آخر الأخبار

المرأة الريفية بين رحى البذل  والحرمان!

الثلاثاء, 18 أكتوبر, 2022

الخامس عشر من شهر أكتوبر هو اليوم العالمي للمرأة الريفية، تُرى هل تعلم هذه المرأة أنه خصص يوم لها يتم الاحتفاء فيه بها وبما تقدمه من تضحيات كبيرة للأسرة والمجتمع من حولها؟ أم أنها لا تعلم شيئًا غير بذلها الكثير من الجهد والوقت في سبيل بناء أسرة لا تفتقر لشيء  ضروري وخصوصًا في زمن الحرب الذي أصبح فيه الحصول على لقمة العيش أمرًا ليس باليسير وإنما يحتاج لمزيد من التضحية والعناء.

إن للمرأة الريفية  صفات جميلة ربما تغيب عن  النساء الأخريات  اللاتي يعشن في الحضر؛ فهي تعمل بكل همة ونشاط دون انتظار أي مقابل إزاء عملها الذي تقدمه، سواء كان هذا العمل في البيت، وهو العمل المتمثل بتربية الماشية وأعمال البيت بالأدوات البدائية التي تأخذ منها الكثير  من الجهد والوقت، أو كان هذا العمل في الأراضي الزراعية  المتمثلة بحراثة الأرض وسقيها والاحتطاب والتنقل من مكان لآخر بحثًا عن الماء النقي والعودة به حملًا على رأسها، وهي في الوقت نفسه محرومة من أبسط حقوقها كالعلم والعلاج على سبيل المثال.

هذه الصفات التي تمتلكها المرأة الريفية تجعلها متميزة عن غيرها من النساء، إنها  تحمل مسؤولية بيت وأرض وماشية في الوقت الذي تربي فيه أطفالها؛ والأجمل من هذا كله أنها  تقوم بكل هذه المهمات  بحب دون أن تتململ أو أن تشكو لأحد أمرًا؛ بل بالعكس من ذلك فهي تستشعر مسؤوليتها تجاه كل شيء حولها.

وجاءت الحرب لتجعل  المرأة الريفية تعيش صعوبة كبرى، جعلتها  تعاني كثيرًا وهي التي كانت أكثر صلابة وأكثر حملًا للصعاب، لكنها اليوم تشعر بالضعف الكبير إزاء ما قدمته لها الحرب من حرمان كبيرٍ وفقد شل أجزاء كبيرة من قلبها.
اليوم المرأة في الريف هي أم لشهيد وأخت لأسير وبنت لمختطف وزوجة لمخفي قسرًا، تراها تحمل  إلى جانب المسؤولية التي كانت تحملها، تحمل مسؤولية أخرى  هي في غنى عنها، فتظل تصارع الحياة جريًا في الجبال والأودية علها تظفر بشيء تطعم به ماشيتها وتبحث على القليل من الحطب تطهو عليه أكل أطفالها، ثم ما تلبث أن تنتقل لجري آخر هو أمرُّ من هذا الذي اعتادت عليه من أول عمرها، تعود لتبحث عمن يساعدها في إخراج سندها من خلف القضبان وكم من الناس الذين نزعت من قلوبهم الرحمة، كم من هؤلاء الجبناء يعملون في الإشراف على السجون، فتجدهم يستغلون ضعفها وخوفها  ليبتزونها ماديًا بشكل غير مسبوق، يوهمونها بأنهم سوف يخرجونه لها وليس عليها إلا دفع المبلغ الفلاني وهي تشعر أن الأمر قد سهل أكثر وأن الإفراج سيكون قريبًا فتدفع ليتصعب الأمر أكثر، فهم تارة يطلبون منها المال الكثير بذريعة إخراجه وتارة يتعللون أن السجين هو من يطلب هذا وهي تبذل الغالي والنفيس ليخرج لها  وتعيش باستمرار معه في الهواء الطلق  بعيدًا عن العيش خلف القضبان.

وكم من قصص موجعة تعيشها المرأة الريفية اليمنية  اليوم في زمن الحرب، زمن الحرمان الكبير، والوجع الذي لا مثيل له، لكنها ما تزال  صبورة محتسبة تعمل بكل تفان وإخلاص على الرغم من الحرمان الكبير الذي تعيشه، تحية طيبة لها أينما كانت وحيثما حلت.

*المقال خاص" بالمهرية نت "

المزيد من إفتخار عبده