آخر الأخبار

جرحى الحرب يسخرون من الأوجاع!

الثلاثاء, 16 أغسطس, 2022

يصادف الخامس عشر من أغسطس اليوم العالمي للعُسر، وهو اليوم الذي يحتفي فيه العالم منذ 1976م والاحتفال بهذا اليوم يكون لغرض التوعية فيه بالأشخاص المعسرين( مستخدمي اليد اليسرى).


 يأتي هذا التأريخ اليوم واليمنيون يعيشون عامهم الثامن في ظل الكثير من الأوجاع، فالكثير من أبناء اليمن يعيشون حالةً من العسر، ليس كما يُقصد بالعسر الذي يحتفى به العالم وهو استخدام اليد اليسرى فقط مع موجود اليد اليمنى، ولكن العسر الذي يعشه الكثير من أبناء اليمن أوجع بكثير من هذا؛ بل أشد مرارة منه.
 
هنا في اليمن، وفي زمن الحب بالتحديد يوجد الكثير ممن يستخدم اليد اليسرى؛ لأن يده اليمنى قد تم بترها بعد تعرض هذا الشخص لحادث مروع من حوادث الحرب التي بثت سمها في أرجاء اليمن.


 هنا الكثير من الأشخاص الذين بترت يدهم اليمنى إما بطلقة قناص كان يتربص بالمدنيين، وإما إثر انفجار لغم أرضي، وإما براجع من قذيفة قتلت الكثير وأبقت البعض معاقًا، الذين دفنوا أجزاءً من أجسادهم تحت الأرض وبقوا هم فوق الأرض يلوكون الوجع ليل نهار.
 
يأتي اليوم العالمي للعسر والكثير من أبناء اليمن يعيشون العسر بالمعنى الحقيقي له، بالمعنى الأكثر إيلامًا، هنا في اليمن يوجد الكثير ممن فقدوا أيديهم وأرجلهم فبقوا عاجزين عن ممارسة حياتهم اليومية بالشكل المطلوب.
 
الأوجع من هذا أن المعسرين في بلدي ما يزالون إلى جانب فقدهم بعضًا من أجاسدهم، ما يزالون يكابدون الحياة لأجل البقاء على قيدها.  فأنت عندما تمشي في طريقك بلا شك يصادفك موقف يطعن قلبك، فقد تصادف رجلًا مبتور الرجل يحمل عكازته بيدٍ وفي اليد الأخرى يحمل أغراضًا لأسرته، وتصادف آخرًا مبتور اليد يحمل في اليد الأخرى قاروةً كبيرةً من الماء، آتٍ بها من مكان بعيد، وربما أنه تعب كثيرًا حتى فاز بها من بين ذلك الجمع الغفير من الناس الذين يقفون في الطابور أمام خزانات السبيل لوقت طويل.

 إذا ما تحدثنا عن العسر فسنجده في أرض اليمن متمثلًا في جسد طفلة نحيلة بترت رجليها وأسرتها لا تقدر على توفير قيمة المواصلات فتضطر هذه الصغيرة للذهاب إلى مدرستها مشيًا على العكاز.
 
سنجد العسر متمثلًا بجسد رجل فقد إحدى رجلية وإحدى يديه يذهب بأطفاله باكرًا إلى المدرسة فيطلب منه أحدهم أن يصلح له زر قميصه الذي خرج من مكانه فيحاول جاهدًا فعل ذلك ولم يستطع، هنا يكون العجز عندما يسقط العكاز فلا يستطيع النزول له دون أن يصاب ببعض الخدوش.

وعلى الرغم من الوجع الذي يعيشه جرحى الحرب في اليمن إلا أنهم يكابرون، يكابرون كثيرًا متحدين كل الصعاب غير مباليين بما قد يحدث كأنهم يسخرون من كل وجع يقف عائقًا لهم.
 
 قد يضحك جرحى الحرب في اليمن عندما يسمعون عن احتفاء العالم بهذا اليوم، عندما يعلمون أنه تم تخصيص يوم عالمي يحتفون به لتوعية الناس بالمعسرين( مستخدمي اليد اليسرى)؛ سيضحكون كثيرًا؛ لأن هذا لا يعد عسرًا في نظرهم؛ جرحى اليمن يعلمون كثيرًا مامعنى العسر، وهم الذين يعيشونه بكل تفاصيله بكل أوجاعه الجسدية والمادية والنفسية، هم الذين ينبغي أن يقال عنهم إنهم معسرون وما دون ذلك يعد مزيدًا من الهراء.
 
  *المقال خاص بالمهرية نت 

المزيد من إفتخار عبده