آخر الأخبار
عن الناس والوباء
إلى المستشفى حملت ذاتي وذهبت إليها على الرغم من التردد الذي يعتريني لأسباب منها أن الوباء منتشر وآخر أن الحصول على الغرض الذي تذهب إلى المستشفى لأجله لا يأتي إلا بعد جهد جهيد.
وبعد ساعات من الانتظار والأخذ والرد مع من هن في الانتظار أيضًا، وبعد تعب كبير قد تحصل على بعض نصائح من الطبيب أو الطبيبة لا تكاد تفهمها حتى يتم الاستغناء عنك والسماح لمريض آخر بالدخول بعدك، عندها تخرج من غرفة المعاينة كما دخلت تمامًا مع قليل من الذهول لأنك لم تحصل على معلومة مفيدة سوى وريقة مكتوب عليها أسماء لبعض الأدوية التي حرص الطبيب كل الحرص على أن تأخذها من الصيدلية التي أشار لك بها دون غيرها.
على ذلك الكرسي الذي قد مل من جلوس المرضى عليه أتأمل جدران المشفى كالتي تبحث عن شيء فقدته، أتأمل تلك الملصقات التي تتحدث عن كيفية الوقاية من كورونا ومن الكوليرا وغيرها من الأوبئة، رائحة الديتول يعج بها المكان، والناس في زحام كبير يبحثون عن العافية لعل هذا المشفى قادر على منحهم إياها، الحديث عن كورونا هو المسيطر على ألسنة الناس هنا، وعجوز يقسم بالله ثلاثًا إن هذا ليس إلا خداع ووهم، وآخر يتحدث أن هذه الأوبئة مجهزة للقضاء على الشعائر الدينية وإلا لماذا لا تأتي هذه الجائحة إلا في وقت خصص للشعائر الدينية من صيام وعمرة وحج( قبل رمضان بالتحديد)، فتاة تفرك يديها بمطهر وتقول: سنعمل بالأسباب سواء كانت لعبة أم غير ذلك، نحن نرى الموتى بسبب هذا المرض بأم أعيننا فمتى سيؤمن القوم بهذا؟ تسأل هذا السؤال ثم تغادر لترى أن قد حان دورها للدخول إلى الطبيب فهي تعاني من ألم شديد في المعدة منذ فترة طويلة وقد زارت المشفى مرات ومرات لكنها لم تشفَ بعد.
امرأة مسنة تمقت المستشفيات والعاملين عليها تضرب بعصاها الأرض ضيقًا من طول الوقت الذي قضته في الانتظار ثم تجزم أن ليس هناك ما يسمى بكورونا وأن ليس له وجود بل هو طمع الجانب الطبي في المال والجري وراء الحصول عليه، ترد عليها أخرى وماذا عن الأطباء الذين راحوا ضحية هذا الوباء والذين فاق عددهم الثمانين طبيبًا؟، ترد عليها بأن ذلك كذب في كذب لا أكثر.
زفرة كبيرة تصعد مني وتعجب كبير من كثر الكلام واشتداد الخصام بين البعض، ليس لي وقتذاك إلا الدعاء لهذا الشعب الذي امتلأ بالبراءة حتى النخاع فلم يعد يميز بين الخبيث والطيب، يرمي بنفسه في المهالك دون خوف، حتى الوقاية من المرض لم يعد ليرغب بها ولم يعد مؤمنًا بشيء، إنه قد ألف الأوجاع منذ زمن بعيد.
المقال خاص بموقع المهرية نت