آخر الأخبار

عن أي دولة تتحدثون ؟!

السبت, 27 مايو, 2023

استعادة الدولة , شعار فضفاض , قابل للتفصيل بمزاج العقلية , والناس تتابع وتترقب , بذاكرة ليست مثقوبة , تتذكر جيد كل مرحلة , وكل مأساة , وكل وجع , وتحكم , فعن أي دولة تتحدثون؟

  الحزب الاشتراكي اليمني  قيم تجربته , واعترف بأنه كان مخطئا عندما انفرد بالسلطة , واستخدم العنف بإزاحة الآخرين , هي تجربة ليست ملك الاشتراكي وحده , تجربة الجنوب اليمني , ومآسي و أوجاع مرحلة عصيبة , دروس وعبر , فلا نحتاج أن نضحك على بعض , بحكايات الزمن الجميل , جماله لكم وقبحه لغيركم , ممن شردوا وهجروا ونهبت وأممت ممتلكاتهم , ولا يرغبون أن تعود مثل تلك الدولة ,كما لا نريد أن يعود نظام 77 , ونرفض ممارسات البغي اليوم , وعنتريات الزعامة والقادة , وشطط البندقية والدبابة , ما لم ينفع الاسكود والميج , لن تنفع مدرعة , اعقلوا وتعقلوا , فالحرب أكبر خدعة , إن دامت لغيرك ما وصلت إليك .

  لا نحتاج أكثر من عقل , مستوعب لتجاربنا , فغاب هذا العقل , وحضر العناد والجهل والعصبية , وما لا يهتم بتجاربنا وعبر الماضي , أكثر من اهتمامه بضغائنه وإثارته وأحقاده , وتصفية حساباته , فالحديث عن التنوع وأهمية الاختلاف في الرأي , حديث عبثي مع هكذا عقلية , كالحوار تحت حكم البندقية , من لا يخضع بالعنف  يمكن شراؤه , وما اكثر مذاهب المنفعة والبراغماتية.

  الاختلاف نعمة إذا ما وجد وعي يستوعبه , ليكن أداة تنمية , يثري حياتنا السياسية والاجتماعية , ونرتقي لنتعايش كأعراق وثقافات وجماعات سكنية مختلفة , لنشكل نسيجا بطيف جميل بجمال التنوع , نكمل بعض , و نؤازر بعض ,في السراء والضراء ,ونكون مصدر خير وسلام  لنا و لجيراننا , بندية نحفظ سيادتنا وقرارنا المصيري ,  ونرتقي وننهض لمستوى الأمم المحترمة.

  اسودت الوجوه , حتى صار من العار أن تعاير , إن كان النظام السابق عميل ونفوذه موظفين مع اللجنة الخاصة , فماذا نقول عنكم اليوم ؟!, وأنتم بالمثل , دمى تحركها الأموال المدنسة , تؤدي أدوار في مسرحيات هزلية , تتحرك وفق الأوامر والأجندات , تنقلها طائرات الشحن كبضاعة , وليست أي بضاعة تثير الفتنة وتسمم اللحمة , وتهدر الطاقات والمقومات ,والتاريخ لا يرحم . 

  أي مشروع سياسي أو ثقافي , لا قيمة له , ما لم يقدم حق الآخر , ورأي الآخر , بل يدافع بقوة عن هذا الحق وهذا الرأي , دون ذلك هو مشروع صغير وحقير , لا يمثل غير جماعة أنانية , وعقلية استحواذية , ونفس مريضة , لا تبحث عن وطن يستوعب الجميع , بل تبحث عن سلطة تتمكن من خلالها إرغام الجميع لمشروعها , وأي حر يرفض , يمارس فيه كل وسائل القبح الكامن , وكل انا بما فيه ينضب.

  الدولة التي تدعون أنكم تستعيدونها , وتطالبون من الآخرين أن يتحولوا لجنود في معاركم العبثية , وكمبارس في مسرحياتكم الهزلية , ليس جغرافيا فقط , بل جغرافيا تسكنها جماعات سكانية حره, اتخذت من تلك الجغرافيا سكننا للعيش الكريم , شكلوا معا جغرافيا الجنوب واليمن , بمحاذات أمم أخرى في الجزيرة , فتكونت مستوطناتهم من قرون , منها الحضرية ومنها القروية , ولا ضير في ذلك , إذا أدرك القروي حقوق الحضري , وساعد الحضري في تحضر القروي , في معادلة تؤدي لتطور يجاري العصر , والمشكلة اذا ما انعكست تلك المعادلة نحو التخلف .

  يبقى عليكم أن تدركوا ان لكل تجمع سكني خصوصية وإرث ثقافي وسياسي واجتماعي , ولكل جغرافيا مميزات  ومقومات , ما لم تدركون أهمية ذلك  ستقعون في المحظور , وللأسف وقعتم فيه , ولهذا تبرز أصوات ترفضكم , في حضرموت وعدن , في المهرة وابين , في كل شبر في الجنوب في مناطقكم ستجدون صوت يرفضكم , هذه الأصوات لها حق , وهي ناقوس تنبه انكم لست على صواب , ولكم الاختيار في تصحيح المسار , او المضي والاستمرار  .

  واقع عدن اليوم يضعكم في المسؤولية , وحضرموت تنظر لعدن , كما تنظر كل مناطق الجنوب لكم من خلال عدن , وتبحث عن النموذج , ولا تريد أن تسمع مبررات سخيفة , تحتقر العقول , وتخرج عن المعقول , قدموا نموذج , واذهبوا  به بفخر لتستقبلكم الناس بالأحضان , فعدن نموذج سيء واسوأ مما هو متوقع .

  اليوم حضرموت تجتمع لتدافع عن حقها , والمهرة تتصدى لأي غزو , وعدن تئن , وتحاول أن تجمع شتاتها , وأنتم تجمعون حولكم كل منفعي براجماتي , وتوظفون كل ما لا قيمة له في المواطنة , ما لم تدركون احتياجكم لمواطنين , فالمواطنة شراكة في المسؤولية و المصير , والمنفعة تنتهي بانتهاء المصلحة , فتتحول لأحقاد , وتاريخنا غني بالتجارب والعبر , فهل تتعظون يا أولو الألباب. 

  *المقال خاص بالمهرية نت*