آخر الأخبار

اليمن و إرهاب الآخر!

الجمعة, 11 نوفمبر, 2022

عشنا في بلدي اليمن منذ ثورات التحرر من الإمامة والمستعمر , إرهاب الآخر , وهو في الأساس إنكار حقوق الآخرين السياسية والثقافية والعقائدية.. لليوم نعيش إرهاب فرض الأفكار , والمشاريع بقوة البندقية.



لم يعد لنا حقوق , إلا ما تسمح به قوى العنف والسلاح المسيطر , هي من تحدد لنا متى نكون وحدويين , ومتى نكون انفصاليين , هي من تحدد لنا عقائدنا , وتوجهاتنا السياسية , وعلينا أن نغير هويتنا متى ما أرادت , وعقائدنا متى ما قررت.


عشنا منذ اليوم الأول للاستقلال في الجنوب , إرهاب الفكر , والعقيدة السياسية والدينية , من قوى ترى أنها صاحبة الحق , في تغيير عقائدنا، مواقفنا السياسية , وثقافتنا وفق مزاج يهويها. 

ولهذا من حينها لم نعيش حالة استقرار حقيقي , لا في الجنوب ولا في الشمال , بل عشنا في حالة توتر , نقتل بعضنا البعض , بعناوين مختلفة , قرروا أن نكون جمهوريين , وعلينا أن نكون جمهورية ومن قرح يقرح , قالوا اشتراكية وعلينا أن نكون جميعا اشتراكيين أو النفي , قالوا وحدة علينا أن نكون وحدويين أو الموت , قالوا انفصال وعلينا أن نكون انفصاليين أو إرهابيين , وفي كل الأحوال أن نكون كما يريدون أو نعتبر بذرة خبيثة عليهم استئصالها , والمبررات جاهزة .
 
هل يوجد إرهاب أكثر من ذلك ؟ !!!!. واليوم تشدق المتشدقون بالحرية والاستقلال , واستعادة الدولة , ومنذ أن أطلق هذا الشعار , دمرنا فكرة الدولة , وأدواتها السياسية , ومؤسساتها , ونعيش اليوم في واقع لا دولة , ولا حرية ولا استقلال , وتحول المتشدقون لأدوات مرتهنة لمشروع خارجي يريد لهم ولنا , أن نبقى متسولون في بلد غني بالثروات, مهانون في بلد كريم الأصل والفصل , ضعفاء في بلد لديه من مقومات القوة , بدون دولة في بلد كل تاريخه وحضارته هي دول ودويلات , بدون هوية في بلد هويته فخرا واصالة وتاريخه اصل العرب والعروبة , ونصر الإسلام , ذكر في الكتب السماوية.

 
الإرهاب هو في الأساس إنكار لحقوق الإنسان السياسية والفكرية والثقافية والعقائدية , بهذا التوصيف حُكمنا لسنوات من مجموعة إرهابية , ولازال يحكمنا إرهابيون , والمفارقة العجيبة أنهم يتشدقون بمحاربة الإرهاب , وهي قتل كل المعارضين , أو نفيهم , أو تقييد حرياتهم , وسجونهم تمتلئ بالأبرياء , ومعظم الشرفاء والمعرضين للظلم والطغيان مخفيين قسريا , وأغرب المفارقات أنهم تخلصوا من معارضيهم بعمليات إرهابية شهدت لها منظمات دولية , وكشفت استدلالاتها منظمات حقوقية عالمية. 

  لو اجتمع القوم على الحق , وتوافقوا على حقيقة من هو الإرهابي ,يعتلون صفة الإرهابية دون منازع , والتاريخ لا يرحم , مهما تشدق الإرهابيون بالوطنية والنزاهة , فاعملهم تكشف حقيقتهم , وروائح فسادهم ستبقى تشير إليهم .


متى يصحى المغرر بهم بشعارات ورايات تخفي خلفها انتهاكات وإرهاب وأهازيج تتستر على أحزان وظلم وقهر الآخر , متى يصحو هذا الشعب من التماهي مع الخطاب الإرهابي ضد الآخر , اللعن والشتم , والاتهام والتخوين , ليعرف أن الناس ليسوا مجرد رعاع يجب أن يتبعوا كل من يحمل البندقية , ويستولي على السلطة , ويريد أن يغير من أفكار الناس وتوجهاتهم السياسية والثقافية ,ويتبعوه بطاعة عمياء.
 
للناس حقوق يجب أن لا يفرطون بها , حقهم في الممارسة السياسية , وحقهم في الاعتناق الديني والعقائدي , وحقهم في الاختيار , وبينك وبينهم دستور وقوانين وبروتوكولات الأمم , وحقوق الإنسان والإنسانية .

  نريد دولة حق ,نريد نظام وقانون يضبط إيقاع الحياة والعلاقات.. نريد تفعيل  نزاهة القضاء والنيابات.. نريد رجل أمن مؤهل وكفء، ونريد مؤسسة أمنية مهنية ,ترفع راية الحق , لخدمة المواطن والوطن , وليست لحماية الزعيم والحزب والجماعة وإرهاب الدولة , والله على ما نقول شهيد .


  **المقال خاص بالمهرية نت**