آخر الأخبار

لحظة يأس

الإثنين, 05 أبريل, 2021

صباح الخير وفنجان قهوة يمنية محضر على الحطب تكاد رائحته تصل عنان السماء وجو صباحي تخالطه نسمات الصباح العليل وصوت العصافير فوق الأشجار، تلك التي تغني بحذر كبير خوفًا من صياد يقتنصها، "لا بأس فلعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا، إن مع اليسر يسرا، تفرج إذا اشتدت حلقتها"، تلك الجمل تصدر من حولي فتدق طبلة الأذن وتكاد أذني لا تتقبل ذلك، حديث تفاؤل يصدر من  الذين حولي والواقع الذي نعيشه فيه من المآسي ما يكفي لأن تخرس الأفواه ولا تبدي حديثًا، ما هذا التفاؤل الذي يشعر به هؤلاء؟! أي قلب هذا الذي يتوسط ضلوعهم؟! كم حجمه حتى اتسع لكل هذه المآسي ومازال بثباته هذا؟!.

ربما أن القهوة لها دور كبير في تعديل المزاج فمن حولي يبتسمون وهم يشربونها اقتربت نحو ذلك الإبريق الذي كسي بالسواد تمامًا من كثر ما استخدم على الحطب وسكبت منه فنجانـًا رشفت رشفة من تلك القهوة المرة، لا بأس فكل شيء هنا قد امتلأ بالمرارة حد النخاع ليست القهوة وحدها من هي مرة، بل إن مرارة القهوة يعطي مذاقًا رائعًا يعجب به الكثير، دخلت للداخل وأحضرت قليلًا من السكر وضعته  في فنجاني ليغير طعم تلك المرارة، آااه ليتني أستطيع أن أغير مرارة هذا الواقع بهذه السهولة مثلما غيرت مرارة هذه القهوة.

حدقت في الفنجان كثيرًا وسألت نفسي ترى ماذا يرى العراف عندما يقرأ الفنجنان؟ هل هو مصاب بالهموم مثلي،أنا الآن أنظر لرغوة هذه القهوة وأرى الهموم  أرى المآسي التي تحيط بنا من كل ناحية، أرى الموت الذي لم يسأم يومًا من زياراته المتكررة لنا ذاك العنيد الذي يختطف من بيننا الأكثر طيبة والأكثر حنية وبراءة، ثم إنني أسمع كذلك، أسمع صوت بكاء جارتي عند استشهاد ابنها وأسمع  نحيب من ترثي أسيرًا لها خلف القضبان وأسمع بكاء أولئك الأطفال اليتامى الذين يريدون من أمهم حلوى وهي في صمت مريب لا تسمع بكاءهم ذاك لأنها شاردة تمامًا تفكر كيف يمكنها توفير الدقيق لمطبخها حتى  لا يشعر أولادها بالجوع الذي تشعر به هي  الآن، أسمع صوت همس تلك الأم وهي تحكي لجارتها عن ابنتها المختطفة والتي اتهمت من قبل الخاطفين لها بتهم لا أساس لها من الصحة وليس لها في الواقع وجود، تهم جعلتهم يصمتون إزاءها.

أي يأس هذا الذي يعتريني اليوم وربما لا  لن يترك لي سبيلًا للراحة، لا شيء يجدي في إزاحة همي سوى انزياح الهم عن هذا الوطن المتعب من أقصاه إلى أقصاه،  كذَّبت وقتها من يقول إن للقهوة قدرة في إزاحة الهموم، تركت ذلك الفنجان ولم أكمله  فليست القهوة بقادرة  على إزاحة الهموم وإن كانت ذات طعم جميل.
المقال خاص بموقع المهرية نت

المزيد من إفتخار عبده