آخر الأخبار
مهرجان زايد في سقطرى.. الإفلاس الحقيقي في جميع النواحي!
اعتادت مؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية إقامة مهرجانات ترفيهية ورياضية في القطاع الجنوبي لأرخبيل سقطرى، وتحديدا في منطقة ستيروه.. وفي كل مرة تظهر مسميات وفعاليات أخرى أحيانا خريف ستيروه وأخرى خريف نوجد وثالثة مهرجان خليفة وزايد وغيره.. وهذه المرة حمل عنوان مهرجان زايد2023.
يجمع المهرجان بين الرياضة بأنواعها والعروض الترفيهية في مكان واحد يفصل بينهما جدار صغير وبوابة تربط بين الطرفين من الوسط، ومحاط بشباك تكاد تغطيه أعلام الإمارات مع شيء من أعلام الانتقالي، ولا تهم الناس الأعلام بقدر ما يهمهم أنه ليس هناك فاصل يمنع تشتت الذهن ويجلب التركيز.
كل ما يقال في المهرجان مسيطر على سمعك وأنت تشاهد مباراة بين ناد وآخر أو دوري وآخر، وكما أن السمع يسلب منك لا إراديا إلى مكان آخر كذلك التركيز البصري لن تستطيع التحكم فيه فتحتار هل توجهه نحو كرة القدم أم الطائر، فكلتا المباراتين الطائرة والقدم في مكان واحد لا يفصل بينهما شيء، وكثير ما غزت كرة القدم المساحة الترابية أو الميدان المخصص لكرة الطائرة وهكذا تغازل كرة السلة ميدان ومرمى كرة القدم.
لست وحدي من تشتت ذهنه وسمعه وبصره في المهرجان بل المشاهدين جميعهم يعانون من ذلك، فمرة يأخذ تركيزك كله زغردة وتصفيق المهرجان وأغانيه، ومرة يأخذه تصفيق وتشجيع الناس على هدف شباكي للسلة أو آخر للقدم ومن التوفيق أنه لم يحصل تحقيق هدف هنا وهناك في وقت واحد على الأقل في وقت تواجدي بينهم.
ومن اللطائف أني كنت أجلس بجانب أحد قادة الفرق وكان تركيزنا ناحية كرة القدم، وفي لحظة ما تعالت أصوات تصفيق وتشجيع تشير بفوز فريق في الكرة الطائرة فصرفنا تركيزنا مجبرين إلى هناك وسألنا ما الحاصل أخبرونا بالنتيجة، وفي اللحظة التي أعدنا النظر إلى ميدان كرة القدم رأينا المباراة توقفت.. سألته ما الحاصل قال لا أعلم.
حارس مرمى الجهة الشمالية على الرغم من نباهته وتركيزه تشتت تركيزه هو أيضا فأحيانا تأتيه الكرة الطائرة من خلف الشباك وتأتيه كرة القدم من الأمام خلافا للصياح والأصوات المتداخلة التي تجاوره.
حقيقة هناك خلل إداري واضح لا أدري لماذا الإصرار عليه، فعلى الرغم من قلة الجمهور المحتشد تم تجزئتهم جسديا وفكريا بين ثلاثة أنشطة تقام في وقت واحد وبقعة محدودة المساحة، وهذه نتيجة طبيعة للخلل الإداري وللإفلاس المالي والثقافي، مما جعلني أتحسر على تواجدي في المكان وأقول إن قطع مسافة ساعتين أو أكثر من العاصمة حديبوه أو من مناطق أخرى بعيدة لحضور المهرجان هي نقمة تلحق الإنسان فتأخذ من ماله وجهده ووقته دون أن تعود عليه بأي فائدة تذكر.
في العروض الثقافية أو مهرجان زايد2023م ترى الإفلاس الحقيقي في جميع النواحي، في الأخلاق وفي العطاء وفي العروض التقديمية والأسئلة الثقافية.. فبالإضافة إلى المقدم الأساسي المدعو أبي حميد المهري وهو إماراتي الجنسية هناك بنات شابات ظهرن هذه المرة من غير حجاب أو براقع وزادت جرأتهن في التعامل مع النساء فقد حاولت إحداهن خلع حجاب المشاركات لكنها لم تستطع ناهيك عن رقص النساء الشابات في المنصة أمام الجميع وهي عادة لم تشهدها سقطرى من قبل.
يتعمد المقدم تقويض التراث السقطري وتحريفه وترسيخ التراث الإماراتي من خلال الأغاني والدعوات والتشجيع لدولته وحكامه منذ سنوات، وتزداد جرأته في كل سنة نظرا لغياب الدولة وكثيرة هي المرات التي تسمع فيها اسم دولة الإمارات تطن في مسامعك، ومن المستحيل أن تسمع باسم دولة اليمن فالأغاني المسجلة إمارتية تمجد أبا خالد وتلوح بدبي وتطوف على أبوظبي وغيرها من أماراتها.
وكم تمنى الناس أن يجدوا شيئا من المتعة والتسلية والطرافة في المهرجان، بل على العكس صار العرض مملا وخاليا من الطرافة والإبداع والإمتاع.. رقصات خليجية بحته كما تمشي الجمال والقعدان ومدائح بأصوات النساء تمجد أبا خالد محمد بن زايد وعبد الله المهري مقدم البرنامج وهي عبارة عن جمل مكررة لا تزيد على جملتين أو ثلاث تمنح الحفظ والفخر للرجلين.
أما عن الجوائز فما أدري لماذا لا يخجل مقدم البرنامج حين يصدح بأعلى صوته مبروك للفائز عشرون درهما مقدما من دولة الإمارات العربية المتحدة يا للهول دولة الإمارات بكل حجمها المادي والحضاري تقدم عشرين درهما أي إفلاس هذا!
ختاما: أؤكد أنه لو كان رعاة المهرجان جادين في البحث عن المادة الثقافية وعن الأشخاص الموهوبين فسوف يجدون ما يحتاجونه من أبناء سقطرى، فهناك شعراء بارعون في تلحين القصائد، وهناك كوميديون وأصحاب طرف وقصص وفنانون، ولو كانوا يسعون إلى ترسيخ التراث السقطري لنجحوا، ولأقبل عليهم الناس من كل حدب وصوب.
*المقال خاص بالمهرية نت *