آخر الأخبار
حصيلة عام أسود في عدن..تفجيرات واغتيالات وقضايا مقيدة ضد "مجهول"(تقرير خاص)
إرشيف
الثلاثاء, 28 ديسمبر, 2021 - 05:42 مساءً
تودع العاصمة المؤقتة عدن، عاما أسودا، اختلط فيه البارود بالدم، وسادته الفوضى وانتشار العصابات، وتفلت السلاح في يد المليشيا، وضياع الحقوق.
عشرات الأنفس البريئة أزهقت وأريقت دماؤها، أمام الجميع، وفي وضح النهار، وكل الأدلة تتهم "المجهول" بحسب أجهزة الدولة الأمنية، وقوات الانتقالي المنتشرة في كل شوارع وأحياء عدن.
قالت منظمة "رايتس رادار لحقوق الإنسان" ومقرها جنيف، في بيان لها بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، إنها رصدت 38 حالة قتل في العاصمة المؤقتة عدن، تندرج أغلبها ضمن حالات الاغتيالات وسجلت جميعها ضمن مجهول.
وبحسب المنظمة فإن مليشيا الانتقالي الجنوبي المدعومة من الامارات، والخارجة عن سيطرة الحكومة الشرعية جاءت في المرتبة الثانية في ارتكاب جرائم القتل بعد مليشيا الحوثي.
الإدارة العامة للبحث الجنائي بالعاصمة المؤقتة عدن،أعلنت رسميا في 10 ديسمبر/كانون الأول، عن (285) قضية مقيدة ضد مجهول، من أصل (387) قضية.
من جانبه أعلن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن مدينة عدن جنوبي اليمن، شهدت 200 حادثة تصفية جسدية منذ العام 2015 حتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2021.
خوف وهلع غير مسبوق
وقالت منظمة سام للحقوق والحريات، ومقرها جنيف، إن قيادة وقوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي، يتحملون المسئولية القانونية والجنائية الكاملة عن تصاعد حدة الانتهاكات القانونية بحق المدنيين في المحافظات الجنوبية، مشيرة إلى تسجيلها 75 انتهاكاً خلال شهري يناير وفبراير من عام 2021، منها 28 حالة اعتقال و4 حالات اخفاء قسري، و12 حالة اغتيال وقتل، و5 حالات اعتداء على ممتلكات عامة وخاصة.
وعاشت مدينة الشيخ عثمان خلال شهر يونيو، حالة من إراقة الدماء والخوف والهلع، على إثر اندلاع اشتباكات بين فصائل الانتقالي العسكرية، مستخدمة السلاح الخفيف والمتوسط في وسط شوارع المدينة المكتظة بالمارة، مخلفة أكثر من 14 قتيلا، وأكثر من 20 جريحا، وإتلاف العديد من ممتلكات المواطنين.
ووثّقت منظمات حقوقية خلال يونيو، 11 حالة اعتقال واختطاف طالت نشطاء سياسيين، ودعاة وأئمة مساجد، بعد اعتقالهم بشكل تعسفي، وبتهم كيدية.
في 31 يوليو/ تموز اختطف مسلحون يتبعون قيادياً في قوات الانتقالي، الطالب "فهد الرياشي"، من مطار عدن الدولي، أثناء عودته من أوروبا لزيارة أهله في اليمن، وإخفائه لمدة شهر كامل دون معرفة مكان احتجازه أو إبلاغ أهله.
وقالت منظمة سام للحقوق والحريات أنها رصدت أكثر من 40 حالة انتهاك في مدينة عدن خلال يوليو أغلبها وقع على يد قوات مسلحة تتبع المجلس الانتقالي حيث تضمنت تلك الانتهاكات ممارسات عدة مثل: الاحتجاز التعسفي، والإخفاء القسري لضحايا بينهم أطفال.
كما رصدت منظمات حقوقية، خلال شهر أغسطس/ آب، أكثر من 47 حالة انتهاك في مدينة عدن، أغلبها وقع على يد قوات مسلحة يتبعون اللواء الخامس التابع للمجلس الانتقالي، حيث تضمنت تلك الانتهاكات قتل واحتجاز تعسفي وإخفاء قسري لمواطنين بينهم أطفال.
وشملت الانتهاكات الحقوقية 8حالات قتل ومحاولة اغتيال، و8إصابات، و17حالة اعتقال واحتجاز تعسفي، من بينهم أطفال، و9حالات اختفاء مفاجئ، و3حرق واقتحام ممتلكات خاصة وعامة، وحالتي اغتصاب منها طفلة افريقية.
دم وانتفاضة شعبية
في 4 سبتمبر/ أيلول 2021 قتل قائد جبهة الحازمية بمحافظة البيضاء، موسى محسن المشدلي، وأصيب أحد مرافقيه، بانفجار عبوة ناسفة استهدفت سيارته في جولة السفينة بمدينة عدن.
واحتجزت قوات أمنية تابعة للانتقالي في 10 سبتمبر/ أيلول 2021، 4طلاب يمنيين في مطار عدن الدولي، أثناء عودتهم من ماليزيا لزيارة أهاليهم، واخفائهم قسريا في معسكر بدر التابع للمجلس الانتقالي بعدن.
وفي جريمة بشعة هزت الرأي العام اليمني والعربي، قتل الشاب عبدالملك السنباني،في 8 سبتمبر/ أيلول 2021،على يد عناصر قوات المجلس الانتقالي بمنطقة طور الباحة في محافظة لحج، وذلك عقب ساعات من وصوله مطار عدن الدولي، عائداً من الولايات المتحدة الأمريكية.
وشهدت العاصمة المؤقتة عدن، في ذات الشهر -سبتمبر/ أيلول- موجة احتجاجات وانتفاضة شعبية واسعة، تعبيرا عن حالة الرفض لتردي الأوضاع الخدمية والمستوى المعيشي، ومطالبة بخروج المجلس الانتقالي من عدن، قابلها الانتقالي بحملة قمع وإطلاق الرصاص الحي صوب المتظاهرين، ومطاردات أمنية واعتقالات، نفذتها قواته الأمنية والعسكرية، خلفت قتلى وجرحى مدنيين في صفوف المتظاهرين.
تشرين أسود
في تشرين الأول/أكتوبر يحتفل الوطن كل عام بذكرى الثورة الشعبية ضد المحتل البريطاني في 1963م، غير أن هذا العام كان مختلفا في عدن، حيث ارتفعت حصيلة المواجهات المسلحة التي اندلعت بينعصابات تابعة لفصائل في المجلس الانتقالي، بمديرية كريتر جنوبي مدينة عدن، أدتى إلى سقوط (7) قتلى، وتضرر عدد من المنازل بأضرار مختلفة.
وفي 9 أكتوبر/ تشرين الأول أفادت مصادر حقوقية بوفاة الشاب "عبدالله علي الحيي" تحت التعذيب في قسم شرطة البساتين بمديرية دار سعد، بعد ثلاثة أيام من اعتقاله وتعذيبه،وأن مدير القسم -وهو تابع للانتقالي- أخذ جثته إلى جهة مجهولة.
#عدن
— هدى الصراري Huda Al-Sarari (@h_alsarare) October 9, 2021
1️⃣قسم شرطة البساتين اعتقل اسرة بكاملها وممارسة ضغط بواسطة اعتقال اسر المعتقلين واخذ كل مابحوزتهن وضربهن امام ازواجهن واطفالهن ثم اطلاق سراحهن اليوم الثاني في9 صباحا
عوضا عن تلقي الضحايا المعتقلين معاملة قاسية وضرب وتعذيب ورش بالماء الساخن للاعتراف بانهم خلايا حوثية في انماء pic.twitter.com/UslWKmDdPH
ويحظر القانون الدولي الإنساني التعذيب وغيره من أشكال المعاملة السيئة في جميع الأوقات، ويقضي بمعاملة المحتجزين وفقاً لأحكام ومبادئ القانون الدولي الإنساني وغيره من المعايير الدولية.
ونجا محافظ عدن أحمد لملس، ووزير الزراعة والأسماك سالم السقطري، في 10أكتوبر/ تشرين الأول، من انفجار سيارة مفخخة، أثناء مرور موكبهما، في مديرية التواهي بمدينة عدن، وسقط 6 قتلى و10 جرحى جراء الانفجار.
كما سقط 12 قتيلا مدنيا في الشهر ذاته، بانفجار سيارة مفخخة قرب البوابة الأولى في محيط مبنى مطار عدن الدولي.
من جانبه نفى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب صلته بالتفجير الذي استهدف بوابة مطار عدن الدولي، كما نفى أي صلة له بعمليات الاغتيالات في العاصمة المؤقتة "سواء فيما مضى وسبق أو حضر ولحق".
في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني أصيب نائب رئيس جامعة عدن، وعضو حزب التجمع اليمني للإصلاح في عدن "محمد عقلان" إثر محاولة اغتيال بالرصاص الحي من قبل مسلحين ملثمين، اعترضوا طريقه وأطلقوا عليه الرصاص، عقب خروجه من منزله في شارع "الخمسين" بمديرية المنصورة شمالي العاصمة المؤقتة.
وقال بيان صادر عن وزارة الإدارة المحلية في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني، إن مدير غرفة العمليات في الوزارة علي محمد ثابت، اغتيل من قبل عناصر مجهولة، في حي البساتين بالعاصمة المؤقتة عدن.
وفي 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 قتلت الصحفية رشا الحرازي وجنينها، وأصيب زوجها المصور الصحفي محمود العتمي، بانفجار عبوة ناسفة زرعت بسيارتهما، في منطقة ساحل أبين في مدينة عدن.
وتؤكد المواثيق الدولية على أن جرائم القتل خارج القانون واستخدام القوة غير المبررة في الاعتداء على المدنيين تعتبر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفقًا لميثاق روما المشكل للمحكمة الجنائية الدولية، إضافة لمخالفته قواعد لاهاي واتفاقيات جنيف لاسيما الرابعة التي أقرت بالحماية الكاملة والخاصة للمدنيين أثناء النزاعات المسلحة.
عامان من الفشل
في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، تم توقيع اتفاق الرياض، برعاية سعودية ودعم أممي، بهدف حل الخلافات بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي.
عام ثانٍ مضى على توقيع هذا الاتفاق، ولم يتم إحراز أي تقدم ملحوظ حتى اللحظة، في مسألة تنفيذ الشق العسكري منه، خصوصا دمج قوات الجيش والأمن التابعة للحكومة والمجلس الانتقالي، تحت قيادة وزارتي الداخلية والدفاع.
يقول الصحفي عباس الضالعي إن "اتفاق الرياض تضمن عدد من الترتيبات الأساسية محل الخلاف سياسية واقتصادية وامنية وعسكرية ولم ينفذ منها سوى مايتعلق بمحافظ عدن ومدير الامن وتوقفت باقي الترتيبات".
ويرى الضالعي أن "التدخلات الإقليمية من السعودية والامارات هي السبب المباشر لهذا الفشل لأن التحالف لايريد الاستقرار لليمن ويريد بقاء هذه الصراعات حية ومستمرة وكذلك أطراف الصراع مصالحها مرتبطة ببقاء الخلافات والتوتر لان مصالح هذه الأطراف ستنتهي مع وجود مؤسسات الدولة".
وأكد الضالعي خلال حديثه لـ "المهرية نت" أن "الخلاف والصراع بين الأطراف المحلية هو امتداد للخلاف بين أطراف الدعم الإقليمي" وأن "فض الاشتباك يبدأ أولا من أبو ظبي والرياض لأن الأطراف المحلية لاتمتلك حق الرفض وليست صاحبة قرار مستقل فمصادر دعمها يأتي من هذه العواصم".
واعتبر الضالعي اتفاق الرياض "أحد أوجه الهيمنة السعودية الإماراتية على اليمن لانهمامن أنتج الخلافات والصراعات بين طرفي الاتفاق وهما من تغذيا هذا الخلاف"
وأضاف "فشل الانتقالي في تقديم نموذج لإنعاش الأوضاع المتدهورة معيشيا وخدميا وكذلك الشرعية فشلت في الجوانب التنموية، والصراع بين الطرفين هو صراع على المناصب وليس على الخدمات وتحقيق الاستقرار فالطرفان يتسابقان على الفشل فقط"، مؤكدا انعدام الأمن والاستقرار والتنمية في المحافظات التي تحت سيطرة الانتقالي والشرعية.
وحذّر الضالعي من مستقبل مظلم ومخيف، لأن اليمن في نظره يتجه"الى التفكك والتمزق نتيجة الدعم والتمويل الاماراتي السعودي لأطراف الصراع في اليمن" مضيفا "نحن نكذب على أنفسنا إذا قلنا ان هذا التحالف يريد الخير لليمن، واستقرار اليمن مرتبط بغياب هذه الأطراف ورفع يد السعودية والامارات وإيران عن التدخلات السلبية في اليمن".
شماعة لدعم الانتقالي
مماطلة الانتقالي في تنفيذ اتفاق الرياض، صاحبها دعم سعودي إماراتي للانتقالي خلال 2021، مكنه من التحرك خارجيا، لمحاولة ابرازه كمكون رئيسي في معادلة الحرب اليمنية.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني استدعت السعودية، وفدا رفيع المستوى في المجلس الانتقالي برئاسة عيدروس الزبيدي، إلى الرياض في زيارة استمرت لأيام، التقى خلالها رؤساء بعثات الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة) لدى اليمن.
وقال القيادي في المقاومة الجنوبية عادل الحسني أن لقاء الزبيدي بدول "الفيتو" جاء "بتنسيق سعودي إماراتي لإبراز المجلس الانتقالي كمكون تابع لهم" مؤكدا أن دعم السعودية والامارات للانتقالي في العلاقات الخارجية إلى جانب المال والسلاح "جزء من عمل التحالف السعودي الاماراتي لنجاح هذا المكون الذي يتهاوى في المناطق الجنوبية ولا يمتلك أي شعبية".
وبحسب الحسني فإن زيارة الزبيدي للرياض جاءت لعقد لاتفاقات جديدة "ربما لإدخال بعض ألوية العمالقة إلى شبوة وبعض القوات التي أتت إلى بلحاف وهي تتبع التحالف، وعيدروس الزبيدي له ضلع في ذلك، وكذلك الاتفاق على تغيير محافظ شبوة للأسف الشديد".
وأكد القيادي الجنوبي أن "اتفاق الرياض عبارة عن شماعة لشراء الانتقالي وعودته للمناطق التي خسرها تحت سقف الشرعية، وأن المجلس الانتقالي عبارة عن شركة أمنية تابعة للسعودية والامارات".