آخر الأخبار

الولائم والأفراح ودورها في إحياء التراث القبلي في سقطرى

الجمعة, 05 يناير, 2024

يعد هذا العام من الأعوام الوافرة في الخيرات والعطاء في أرخبيل سقطرى، فقد أنزلت السماء من بركاتها وجادت الأرض بخيراتها، وهذا انعكس بصورة إيجابية على الناس، فعادت فيهم أعرافهم القبلية على ما كانت عليه في سابق عهدها، ونمت فيهم أخلاق الكرم والجود والعطاء، وبلغ صيت هذا النماء وعودة التراث على ما كان عليه إلى مسامع المغتربين في شتى بقاع الأرض فاستحسنوا زيارة محبيهم وذويهم، فحيت بواسطتهم الرفادات والكرائم والعزائم. 
 

كثيرة هي العادات التي انتفشت هذا العام وعادت إليها عروق الحياة من جديد بعد أن خفتت في السابق بسبب قلة النماء وضعف البركة في المال والأرض، ولذا يظل هذا العام من الأعوام الفريدة في خيراتها وتراثها.

بالأمس حضرت مأدبة غداء أقامتها قبائل مومي على شرف زيارة الشيخ عيسى سالم بن ياقوت احد أبنائها، وقد توافد إلى هذه المأدبة أعداد هائلة من الناس من مختلف بقاع سقطرى من الشرق والغرب والجنوب والشمال ومن المناطق الوسطى، وقد ذبحت العديد من المواشي بأنواعها أربعة أبقار وقعود وما يقارب ثمانين من التيوس وصغار الغنم، وجلبت أصنافا شتى وألوانا عدة من الأطعمة والمأكولات الشهية..

كثيرة هي الولائم التي أقيمت على شرف زيارة الشيخ عيسى سالم بن ياقوت في شتى مناطق سقطرى وقراها بمختلف اتجاهاتها، ولكن من المثير حقا الجانب السياسي الذي يجعل بعض أبناء الأرخبيل يتحفظون من الحضور مع الشيخ أو مرافقته أو طلب زيارته خوفا من إثارة حفيظة بعض الدول السادية في الشأن السقطري، وللأسف أن بعض من هؤلاء المحتفظين تربطهم بالشيخ صلة قوية إما قرابة أو قبيلة أو مربع أو صداقة أو جوار وغير ذلك، وليس هذا موضوعنا أو ما أردت الحديث عنه بل هذه إشارة أن بعض الناس ضيقت عليه السياسة حتى جعلتهم يقصرون في حق أهل الفضل والقرابة والجوار.

وما أردت الحديث عنه هو أن كثيرا من العادات والتقاليد والأعراف نمت من جديد وإن كان من فضل في هذا فهو يعود أولا إلى الشيخ عيسى بن ياقوت ثم للناس الذين كانوا السبب في تجمهر الناس في هذه الولائم.

وحقيقة هذه العادات كثيرة والحديث عن كل واحدة يحتاج مقالا خاصا ولكن نحاول أن نجملها هنا بأسلوب مختصر، فمنها، أساليب الترحيب والسلام السقطري والإتكيت الخاص باستقبال الضيوف واختيار أماكن جلوسهم ونحو ذلك. ومن هذه العادات التي عاد إليها الروح طرق الذبح بالأسلوب السقطري الفريد والنادر الذي لا يوجد في غير سقطرى من بقاع الأرض وقد فصلنا في هذا الأمر في مقال سابق نشر في المهرية نت.

ومن العادات التي أحيت في ولائم الشيخ عيسى بن ياقوت القصائد والأشعار التي تلقى على مسامع الحضور ترحيبا بالشيخ ومرافقيه وتأييدا لمشيخته وإشادة بفضله وإحسانه على الناس. حقيقة لقد ظهرت الكثير من المواهب الجديدة والشابة والتي تفجرت إبداعا وتميزا وأشعلت حماس الجمهور فتفاعل معها، وما كانت لتظهر مثل هذه المواهب لولا وجود مثل هذه التجمعات والعزائم والحفلات، وكذلك لتشجيع الشيخ لهؤلاء ودعمهم بالإضافة إلى حضور أشهر الشعراء من الرعيل الأول الذين غالبا ما يرافقون الشيخ بن ياقوت ويحضرون مجالسه، ويلقون قصائدهم السابقة والحديثة.

في هذا المحفل ألقيت العديد من القصائد والأشعار وهناك محاولات شعرية شبه ناضجة في العربي والنبطي والعامي.
ومن الأشياء الجميلة التي سمعتها هي دعوة بعض الشعراء إلى إنشاء لافته أو مكتب يجمع هؤلاء الشعراء جميعا وينظم شؤونهم ويشجع الطاقات الشابة والمواهب الحديثة.


كما أن هناك دعوة إلى التحديث الشعري فقد ذكر أحد الشعراء أن الوزير السابق فهد كفاين دعا الشعراء إلى تحديث ابداعاتهم الشعرية ومحاولة الالتزام بالوزن والقافية، وقد حاول البعض فعلا القول بهذا النظام لكنها ما زالت محاولات وبدايات بحاجة إلى مزيد من التثقيف.

ومن الأشياء التي يجب التنبيه عليها أن هناك نوعا من العادات والتقاليد الدخيلة على سقطرى لا ينبغي تشجيعها والاستمرار في عرضها لأنها بذلك تتطور حتى تصبح من صميم ثقافة سقطرى منها رقصة الرجال وتقافزهم إلى الهواء مع أصوات معينة وهذه بحسب علمي تصرف دخيل على سقطرى.  
*المقال خاص بالمهرية نت *