آخر الأخبار

تاريخ اللباس في سقطرى!

الأحد, 25 يونيو, 2023

تبادر إلى ذهني هذا الموضوع عندما رأيت تكلف الناس وقلقهم حاليا في شراء ملابس العيد، فقد كان اهتمام الإنسان السقطري باللباس أمرا ثانويا، كانوا يحرصون فقط على ما يستر عورتهم أو يقيهم حر الشمس ويدفئهم من قر الزمهرير وربما جاءت بساطة ملابسهم  من بساطة حياتهم.
 
إلى عهد قريب لم يكن في عاداتهم البحث عن الثوب الشهير ومتابعة الموضة والجري خلف كل جديد الشكل مختلف الحياكة والطراز،
وعند الحديث عن حياة الناس قديما وخاصة ملابسهم في جزيرة نائية تتبادر أسئلة إلى ذهن القارئ هي ما هي ملابس الناس في سقطرى منذ القدم؟ وكيف تصل هذه الملابس إليهم؟ وما هي قيمتها وطرازها؟ ومسمياتها؟
ويمكن أن نكشف الإجابة عن هذه الأسئلة في ثنايا حديثنا عن الملابس في المجتمع السقطري بشكل عام.


في القديم كان الناس يخيطون ملابسهم بأنفسهم وخاصة الداخلية منها، وهذه الخياطة تكون يدوية بالإبرة والمخيط فقط، وكانت ملابس الرجل الخارجية عبارة عن وصلة من ثوب (المريكن) الأبيض، وهو بالأساس طاقة الكفن التي لا بد من أن تتواجد في كل بيت ولا يتم تخيط هذه الوصلة من أي جهة فقط.

يكتفي الرجل بقص 4×4  أذرع من هذه الطاقة لتكون إزاره وأربعة أذرع أخرى لتكون في الجزء الأعلى منه والغالب أنه يلفها على رأسه أو على خصره ويستدفئ بها حين البرد ويتغطى بها حال النوم.

ثم تطور الحال قليلا عندما جلب بعض التجار من بلاد الحبشة أو السواحل كما يسمونها بعض الملابس، وقد اقتصر هذا التاجر على ملابس معينة بألوان خاصة وتشكيلات موحدة وماركة موحدة فصارت لباسا موحدا لأهل الجزيرة عامة.

كانت ملابس الرجال عبارة عن فوطة من النوع الخشن تسمى بو فيل وأخرى من النوع العادي الشبيه بالمطاط تسمى بوبلي، ولأن الغالب منهم لا يعتمر القميص اتخذ البعض ممن يحبون ستر ظهورهم وصدورهم ثوبا آخر يسمى شقاه (بالشين الجانبية) يلفونها بشكل هلالي على جزئهم العلوي، والبعض يستخدمها للصلاة، فلا يصلي إلا بها فيشد بعضها على جسمه السفلي والباقي من الأعلى كما يفعل الحاج والمعتمر.

والبعض استخدم المسار لجسمه الأعلى والمسار: خرقة حمراء خفيفة تستخدمه النساء لستر شعرها والأجزاء العلوية من الصدر والظهر، والمسار نوعان أحدهما  جيد يسمى بو ساعة والآخر نوع رديء يسمى مسار خطه خمسية.

ومن ملابس النساء ثوب يسمى كنيكي: وهو ثوب أسود خفيف تستخدمه النساء خاصة في أوقات العمل في السقي وغير ذلك من الأعمال.

ومن ملابس النساء الخلاق: وهو ثوب عادي متعدد الألوان يترك فيه من الخلف ذيل طويل تلفه المرأة مرة ثانية من الأمام من منطقة السرة إلى الأسفل، وتمكنه وسطها بسلسلة من حديد في حلقتها بعض المفاتيح ويكون مزينا بالتال الفضي في منطقة الصدر والذيل.

وهناك ثوب آخر يسمى صيحوتي أبو رنجين وهو ثوب عادي الماركة والجودة لونه يميل إلى الأزرق يعد أغلى ثوب تستخدمه النساء في الأعراس والحفلات ولا يتواجد إلا عند البعض منهن وقد تصل قيمة هذا الثوب إلى 12 صيق من السمن والصيق الواحد 10 فياجين والفنجان يقارب الكيلو، ولندرة هذا الثوب يتبادلونه أو يستأجرونه من مكان إلى آخر.

ومن القصص في هذا المجال أن رجلا باع ثوبا من نوع الصحيوتي أبو رنجين على امرأة تزوج إحدى قريباتها ولم يحن موعد عرسها حتى ظهرت عند زوجة الرجل البائع حاجة إلى الثوب فاشتراه من المرأة مرة ثانية.


حكى لي أحد كبار السن أنه كثير الزواج والطلاق وقد تزوج بثوب واحد من هذا النوع 13 امرأة حين يطلق الأولى يأخذ الثوب ويسلمه الزوجة الجديدة، وهكذا والقصص في ذلك كثير، وهذه نماذج فقط تعد من أروع نماذج البساطة التي حكينا عنها.

*المقال خاص بالمهرية نت *