آخر الأخبار

عقلية القرية في المدينة

الأحد, 09 أبريل, 2023

الحرب عكرت صفو حياتنا المدنية , وتغييب روح القانون , لتجسيد روح العصبية , في مدينة حاضنة لكل الأعراق والثقافات والعصبيات , فيها التعدد السياسي والثقافي و التنوع السلالي , المنارة التي يفل نورها اليوم .

  مدينة كهذه من المستحيل أن تحتكم لعصبية واحدة , وفكر وثقافة واحدة , تحكمها سلالة ومنطقة , مديرية أو محافظة , فتتشكل حالة رفض , و يتخلق من هذا الرفض أساليب وأدوات المقاومة , التي تبدأ بالكلمة ولابد أن تنتهي بالخلاص من المستحيل , مهما طال الزمن أو قصر.

  تتخلق من رحم الحرب أدوات ,  تستهدف مؤسسات المجتمع المدني , وتستهدف كل ما هو معني بسيادة القانون , محاولين قتل روح النظام والقانون , ليتاح لهم العمل في حالة من الفوضى والانفلات , مما يبرهن دون شك ان الحرب لا مشروع لها غير الدمار والخراب , وخاصة لكل من يرفع شعار اجتثاث الآخر , ويعمل باجتثاث منجزات الماضي الإيجابية , ويعزز من دور كل ما هو سلبي , لتأزيم الواقع. 


نسمع أصوات هنا وهناك في عدن وبعض مدن اليمن , عن نفوذ القبيلة والعسكر , وأبناء القرية , وهي حالة لا ينكرها إلا أصحابها , الذين يرون أن من حقهم السيطرة والتمكين على مناطق نفوذ , متخذين من الحق الإلهي أو الحق المناطقي سلطتهم على الآخرين , وإهانتهم وإذلالهم , مستنكرين الاستعلاء المدني , محاولين إفراغه من مضمونه , واذا بهم معاول هدم يحرثون كل خير المدينة والمدنية , ويزرعون بدلها أفكار قريتهم وعصبتهم , فلا نستغرب ان يتفاخر هؤلاء بألقابهم وانتمائهم المناطقي .


ونسمع صدى تلك الأصوات التي تعكر صفو الحياة والتعايش والتسامح , بالكراهية والأحقاد والضغائن والعنصرية , كلها مبررات لكل ما يعتمل , وهو طغيان القرية على المدينة , التي تحتمي بالعسكر على المدنية. 


كل هذا يخنق عدن اليوم , كما خنق صنعاء , و يتم خنق المدن , لصالح عصبيات الصراع والنعرات والعقائد , وهي أسوأ الصراعات والحروب التي لا تنتهي بسهولة , إلا بعد ان تترك المدن خرابا وتقضي على كل ما يتعلق بالمدنية والتحضر والتقدم , تقضي عليها كمنارات علم وثقافة , لتجسيد التخلف والعصبية الجاهلية , وهي عصبية ما قبل الدولة , وبالتالي القضاء على كل ما يتعلق بفكرة الدولة , مؤسسات ومنظمات مجتمع مدني , النظام والقانون , القضاء والأمن وكل ما يتعلق بمؤسسات العدالة والحريات. 


ما حدث في عدن هو ذات المخطط , لا مجتمع مدني متعافي , لا قضاء مستقل , ولا أمن يخدم المواطن , وتقريبا لا دولة واضحة المعالم , السلطة بيد العسكر , هم فارضو الجبايات والاتاوات , متحكمين بالاقتصاد والسياسة , بالوظيفة العامة بكل ما يتعلق بالسلطة, والبقية مجرد أدوات عمل , لا وجود لفكرة الدول في الذهنية , ولا قبول للنظام والقانون , والمدنية هي العدو الأول , وسيطرة القبيلة والقرية هي الاستراتيجية القائمة , يرون انهم  المهاجرين والبقية انصار , في ايعاز واضح لعبادة الزعيم كرسول , واستغفر الله العظيم من كل شر عظيم.

  المقال خاص بالمهرية نت 

الحرب ومصير الأمة
السبت, 21 ديسمبر, 2024