آخر الأخبار
الاستجداء في الزمن الحوثي !!
تداول ناشطون خلال الأسبوع المنصرم رسالة موقعة من يُسمى رئيس جامعة صنعاء (القاسم محمد عباس) إلى رئيس هيئة الأوقاف الحوثية (عبد المجيد الحوثي) يستجديه (صدقة جارية) يتفضل بها على أساتذة جامعة صنعاء ومدرسيها وموظفيها، كمرتبات شهرية مقترحاً فيها المبالغ وتوزيعها على : الدكتور مائة الف ريال، والمدرس ستين ألف ريال، والمعيد خمسين ألف ريال، وأربعين الف ريال لكل موظف بشكل دائم، وحدد في رسالته بند الصرف بمصرف العلم والمتعلمين، نظراً لانقطاع مرتبات العاملين فيها منذ ست سنوات.
استوقفني في أمر الرسالة - التي تأكدت من صحتها من أكثر من مصدر- هي لغة الخطاب الذليلة، من ما يُسمى رئيس جامعة إلى رئيس هيئة جباية ، بنعته بالسيد العلامة، وأنتم خير من يقدِّر العلم والعلماء، وتتلمسون الأوضاع الإنسانية بكل اللطف والمسئولية ،امتثالا لشريعتنا الغراء وتأسياً بجدكم الكريم سيدنا وحبيبنا رسول الله!!. وقوله :
" ونحن على ثقة بأن وقفتكم مع اخوانكم وأبائكم منتسبي جامعة صنعاء من دكاترة وموظفين سيكون لها عظيم الأثر الطيب والوفاء المستحق في نفوسهم والمثوبة من الله الكريم العظيم."
الكل يعلم أن أساتذة الجامعة مثلهم مثل بقية فئات الموظفين العموميين في مناطق السيطرة الحوثية لم يعودوا يستلمون مرتباتهم منذ سنوات طويلة، ويعانون جراء ذلك من أوضاع شديدة القسوة، ومن حقهم أن يستلموا مرتباتهم ، ما داموا يؤدون وظائفهم أو يرغمون على تأديتها بالإكراه تحت ضغوط التهديد بالفصل والاستبدال ، ولكن ليس بطريقة التسول(الشحاتة) التي اتبعها ما يُسمى برئيس الجامعة، وجعلت العديد من منتسبي الجامعة المحترمين يسفهونها، لأنها تحط من كرامتهم. وقد علق عليها أحدهم بقوله :
" لم أشعر يوماً بالذل والمهانة بأنني أحد منتسبي جامعة صنعاء العريقة مثل إحساسي بذلك بعد أن قرأت هذه الرسالة ..يريدون الانتقام من منتسبي الجامعة والتشفي بهم وإظهارهم بهذا الشكل المذل وتحقيرهم والتقليل من شأنهم كما أظهرتها هذه الرسالة" . وغيره هشام ناجي آخرون سجلوا مواقف بذات الاتجاه .
كان الأولى بمن يُسمى رئيس الجامعة انتهاج وسيلة أخرى للحصول على مرتبات من يعملون تحت إدارته ، ومنها الضغط على الجهات الرسمية، بأكثر من طريقة، وهو يعلم أن ايرادات هذه الجهات وبصورتها القانونية تغطي المرتبات وتفيض, لكنه فضَّل الاستجداء، بأسماء العلماء الجائعين.
سيأتي من يقول أن هذه الخطوة تحسب له، مادام قد طرق باباً لسد جوع من يعملون معه ، لكننا سنقول أن كرامة المنتمين لهذه القلعة أهم وأبقى، حتى لا تذوي آخر صورة لأستاذ الجامعة والمعلم بشكل عام بالتسول.
ما يُسمى برئيس الجامعة طرق باب هيئة الأوقاف لعلمه أن بعض ايراداتها يمكن أن تغطي (صدقة) منتسبي الجامعة التي طلبها، فبعد أن فُصِل قطاع الأوقاف في وزارة الأوقاف والارشاد ، ليصير هيئة مستقلة ترتبط مباشرة بقيادة الجماعة ، وأن الذي عُين رئيساً لها من العائلة الحوثية، اصبحت واحدة من الجهات الحيوية للجباية، بسيطرتها على أملاك الأوقاف الكثيرة(العامة والخاصة) ، ولتحقيق ذلك مُنحت الكثير من الصلاحيات لتحصيل الأموال واستعادة الأراضي والعقارات وتأجيرها بمبالغ مضاعفة عديد المرات عما كان معمول به سابقاً. والأخطر توجيه الانتفاع منها أو بيعها للنافذين في الجماعة وقاداتها.
الهيئة العامة للأوقاف - التي صممت لتكون خزنة عامة للجماعة مثلها مثل الهيئة العامة للزكاة- بإيراداتها الكبيرة ، التي تحصلها بوسائل صارمة، لو أنها تعمل في اطار قانون ، يلزمها بتوريد متحصلاتها إلى البنك المركزي لما قام الرئيس بمخاطبة رئيسها ، لأنه يعلم أن متحصلاتها يتحكم بها النافذون وأصحاب القرار، ولا تذهب إلى الخزانة العامة.
قبل فترة وجيزة كتبت ، وفي هذا المكان أيضاً، عن حالة الجباية التي تمارسها ا مصلحة الضرائب وهيئة الأوقاف وهيئة الزكاة ومصلحة الجمارك ،وغيرها من جهات الجباية القاهرة والتي صار تحت تصرفها قوات عسكرية وأمنية ،لإنفاذ قراراها الخاصة بالجباية، وليس باستطاعة أي شخص وصلت إليه عين الجابي ويده أن يتخلص بذات الوسائل التي كان يتبعها سابقاً.
تجتبي هذه الجهات مليارات الريالات شهرياً من أصحاب المحلات والشركات والعقارات وغيرهم ، بوسائل شتى، غير أن هذه المبالغ لا يُصرف منها على مرتبات الموظفين المتوقفة من سنوات طويلة، ولا لتقديم خدمات للمجتمع في التطبيب والتعليم ، وإنما توجه للإنفاق على طبقة الحكم الجديدة ومصالحها ومشروعها الاستحواذي بالحرب.
(***)
في العشرين من شهر نوفمبر 2021م الماضي تداولت المواقع والوكالات خبراً يقول ( طالبان تدفع باثر رجعي رواتب الموظفين في أفغانستان ) ، وقيل قبلها أن (داعش) لم تصادر مرتبات الموظفين والعاملين في المناطق التي سيطرت عليها في سوريا والعراق خلال الفترة التي بقيت تحت نفوذها بين الأعوام 2014 و2019، وكلا الاسمين يمثلان الوجه الأقبح في إعلام سلطة الجباية، وأن أكبر شعار في حربها الشاملة في اليمن هو القضاء على الدواعش في كل الأماكن التي وصلت إليها بشعارات خادعة ومضللة.
المقال خاص بموقع المهرية نت