آخر الأخبار

جهاد كبير في سبيل الراتب الزهيد

الثلاثاء, 08 يونيو, 2021

لو أردت أن تتحدث عن المعاناة في هذا الزمن فأنت لن تأتي بجديد قط، ولوتحدثت على وجه الخصوص عن العناء الذي يعانيه أبناء شعبنا اليمني الحبيب خلال سنوات الحرب فأنت تتحدث عن أمر ليس بغريب عنا
نحن أبناء اليمن، وليس بغريب حتى عن غيرنا ممن يتابعون أوجاعنا بصمت مريب ويكتفون فقط بالتعبير عن قلقهم إزاء ما يحصل لنا من أتعاب ومعاناة أذاقتنا الموت في كل حين وزمن.


ستكون يا عزيزي حينها كمن يبيع الماء في حارة السقائين؛ لأن هذا الشعب قد ألف الوجع والعناء في واقعه و قد سمع به  ورآه  وعاشه وقد قرأه كثيرًا  ..قرأه في عيون الناس المارة من حوله،  وفي تصرفاتهم وفي أقوالهم وحتى في كتاباتهم، وإن حاولوا التظاهر بالفرح في كتاباتهم فباطن تلك الحروف التي تكتب وجعٌ ينطق  وآلام تظهر ذاتها للعيان.

المرتبات بلا شك هي بالنسبة للإنسان كالهواء، لا حياة بدونها إطلاقًا فهي مصدر الحياة، وبها يستطيع الإنسان أن يعيش بسلام آمنًا على نفسه شرور الحياة، وعندما تنقطع المرتبات  بلا شك سينقطع مصدر التنفس عن هذا الإنسان الذي يعاني كثيرًا ويعمل لأجل حصوله على هذا المرتب، يعمل أكثر مما يتنفس ويرهق ذاته حتى يكاد  أن يصاب بالشيخوخة قبل وصوله سن الأربعين، ويتفاجأ أن عمله ذاك كان مجرد خدمة دون مقابل وأما مرتبه الزهيد فهو سيأتي ولكنه ما يزال في علم الغيب لدى كريم خبير.

وتمر الأيام  والأشهر على الموظف  وهو ينتظر مرتبه، وقد حسب له ألف حساب ووعد الناس وعودًا كثيرة أن ينجزها عند مجيئه فلا يأتي إلا وقد حمل الموظف على ظهره الكثير من الديون، وقد مل الناس منه ومن وعوده التي وصفت بأنها  وعود كاذبة، يأتي المرتب هذا  الضيف العجول،  وصاحبه لا يدري ما الذي يفعله به، هل يقضي به فلانًا من الناس الذي قد استلف منه مبلغ ضعف هذا المرتب؟ أم  أنه يقضي به الآخر الذي هو بحاجة ماسة له ولا يمكن الاستغناء عنه إطلاقًا كالتجار في المواد  الغذائية ونحوها، أم يفرح به أفراد أسرته المتعبين ويقوم بشراء حاجياتهم.

 وصول المرتب قد أصبح مصدر  قلق وهم، هذا إذا ما  جاء وافيًا وإذا جاء  مخصومًا منه كيف سيكون حال صاحبه ياترى الذي عد العدة لقدومه وخطط لصرفه كثيرًا، بلا شك إنه سيدخل في نوبه من التعب والأرق والخذلان سيدخل في من الحسرة الندامة  داعيًا على من كان السبب في ذلك.

 نحن نتحدث عن هذا العناء ولا ننسى أن هناك من يعاني كثيرًا من يعمل دون مقابل ينتظر مرتبه وعندما يأتي يفرض على صاحبه أن يستلمه بالعملة القديمة لأنه لن يتم صرفه إلا إذا كان بالعملة القديمة، وهنا يتم استلام المرتب من قبل الموظف الذي يعيش في المناطق  التي يسيطر عليها  الحوثيون، يضطر أن يستلمه وهو فاقد منه ما يقارب 50 في المائة ليكتمل العناء وتزداد المأساة ويفقد المواطن الثقة بهذا المرتب الهش ويذهب بعيدًا يبحث عن مصدر دخل سواء في الأعمال الشاقة أو غيرها؛ لأن ما يهمه هو قضاء ما عليه من الديون المتراكمة وإعالة أسرته بالشكل الذي يليق بها.
المقال خاص بموقع المهرية نت

المزيد من إفتخار عبده