آخر الأخبار

غزة يا عدن تصحح المسار

الثلاثاء, 07 نوفمبر, 2023

تابعي يا عدن ما يحدث في غزة، قد يهون عليك مصابك أمام مصاب غزة الأكبر على الأمة العربية والإسلامية.

ما أكثر مصائبنا المتزاحمة التي أثقلت حياتنا، يتهيأ لنا أننا الوحيدين الذين يعانون ، وتكاد تكون أوجه المعاناة في تشابه ما بين مستعمر غازي، ومستعمر منا وفينا، في توظيف حقير للاختلافات الفكرية والعقائدية، التي يفترض أن تكون مصدر إثراء وارتقاء، وبغباء تتحول لنقمة وفتنة، حولت الأطماع الداخلية من قوى تقليدية متخلفة رجعية بشعة، تجمعهما الرعب من سلطة الدولة العادلة، دولة المؤسسات والحكم الرشيد والكفاءات، لمجرد أدوات تخدم المستعمر، الذي وجد فينا ما يوظفه لخدمة أجنداته وأطماعه.

الأطماع هي الأطماع خارجية وداخلية، هي مصدر صراعاتنا السلبية، ومعاناتنا التي عكرت صفو الحياة وأفقدتنا الثقة ببعض، وأصبحنا أعداء نفتقد للإنسانية، وننظر للمختلف بازدراء، بلوة ابتلينا بها، وأغرقتنا في بلاوي أكثر مما كنا نتصور.

الصراع اليوم هو صراع من أجل المال، ويكتظ بالمنافقين، صراع بعثر كل ما بداخلنا، من قيم وأخلاقيات من خلال إثارة الفتن، ما ظهر منها وما بطن، فتن تفتك بالأمة التي هي اليوم ليست بخير.

لا تظلموا ثوراتكم، إنها فكرة تخلقت من حاجة، حاجتكم للتحرر من الاستعمار والكهنوت، وكيف لكم أن تتحرروا بدون وعي يرتقي بتلك الفكرة، ويحميها من الفتن التي مزقت أوصالكم وشتتكم لجماعات وطوائف ومذاهب وأعراق تتقاتل على أبسط الأمور، وكل منكم يبحث عن قوة تسانده، وهذا ما يحتاجه المستعمر، فكان سندكم لقتال بعض، واستطاع توظيف أوسخ ما فيكم، سادة إنتاج واقعنا اليوم.

ومع استمرار دابر الفتن، يبقى المستعمر هو المسيطر، وهذا ما هو قائم اليوم في كثير من الدول التي تحررت ولم تتحرر بعد من فتن المستعمر وأدواته ، التي رسمت ملامح أوجه مأساتنا اليوم، وصنعت واقعنا المأساوي.
 

المؤكد أن تاريخنا فيه الكثير من الفكر السامية والنبيلة  والأكثر من الأحداث المأساوية، وفينا من يقف عند كل فكرة، ومن يقف عند كل حدث، فينا من يعمم ومن يشخصن، ومن الطبيعي  الفروق الفردية، واختلاف الرؤى والكفاءة ومستوى التفكير والقراءة، ومن غير الطبيعي أن يتفوق ما هو أدنى على ما هو أسمى ، فيضاعف من مصابنا، ويبعثر أولويات ما نحتاجه لكي ننهض ونرتقي، وقد نشعر أن الزمن توقف عند نقطة معينة، لم نتمكن من تجاوزها، وأننا غير قادرين على استكمال ما بدأناه، بعجز أفقدنا الصواب، وفقدنا تجارب مهمة في حياتنا تأسست بتضحيات جسام ، كفر بها البعض من كثر ما أصابه من إحباط ويأس.

ما الفرق بيننا وبين هذا العالم بكل ما فيه من تطور ونفاق، لماذا تفوقوا علينا؟ ولماذا يصبون جام غضبهم اتجاهانا؟

أحيانا ينتابني شعور أننا لم نفهم ما يدور حولنا، أو لا نريد أن نفهم، العالم يتطور ولم نستطيع أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون مستفيدين مما حققه هذا التطور، بل يحلو لنا أن نبدأ من حيث ابتدأوا، نجرب جنونهم قبل أن يعقلوا، فدفعونا للمزيد من الجنون يقدمون لنا العلاج المدمن، جنون من قتال الإخوة ، وفجأة نجد أنفسنا قد فقدنا كل شيء و نعود لنقطة الصفر، النقطة التي تعيدنا لما تحت الصفر، وعندها نقف نندب حظنا ونندم على ما أصابنا، ندم غبي لا ندم ذكي نلتقط فيه الأنفاس ونفكر قليلا في ما حدث، ونعيد الكرة بحماس لخوض تجربة دون تحسب لفشلها أو النجاح ، حماس دون وعي ينقلنا من سيئ إلى ما هو أسوأ ، بقيادات أدنى مما نتصور، ونبقى في دائرة الشكوك والهواجس التي تجعل كل من حولنا أعداء، ونعيش في نفس دائرة الفشل والأسى التي صنعناها في مخيلتنا وأخذت مساحة كافيه لتجعل منا مجرد فاشلين صغار لا نستطيع أن نعيش دون وصاية وارتهان، رغم ما يحققه الأبطال النادرون في زمن الخذلان، وينتشلوننا من قاع الذل والمهان في صدمة تعيد شيئا من كرامتنا، وغزة يا عدن ستعيد رسم المسار وتسقط كل تلك الخيبات والأصنام.
 

المقال خاص بالمهرية نت 

الحرب ومصير الأمة
السبت, 21 ديسمبر, 2024