آخر الأخبار
قصر معاشيق وهوية الدولة
تلقيت اتصالا من صديق , يبلغني عن إدراج اسمي في قائمة المدعوين لصلاة العيد مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي ونائبه في قصر معاشيق.
وكانت فرصة للمشاركة في جمع غفير , تلتقي فيه مع بعض المسئولين ورجالات السياسية والمعنيين بالوضع الإنساني , لنضع هموم عدن في كل لقاء وحديث على هامش هذه المشاركة , ومعرفة الهوية السياسية المفروضة لتركيبة المجلس الرئاسي , وشكل الدولة المعلن التوافق عليها , وأين أحلامنا وتطلعاتنا من هذا التوافق ؟
وقفنا في طابور طويل من السيارات على أول نقطة في مدخل صيرة , كانت الفوضى عارمة , و عدد كبير من الجند بأيديهم كشوفات يتنقلون بين السيارات والحضور بشكل عشوائي وغير منظم , تطلب الأمر البقاء حتى يأذن الله لنا بالدخول , وبعد أن تسلل إلينا الملل وقررنا العودة , وجدنا أنفسنا محاصرين بلا عودة , حتى أذن لنا أحد الضباط بالتوجه لبوابة معاشيق , كان الطريق إجباريا و العودة مستحيلة في زحمة وفوضى من السيارات والأطقم العسكرية , والمتنفذين الذين يشقون طريقهم وسط الزحام , فسهل الله علينا الدخول , وتركنا السيارة في باحة معاشيق وتوجهنا في باصات لقمة الجبل و قصر معاشيق.
كنت التفت حولي باحثا عن هوية الدولة اليمنية التي يمثلها المجلس الرئاسي , لم أجدها إلا في عدد قليل جدا من جنود وضباط الجيش اليمني ,الحاضرون لمعايدة الرئيس ونائبه , والمسئولين عن التنظيم والترتيب والحراسة جند من القوات العاصفة الرئاسية التي تتبع المجلس الانتقالي , والحقيقة أننا افتقدنا لصورة وهوية الدولة التي يمثلها هذا الصرح , وافتقدنا لتنظيم وترتيب يمثل دولة.
وبعد الصلاة توجهنا لقاعة تقديم التهاني ومعايدة الرئيس ونائبه , وصدمنا بحجم الفوضى العارمة أمام بوابة الدخول , وازدحام الجند أضاف لازدحام الحضور عبئا , مع الشعور بغياب قيادة صارمة لعملية الترتيب والتنظيم , لم نستطيع التفريق بين الجندي والضابط , ولم نفهم من هو المسئول عن الجنود وتنظيم دخول الناس.
كنا مضطرين بحكم العمر الانتظار , على حافة جدار , وجدناها فرصة للقاء بعدد من الناشطين والمسئولين والسياسيين والصحفيين , وتداولنا معهم أطراف الحديث , والكل كان يتمتم بكلمات الغضب والنقد مما نشاهده من فوضى , حتى بدأت الزحمة تخف توجهنا لدخول القاعة , وجدنا شكل الدولة يظهر بالتشديد في التفتيش , لا يسمح بدخول القلم والتلفون والولاعة وأي شيئ حاد , وفي أول باب فتح لمقابلة الرئيس كان العلم اليمني بارزا ليعلن أننا أمام قيادة الدولة اليمنية , رئيسا ونائبا لمجلس الرئاسة اليمني وعدد من المسئولين , هذه الدولة المحصورة على غرف الاجتماعات والمناسبات الوطنية المسموح لها , دون ذلك , مازلنا تحت سلطات أمر واقع مفروض علينا ببندقية المشاريع الصغيرة , التي لم تستوعب بعد أن حالها يجب أن يكون في إطارها الوطني , وفرض أمر واقع خارج هذا الإطار ما هو إلا مدعاة للفوضى التي نشهدها بإستمرار في كل فعاليات وأنشطة الدولة الغائبة , نشاهدها باستمرار في مطار عدن منذ استقبال الحكومة , وحتى استقبال المفرج عنهم من المعتقلين , حيث الفوضى وغياب التنظيم والضبط , أي غياب الدولة ومؤسسات المعنية بذلك.
والحديث عن هدنة وتسوية في ظل هذه الفوضى حديث عبثي , لن يحقق لنا أحلامنا وطموحاتنا في تغيير حقيقي ودولة محترمة , وتغيير منشود , ومستقبل مأمول , هي فوضى تعيد ترتيب أدوات الصراع , وتوظيف أدوات الارتهان والتبعية , ويبقى الوطن لا سيادة والموطن لا إرادة , يطلق سراح من يريدون بانتقائية , تسوية لا تحقق العدالة والحرية والمساوة والشراكة والتعددية , تسوية لا تطلق سراح كل المعتقلين السياسيين , وتعلن عن كل المخفيين قسرا , وتغلق كل المعتقلات الغير قانونية , هي تسوية لا تعني اليمن ولا شعبها الطامح للسلام العادل والمستدام.
المقال خاص بالمهرية نت