آخر الأخبار
فبراير وصالح
فبراير هو شهر الجدل بين الرافضين لحدث فبراير وزعمائها، فهي ليست رغبة تغيير بل نسخ لتجارب مشابهة لبلدان الربيع العربي كما يقول أنصار الزعيم صالح.
الاحتجاجات اليمنية نجحت في إزاحة صالح من السلطة، ونجح صالح بشيطنة الحدث الثوري ورموزها.
فبراير نصف ثورة ونصف احتجاج، انتهت بتسوية سياسية ومناصفة حكومية. فرضها وأصاغ شروطها صالح، لذا فقدت الاحتجاجات مشروعيها بعد تلك المصالحة.
بدأت فبراير باحتجاجات سلمية وانتهت بعملية عسكرية، حشد صالح القوة على الأرض، إلا ان تكاليفها مرهقة، فاستعان بالحوثي الاقل تكلفة وأكثر خبرة في إدارة الحروب.
أغلب الدول شعرت بالقلق من ظهور المتدينين قادة للحراك الشعبي، وكما قال المثل المشهور الحجرة تكسرها اختها، قَدَّمَ الحوثي نفسه ضامنًا أمنيًا للتصدي لهذا التطور، فقام بتصفير الأزمة اليمنية وأعادها إلى مربعها الأول الثورة والجمهورية عام 62 م .
أخفق رموز فبراير بإدارة الأزمة السياسية اليمنية في عهد صالح، فكانت قضية شخصية مع صالح وليست وطنية. والدليل أن شعار الحدث كان ارحل، ومن هذا الفراغ تسللت جماعة الحوثي كقوة عسكرية وسياسية ملئت الفراغ الذي تركة القادة السياسيين.
رحل صالح وترك خلفة خراباً لا يمكن إصلاحه، إلا في نظام سياسي، وشكل جديد للدولة اليمنية، لكن شكل الدولة اليمنية لم يتحدد بعد، ربما القوة العسكرية ترسم ملامح اليمن الحديث، وليس فلسفة الفارغين.
كثيرة تلك الكوارث السياسية في اليمن الحديث وأكثرها ضرراً العمل السياسي دون وعي، فالجندي طموحه كيف يصبح رئيساً لليمن وخطيب المسجد يسعى لتحقيق الخلافة فيها.
إن الاستقرار في اليمن مرتبط بتحقيق عاملين اثنين :
أولهما فِطَام الجندي من العمل السياسي، وثانيهما تجريم الزعيم الديني من العمل النقابي والسياسي معًا، باستثناء زواجه الثانية فهي سياسة مشروعة واستحقاق لجهوده .
وأخيرًا فبراير كانت احتجاجًا سلميًا، لكنها قوّضت السلام الاجتماعي، فالسياسي اليمني حوّل الحدث لأزمة عصية عن الحل، والشواهد كثيرة أهمها المواقف المرتبط بالاحتجاجات "ارحل يا علي" أو ما عبّر عنها الزعيم صالح نفسه "أنتم حسدين - عليا وعلى أعدائي" في إشارة أن السلطة هي رزق ومكسب، ولكنه حذّر كثيراً أن فقدانه السلطة يعني خراب ديارنا جميعًا.
رحل صالح عن عالم السياسة وعالم الحياة، وترك لنا خرابًا يزداد اتساعًا في قلوب الناس وعلى الأرض.