آخر الأخبار
التحالف واغتيال الأمل في التغيير!
الهدنة بين السعودية والحوثيين , دون مشاركة حقيقية للشرعية اليمنية , تكشف حقيقة التآمر ضد الروح الثورية التحررية في جسد الوطن اليمني , ضد كل من يدعو للسيادة والإرادة في وطننا الحبيب , حقنا في الأرض والثروة والهوية .
ما وصلت إليه جماعة الحوثي من قوة على الأرض , تفرض علينا أفكارها ومذهبها , و تغتال المواطنة ,تقسمنا إلى عبيد وأسياد , وطنيين وخونة وفق معيار حق الولاية والتمايز العنصري , والاصطفاء الإلهي , الذي لا علاقة له بفكرة الدولة والمواطنة , والتغيير والتحول المنشود , والحرية والعدالة والسيادة والكرامة , لولا تدخل السعودية والإمارات وإيران , كقوى إقليمية ذات أنظمة سياسية , تعزز من دور القوى التقليدية المتخلف , التي لن تسمح لليمن أن يواكب تطورات العصر , ويبني دولة تحترم الإنسان والمواطنة , في إقليم لا يحترم حقوق الإنسان .
تدخل التحالف لم يكن لإنقاذ روح ثورة الربيع , بل كان لتصفية تلك الروح , وإفساد كل قوى الثورة وتحالفاتها , والتخلص من العصي منهم على الإفساد.
أكبر إنجاز حققه التحالف , هو اغتيال الأمل في التغيير وتحول منشود , واغتيال كيان الشرعية الدستورية كفكرة والدولة كهدف , فما نراه اليوم من وضعف ووهن للشرعية الدستورية , وما سبق من حملات شرسة وتحريض ضد هذه الشرعية , وإعادة تموضع الأدوات القابلة للارتهان والتبعية , وتوظيفها لتدمير وحدة اليمن , وانتهاك سيادته ,واستباحة أرضه , واستنزاف ثروته , والدوس على المواطنة وكرامة الأمة والإنسان والهوية .
لم تكن الشرعية قبل تدخل التحالف تمثل لنا أفرادا, بل هي منظومة سياسية وثقافية وأخلاقية, تقود مشروع التغيير والتحول السياسي , كانت قابلة للإصلاح والتقويم , وكان المخاض السياسي كفيل بفرز الغث من السمين , وكان المشروع كهدف قادر على تصحيح المسار , لولا تدخل التحالف , وحقن سمومه وإفساد العملية .
الهدنة هي المشهد الأخير , الذي يختتم فيه التحالف تدخله , وهو تسليم البلد للقوى المعيقة لأي تحول سياسي ,من القوى القادرة إغراق اليمن في وحل الصراعات المناطقية والطائفية , والتصدي لاي روح تغيير حقيقي لمستقبل منشود .
لا الحوثي سيصنع دولة , ولا القوات والكيانات المناطقية والطائفية ستقدم لنا دولة , ولا خطاب الثأر والانتقام الذي يقدم نفسه مدافعا عن ماض عقيم مثخن بالتراكمات , ولا التهديدات التي تدعو للسيطرة والتمكين ستقدم لنا دولة محترمة .
كل ما في الأمر هي بيادق تتحرك وفق المخطط , ومن يخرج عن المخطط يتم التعامل معه مشاغب , عليه أن يعود ينفذ ما يملى عليه , أو مصيرة كمصير القوى التي رفضت التوظيف , ورفضت الانخراط في المؤامرة القذرة .
ما نحتاجه في هذا البلد هو أن نتحرر من التبعية للأنظمة التي لم تستطع أن تقدم دولة المواطنة لأبنائها , ولن تسمح لدولة مواطنة على حدودها أو في اقليمها .
إذا ما تحررنا , كقوى سياسية وشعب ونخب , قادرين على التعامل مع الحوثي وأي شكل من أشكال الاستبداد والبغي والطغيان , نحن شعب نمتلك تجربة ليست هينة , في فكرة الدولة الديمقراطية , وحق المواطنة , وقادرين أن نصنع تغيير , وكنا على وشك , لولا تدخل الإقليم من إيران إلى السعودية وتطاول دويلات كالإمارات , على بلد عريق كاليمن وشعب عظيم كالشعب اليمني .
*المقال خاص بالمهرية نت*