آخر الأخبار

وجع كبير

الخميس, 28 أبريل, 2022

ها قد حل علينا موسم الأمطار من جديد ضيفًا كريمًا تتنزل فيه رحمة الإله القدير على العباد فتريحهم وتزيح عنهم بعضًا من الهموم التي ملأت قلوبهم إثر الحرب التي لم تدع جميلًا إلا وشانته.

  أمطار غزيرة شهدتها الكثير من محافظات اليمن الحبيب خلال الأيام الماضية، بعثت في نفوس الكثير من اليمنيين السعد والانشراح، لكن ثمة وجع كبير جاء للكثير من النازحين مع هذه الأمطار في كثير من مخيمات النزوح في محافظات مختلفة داخل اليمن، ولا سيما محافظة مأرب الأبية التي تشهد عددًا كبيرًا من النازحين الذين يسكنون العراء في مخيمات مترهلة لا تستطيع مقاومة الأمطار والرياح على الإطلاق.

  مأرب اليوم تشهد الكثير من الآلام التي يعانيها النازحون في مخيمات النزوح في صحاري مأرب، إعصارٌ وسيول تسببت في فقدان الكثير من مخيمات النازحين، تلك المخيمات التي كانت تمثل الملاذ الأخير لهؤلاء الذين فروا إليها خوفًا من اشتداد الحرب، الذين فروا من حرب السلاح، ليدخولوا حربًا أخرى مع عوامل الطقس والمكان، بعد أن كانوا قد شعروا بقليل من الهدوء والسلام الداخلي تحت تلك المخيمات.

  كم هو مؤلمٌ أن تعيش في مخيمٍ مترهل لا يقدر على الصمود لساعاتٍ أمام الرياح، كيف لك أن تعيش في موسم أمطار يستمر أشهرًا وفي صحراء كلها رمال لا تقدر على الاحتماء بشي قط؛ لأن لا شيء أمامك سوى الرياح والأمطار أو الرمال التي تعمي عينيك وتغوص فيها قدماك، أو ذلك المخيم الذي سقط عليك للتو.

  هذا هو حال النازحين في محافظة مأرب بعدما جاءت الأمطار التي فرح بها الكثير، وبكى هؤلاء النازحون من هذه الأمطار لأنها أفقدهم الأماكن التي كانوا يأوون إليها.

  نازحوا مأرب كانوا يعانون كثيرًا من أول نزوح لهم ومنهم وصل نزوحه لأكثر من عشر مرات، يهربون من عناء ليتلقفهم آخر يشبه الأول في القساوة والبغضاء.

  لقد عانوا كثيرًا، لكن عناءهم اليوم مع دخول موسم الأمطار قد ازداد أكثر من ذي قبل فإلى أين سيذهب هؤلاء النازحون هذه المرة بعدما فقدوا مخيماتهم ورأوا أن الحياة في الصحراء لم تعد آمنة على الإطلاق؟!.

   هدنةٌ لم تطبق على أرض الواقع، وغلاءٌ فاحش في المعيشة، ونزوحٌ مستمر، ومخيماتٌ لا تقي من شمس ولا مطر، كل هذه وحوش مفترسة تفتح أفواهها أمام النازحين لتلتهمهم في ظل تجاهل كبير من المنظمات الدولية ومن الذين يعملون لأجل الإنسانية داخل اليمن.

  سيظل الكفاح الذي يكافه سكان مأرب خالدًا تتوارثه الأجيال، ليُحكى أن هناك من صمدوا صمود الجبال ولم يتاونوا لحظة واحدة في الدفاع عن أرضهم ودينهم وعرضهم على الرغم من العناء الذي يعانونه، وعلى الرغم من تجاهل الكثير لهم، سيحكي التأريخ قصة هذه المحافظة العظيمة وأهلها الشرفاء الذي ضحوا كثيرًا لأجلها، وستكون هذه الأماكن- التي نصب فيها النازحون خيمهم- مزارًا للأجيال القادمة، ليقال هنا كانوا وهنا عانوا كثيرًا حتى تحقق لهم النصر المؤزر، إن ربي سميعٌ مجيب.     المقال خاص بالمهرية نت 

المزيد من إفتخار عبده