آخر الأخبار
تاه الجنوب بين خطاب منمق وواقع مأزوم!!
عندما تتابع الخطاب، وتشاهد الواقع، تعرف الفرق الشاسع بين الاقوال والافعال، ومن يكسب الثقة وهي مفتاح العلاقات بين الناس، وجسر العبور للمستقبل، قول ما تريد ولكن افعالك هي ميزان مصداقيتك، والناس ليسوا اغبياء يمكن يكونون اذكى ممن يطلقون خطابات سياسية منمقة بمفردات وجمل، عهود ووعود، اماني واحلام، وبعد برهة من الحديث، ينتظر المستمع ممارسات على الواقع، فيكتشف الكارثة، انه امام عقلية لا تؤمن بما تقول، تقول خطابا وتمارس عكس ما تقول.
تخلقت القضية الجنوبية من ازمة الثقة، في خطاب الوحدة، والممارسات الانفصالية، بين الاقوال والافعال، عندما انكشف حجم العقلية السلالية والقبلية لراس السلطة، وتمت عسكرة كل شيء لخدمة تلك العقلية، وغابت الدولة في دهاليز تلك العسكرة، مما دفع بقوى الدولة والمشروع الوطني الوحدوي، العودة الحميدة للخلف لاستعادة زمام الأمور، وللأسف لم يسمح لتلك العودة ان تكون حميدة، لا إقليميا ولا دوليا، ودس بها ادواتهم الخبيثة، لتعمل إعلاميا نحو تعزيز الصراع بما هو أسوأ من السلالية، وهي المناطقية والطائفية، ليديروا انفصالا بمقاس تلك النعرات الخبيثة، وبدلا من عسكرة القبيلة، تمت عسكرة المذهب والطائفة والمنطقة، وتشكيل مخالب جديدة لتنهش ما تبقى من دولة ومن مؤسسات.
اريد للطائفة الحوثية ان تلتهم اليمن شماله وجنوبه، وعندما شعروا ان اليمن لقمة أكبر من حجم بلعوم الحوثي، عادوا لتقسيم الجنوب لكنتونات تديرها أدوات لا دولة، وهي أدوات اختيرت بعناية من العصبية المناطقية والمذهبية والسلالية، لإعادة إحياء مشروع ما قبل الثورات التحررية والدولة الوطنية، وها هو المشروع المرسوم يسير بأدواته الرثة حسب ما هو مخطط له.
في المعمعة نرى ما لم يتخيله العقل، في عدن المدنية تدار بعقلية قادمة من اغوار القبلية المتخلفة، محاطة بعساكر ومعسكرات بأجندات الارتهان، اجندات لا علاقة لها بالمدنية وحرية الفكر والثقافة، بل اصلها هو البداوة ومنهج حكمها اقطاعي اسري سلالي، تتصيد كل ما له علاقة بالدولة المدنية ومؤسساتها، تمكنت من تجريف ارث عدن الثقافي والسياسي، وعرقلة مقوماتها الاقتصادية، وتحويلها لمجرد ارض فيد للصوص وناهبي الأرض ومنتهكي الكرامة والعرض، يسمح لهم ان يتقاتلون من اجل قارورة خمر، واو قطعة حشيش، او نفوذ على منطقة، او تقاسم المنهوبات، وتقاسم الإيرادات، مما جعل عدن وابناؤها ضحايا هذه المعارك العبثية.
وما زال البعض يطالب بدمج تلك المعسكرات، وهيكلة تلك الوحدات، وهو يعلم ان من يحكمها هو التحالف الذي لن يقبل بقوة عسكرية وطنية لا جنوبية والا شمالية، هو نفسه من يدير أرجوزات السلطة، ويحركها حسب الطلب.
المطلوب ان يستعيد الشعب ارادته، ويستعيد وطنه من ايادي الشر وادواتهم، بثورة شعبية عارمة تعيد ترتيب التوازن الوطني للبلد، وترفض هذا الواقع وتعمل على تغييره، ثورة إرادة وحرية وعدالة ومواطنة، وهي إرادة شعب إذا قرر استجاب له القدر.