آخر الأخبار

عامٌ جديد.. لاشيء غير الوجع والجري وراء المجهول!

الخميس, 05 يناير, 2023

مر عام 2022م، لم يكن كلمح البصر كما يزعم البعض-  أن السنين تمر مسرعة-؛ لكنه هنا وبين أوساط اليمنيين كان ثقيلًا لا يطاق، كان محملًا بالكثير من الأوجاع والمآسي والمحن التي ضج بها الواقع اليمني، فقد عاش فيه  اليمنيون الكثير من الأوجاع والفقد والحرمان لدرجة أن اليوم  الواحد كان يمر على الكثير كالعام؛ لشدة ما كانوا يعانون فيه، فلا  أثقل وأوجع من زمن  لا يجد فيه  الإنسان لقمة العيش التي تبقيه على قيد الحياة، عندما تعقيه الحياة حتى أنه لا يقدر على مواصلتها، يعجزه شراء القليل من الدقيق، أو حبة دواء يهدئ بها  الصداع الذي يسطير على رأسه ويكاد أن يعمي بصره من كثرة  التفكير الذي لا يجدي شيئًا سوى مزيدٍ من التعب والإرهاق؟!.

  لا أثقل من عام تنتظر فيه الأم  ابنها المختطف والزوجة زوجها المخفي قسرًا والطفلة أباها الذي وعدها في يوم ما أنه سيخرج ليجلب لها لعبة ويعود ليلعب معها ولكنه لم يعد؛ بل تم  اختطافه وهو يعيش طوال الوقت تحت  تعذيب المليشيات له دون رحمة لحاله، أو لحال أهله الذين كاد أن يعميهم البكاء وكثرة الانتظار، والجري وراء السجانين للظفر بلقاء لبعض دقائق مع ذلك القابع خلف الزنازين الذي يمر عليه العام الواحد كألف عام.

  لا أوجع من عام يعيش فيه النازحون حياة التشرد والضياع والتنقل من مكان لآخر بحثًا عن الأمان، الأمان الذي ضاع مع أول شرارة لهذه الحرب اللعينة.

  هاهو عام 2022م ينقضي كما انقضت الأعوام السابقة التي تركت بعدها الجراح الكثيرة  في جسد هذا الشعب المتعب، الجراح التي لم تندمل بعد، عامٌ انقضى ليدخل بعده عام جديد لا يدري  هذا الشعبُ ما الذي يخفيه له خلف أجنحته، لكنه يستقبله برحابةصدر كما يستقبل بقية الأوجاع التي تنزل عليه كما تنزل الرحى على حبوب الذرة تطحنه وهو يحاول أن يستقيم؛ بل يحاول أن يكون أفضل.

  كلما مر عامٌ يكون هناك نوع من التفاؤل  من قبل العامة من الناس تجاه العام الجديد، يكون هناك نوع من الأمل البسيط الذي يتسرب إلى دواخلنا في أن السنة الجديدة هذه ستكون أجمل من سابقاتها أو ستكون أقل وجعًا منها إن صح التعبير، لكن هذا العام- على ما  يبدو أن- الأمل  فيه قد انتهى مفعوله وتراجع مؤشره للوراء، فترى وجوه العامة بقدومه توحي بالكثير من البرود  والتجاهل؛  وكأن شيئًا لم يتغير وكأن شيئًا لم يُستجد؛ بل إنه عمرٌ يمرُّ، عمرٌ ينقضي بالمزيد من الوجع والمزيد من الحرمان والجري وراء البحث عن لقمة العيش التي تتقلص بين حين وآخر، يقل حجمها وتقل فائدتها وكأنها هي من تأكل أصحابها، لا أنهم يأكلونها هم.

  عامٌ جديد يأتي في ظل  غلاء جديد يزداد من يوم لآخر، وفقد مستمر يتسع مداه، جراحٌ تزداد اتساعًا وقلوبٌ  تضيق أكثر من ذي قبل.


لا شيء غير الوجع هذا ما يظهر في وجوه الناس الذين ملوا من كثر جريهم وراء المجهول… المجهول الذي يقودهم من حفرة لأخرى  ومن جحيم لآخر أشد منه وجعًا وأكثر إيلاما.

  *المقال خاص بالمهرية نت *

المزيد من إفتخار عبده