غطاء سياسي لهذه المليشيا هو المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أُعلن عنه في مايو/أيار 2017 ليقدم نفسه كبديل للحكومة الشرعية في جنوب اليمن ، وهو ما ضرب واحدية المعركة ضد الحوثيين في مقتل .
تقلصت سلطة الحكومة اليمنية على القوات المناهضة للحوثيين على الأرض ، وتحرر التحالف من التزاماته تجاه الشرعية اليمنية وأصبحت المعارك على الأرض مدفوعة على نحو مكشوف بأطماع "الرياض" و " أبو ظبي" ، وكان تحرير الساحل الغربي في 2017 , وصولاً إلى مشارف الحديدة منتصف 2018 ليتوقف بعدها الزحف باتفاق ستوكهولم الذي رعته الأمم المتحدة ، مثالاً واضحاً على غياب الحكومة رمزاً وحقيقةًعن العمليات على الميدان .
*هجمة مضادة
وبلغت الأزمة بين مكونات التحالف ذروتها مع الانقلاب الذي نفذه المجلس الانتقالي على الحكومة الشرعية في أغسطس/آب 2019 وطردها من العاصمة المؤقتة، وتدخل طيران التحالف بشكل واضح لمساندة الانفصاليين ضد الجيش اليمني ، مخلفاً المائات من القتلى والجرحى من أفراد وضباط الجيش .
في الأثناء كان الحوثيون يعيدون ترتيب صفوفهم مستفيدين من تأخر الحسم وجمود الجبهات والصراع البيني داخل التحالف ، وصعّدت "طهران" من مستوى دعمها للمتمردين حتى أصبحت قدراتهم الصاروخية في 2017 قادرة على استهداف العاصمة السعودية نفسها ، في حين تحولت الطائرات المسيرة التي تطورها لهم إيران معضلة حقيقية بالنسبة للجيش اليمني والسعودية .
وفي سبتمبر/أيلول 2019 استهدف الحوثيون منشآت نفطية تابعة لشركة أرامكو السعودية بعدد من الطائرات المسيرة ، متسببين بانخفاض الإنتاج السعودي من النفط إلى النصف مؤقتاً، وهو ما مثل حينها إنذاراً خطيراً بأن الحرب في اليمن لم تعد في متناول التحالف كما في السابق .
وجاء العام 2020 بصدمة كبيرة لليمنيين وحكومتهم وحليفها السعودي عندما تمكن الحوثيون من معاودة السيطرة على "فرضة نهم" ومركز محافظة " الجوف" متقدمين بشكل غير مسبوق نحو "مأرب" معقل الشرعية .
وتحول التحالف الذي تقوده السعودية إلى الدفاع على أكثر من مستوى ، حيث أصبح الهاجس الأول هو المحافظة على " مأرب" واعتراض الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة للحوثيين والتي بلغت ذروتها خلال 2021 ، وأعلن التحالف في ديسمبر /كانون الأول العام الماضي عن استقبال السعودية ل 438 صاروخاً باليستياً و 851 طائرة مسيرة من إطلاق الحوثيين.
ومع استمرار الحوثيين في رفض الجهود الأممية لتحقيق السلام في اليمن عبر المفاوضات الدبلوماسية ، ورفضهم لمبادرة سعودية أعلنتها المملكة قبل عام ، لجأت "الرياض" للضغط على المجتمع الدولي ليتحمل مسؤولية الدفاع منشآتها النفطية في وجه هجمات الحوثيين ، وهي خطوة تكشف حجم الانقلاب الهائل في ميزان القوة بين التحالف والحوثيين المدعومين من إيران خلال سبع سنوات من الحرب.