آخر الأخبار

علاقة الإمارات بالحوثيين خلال العشر سنوات الماضية .. تنقلات عدة بين التخادم والصراع(إطار)

المهرية نت - خاص
الاربعاء, 19 يناير, 2022 - 08:27 مساءً

واقعة استهداف العاصمة الإماراتية في 17 يناير/كانون الثاني الحالي بهجوم جوي تبنته جماعة الحوثيين المدعومة من إيران ، أسفرت عن ترقب واسع -دولياً ومحلياً- لخطوة " أبو ظبي" القادمة في اليمن ، وإذا ما  كانت ستسعى إلى الانتقام من الحوثيين عبر التصعيد, أم ستلجأ لعقد صفقة من تحت الطاولة معهم تعصمها من استهدافات مماثلة كما حدث في العام 2019 .

 

هذا الإطار يستعرض علاقة الإمارات بالحوثيين وتقلباتها خلال العقد الماضي بين التخادم والصراع وصولاً إلى الهجوم الأخير الذي تسبب في حرائق كبيرة في قلب " أبو ظيي" واستدعى إدانات دولية واسعة وقلقاً من تفاقم الصراع في اليمن الذي يعيش حرباً مدمرة منذ حوالي سبع سنوات تسببت في أسوأ أزمة إنسانية في العالم حسب الأمم المتحدة .


تبادل خدمات بعد 2011

شارك الحوثيون في انتفاضة 2011 ضد نظام الرئيس اليمني السابق "علي عبد الله صالح" الذي خاض معهم ستة حروب دامية في معقلهم في محافظة " صعدة" أقصى شمالي اليمن ، غير أنهم سرعان ما تحولوا إلى الجهة المقابلة بعد انتقال السلطة إلى الرئيس " عبده ربه منصور هادي " مطلع 2012  ، حيث نسجوا تحالفاً مع "صالح" مستغلين نقمته على الثورة التي أطاحت به من سدة الرئاسة ومستفيدين من القوة العسكرية والأمنية والقاعدة الجماهيرية الكبيرة التي احتفظ بها " صالح" رغم تنازله ظاهرياً عن السلطة .

 

الإمارات التي قدمت نفسها كمظلة إقليمية للأنشطة المضادة للثورات المطالبة بالديمقراطية في العالم  العربي ، وجدت ظالتها في التحالف الناشئ  ، وهكذا استفاد الحوثيون  بشكل غير مباشر من الدعم الإماراتي المعروف لحليفهم " صالح" ، أو بشكل مباشر  حسب ما أوردت تقارير عديدة حينها عن تلقي الحوثيين للمال من الإمارات في سبيل إقصاء حزب الإصلاح الإسلامي الذي حاربته " أبو ظبي" ولا تزال في إطار حربها ضد " جماعة الإخوان المسلمين" في مختلف بلدان الوطن العربي، خصوصاً تلك التي شهدت ثورات مطلع العقد الماضي .

التدخل العسكري 2015

بعد تمكن تحالف " الحوثي-صالح" من إسقاط  العاصمة اليمنية "صنعاء" في سبتمبر/أيلول 2014 والإطاحة بحكومة الرئيس اليمني "هادي" ، ومع تعاظم مخاوف المملكة العربية السعودية من إمكانية هيمنة إيران  ، خصمها الإقليمي ، على اليمن ، تدخلت " الرياض" على رأس تحالف عسكري من عشر دول لتدارك الوضع في اليمن في مارس/آذار 2015 ، واتخذت الإمارات لنفسها موقعاً ريادياً في هذا التحالف ، رغم كونه  في مواجهة حلف "الحوثي - صالح" الذي كانت قد استفادت منه في وقت سابق كمعسكر للثورة المضادة في اليمن  .

 

ساهمت الإمارات بشكل كبير في تحرير " عدن " ، التي كانت الحكومة الشرعية قد أعلنتها عاصمة مؤقتة للبلاد ، من  المتمردين الحوثيين المدعومين بالوحدات العسكرية والأمنية التي احتفظت بولائها ل "صالح" ، وعمدت " أبو ظبي"  إلى تأسيس تشكيلات عسكرية مولية من أوساط المقاومة الجنوبية الشعبية في " عدن " مثل " ألوية العمالقة" ذات الطابع السلفي و " الحزام الأمني" الذي يقوده الانفصاليون الجنوبيون ؛ وتمكنت قوة " العمالقة" بشكل خاص من دحر الحوثيين من أجزاء واسعة من الساحل الغربي لليمن في محافظتي " تعز" و " الحديدة" في وقت لاحق . 

 

في المقابل كانت الضربة الأقسى التي تلقتها الإمارات من المتمردين الحوثيين في ذروة مواجهتها معهم بداية التدخل العسكري رفقة السعودية هي تلك العملية التي أسفرت عن مقتل  45 جندي إماراتي في محافظة " مأرب" شرقي اليمن في سبتمبر / أيلول 2015 ؛ ودفعت هذه الخسارة إلى جانب عوامل أخرى الإمارات إلى سحب قواتها من "مأرب" ومعها بطارية باتريوت ، لتقصر نشاطها العسكري في اليمن على الشطر الجنوبي من اليمن ومحاولة الاستحواذ على مزيد من المنافذ المائية في الساحل الغربي .  


تصعيد الساحل وانسحاب 2019


تفكك تحالف " الحوثي - صالح" نهاية 2017 عندما خاض الرئيس السابق  انتفاضة قصيرة ضد الحوثيين بتشجيع إماراتي انتهت بمقتله . خروج " صالح" من تحالفه مع الحوثيين حدث بتشجيع إماراتي بشكل كبير ، فقد احتفظت " أبو ظبي" التي تستضيف نجل " صالح" الأكبر لديها بعلاقة جيدة مع الأب في " صنعاء" رغم ثلاث سنوات من الحرب ، واعتبر محللون حينها أن الإمارات أرادت استثمار هذه العلاقة لضرب الحوثيين في معقلهم وإعادة عائلة " صالح" إلى السلطة في ضربة واحدة. 

 

وفي العام الذي تلى ذلك ، 2018 ، عادت الإمارات للانخراط في الحرب ضد الحوثيين عندما توجهت "ألوية العمالقة" المدعومة منها بنسبة كبيرة  لتحرير محافظة " الحديدة" الاستراتيجية المطلة على البحر الأحمر ، وسيطرت جزئياً على مطار المحافظة قبل أن تتوقف العمليات هناك استجابة لضغط دولي نتج عنه إبرام " اتفاقية ستوكهولم" التي استطاع الحوثيون استغلالها للاحتفاظ ب" الحديدة" .

 

وبعدها بأسابيع ، تحديداً في يوليو/ تموز 2018 أعلن الحوثيون أنهم استهدفوا "مطار أبو ظبي" لأول مرة ، قبل أن يظهر مسؤولون إمارتيون لنفي وقوع أي هجمات على المطار ، مؤكدين سير العمليات داخله بشكل طبيعي .

 

ومثلت محاولة الإمارات المتعثرة لضم "ميناء ومطار الحديدة" إلى حصيلة الموانئ والمطارات التي تسيطر عليها في اليمن آخر المعارك البارزة التي شاركت فيها الإمارات بشكل فاعل ضد الحوثيين ، حيث ذهبت بعد ذلك لتعزيز نفوذها في جنوب اليمن على حساب الحكومة الشرعية  ،وتمكنت من إقصائها تماماً من " عدن" في أغسطس / آب 2019 عبر "المجلس الانتقالي الجنوبي" الموالي لها والذي يقود قرابة 90 ألف مقاتل خارج الأطر الدستورية للدولة  .

 

قبل ذلك كانت الإمارات قد أعلنت في ينويو/ حزيران انسحاباً جزئياً من الصراع العسكري في اليمن في حدث قرأه محللون على أنه مناورة إماراتية تهدف إلى تحقيق جملة من الأهداف أبرزها تحاشي الأخطار التي يمكن أن تنجم عن القدرات الهجومية المتصاعدة للحوثيين الموالين لإيران ، خصوصاً أن الأخيرين كانوا قد أعلنوا أكثر من مرة استهداف مواقع في قلب الإمارات التي يعتمد اقتصادها بشكل كبير على الشركات العالمية والعمالة الأجنبية .

 

 وبالفعل ، فقد تركزت هجمات الحوثيين بالصواريخ الباليستية والطيران المسير طوال السنوات اللاحقة على المملكة العربية السعودية وحدها إلى جانب المحافظات اليمنية التي تحت سيطرة الشرعية . ورغم استهداف الحوثيين لمصالح إماراتية  في اليمن كا الذي حدث عندما استهدف الحوثيون عرضاً عسكرياً في "عدن" للحزام الأمني  في الأول من أغسطس / آب 2019  نتج عنه مقتل قائد الحزام " أبو اليمامة اليافعي" الموالي ل " أبو ظبي" ، إلا أن العمق الإماراتي لم يتعرض لمثل هكذا هجمات .

 

عودة الإمارات للمواجهة واستهداف أبو ظبي

وفتح إعلان الإمارات الانسحاب من مواجهة الحوثيين المجال أمامها لتطوير علاقتها براعيهم الإقليمي على المستوى الرسمي ، حيث شهدت الأعوام التالية تقارباً إيرانياً إماراتياً غير مسبوق ، وانطلقت الشركات الإماراتية في مساعدة إيران على تجاوز العقوبات الأميركية عبر تسهيل عمليات بيع النفط الإيراني بشكل خاص ، بينما نشطت الشبكات الإيرانية المتواجدة بكثافة في الإمارات في تهريب قطع الصواريخ والطائرات المسيرة إلى الحوثيين ، كما أفادت تقارير دولية عدة خلال سنوات الأخيرة الماضية .

 

ووفر هذا التقارب كلمة السر لفهم  ما حدث في " الحديدة" في منتصف نومبر/تشرين الثاني الماضي ، عندما أقدمت " القوات المشتركة" الموالية للإمارات على انسحاب مفاجئ باتجاه " تعز" تاركةً عشرات الكيلومترات من الشريط الساحلي الاستراتيجي للمتمردين الحوثيين بشكل مجاني ، خصوصاً أن ذلك حدث بالتزامن مع زيارة ملفتة لوزير خارجية الإمارات إلى "دمشق" المتحالفة مع إيران ، وتبعتها زيارة أكثر إثارة قام مستشار الأمن الوطني الإماراتي "طحنون بن زايد" إلى " طهران" . 

 

هذا المسار التصالحي يبدو الآن مهدداً من حيث ابتدأ بالضبط ، حيث مثلت عودة " ألوية العمالقة" لمواجهة الحوثيين في محافظة " شبوة" شرقي اليمن وتطهيرها لمديريات المحافظة الثلاث التي وقعت في قبضة الحوثيين في سبتمبر/ أيلول الماضي ضربة كبيرة للمتمردين الموالين لإيران الذين اعتبروا ذلك إخلالاًمن الجانب الإماراتي بالتوافق الضمني على عدم الاستهداف ليعلنوا بعدها بأيام مسؤليتهم عن الهجوم الذي ضرب " أبو ظبي " قبل يومين .

 

الهجوم الحوثي الذي تزامن مع اجتماع بين الرئيس الإيراني ووفد الحوثيين في " طهران" تسبب في انفجار ثلاثة صهاريج للوقود بالقرب من مقر شركة " أدنوك " الإماراتية وقتل ثلاثة مدنيين بحسب الإعلام الإماراتي ، ورجح مراقبون أنه يتضمن تحذيراً من إيران للإمارات بأن المشاركة في الحرب ضد وكلائها في اليمن يمسها بشكل مباشر ، بينما اكتفت الأخيرة حتى الآن بالتهديد بمعاقبة الحوثيين و" الاحتفاظ بحق الرد" .


كلمات مفتاحية: الإمارات الحوثيين تصعيد
تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية