آخر الأخبار
منبر عدن في ذكرى محو الأمية
8 يناير اليوم العربي لمحو الأمية , المناسبة الأبرز لحراك عربي وعالمي لاجتثاث آفة الامية , التي أثقلت كاهل الأمة , وأعاقت نهضتها وتطورها , ومواكبة كل جديد في العصر , الذي يعتمد بدرجة أساسية على العلم والمعرفة.
وتعود بنا الذاكرة 6 ابريل 1985م يوم إعلان منظمة اليونسكو الدولية أن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية تحتل المرتبة الأولى في دول شبه الجزيرة العربية من حيث التعليم , ونسبة الأمية لا تتعدى 2% من عدد السكان .
وبعد 36 عاما من ذلك يتراجع التعليم ليصل إلى مستوى أدنى مما كان عليه , والأمية ترتفع لمستوى أعلى , مما يثر عدد من الأسئلة عن الأسباب والدواعي هذا السقوط المدوي للتعليم والأمية.
التربية والتعليم , الضحية الأولى لطابع الصراع الأيدلوجي للسياسيين , ضحية المنتصر الذي يفرض سياسته وأيدولوجيته و عجينة أفكاره بكل ما بها من سلبيات وإيجابيات , فرض أمر واقع بالقوة والحشو , وإلغاء وتهميش كل الأفكار الجامعة , احتكار كل ما يتعلق بالوطنية والوطن.
نحن اليوم نعيش أسوأ مراحل الأمية , أمية القراءة والكتابة , إلى الأمية الثقافية والفكرية والسياسية , إلى الأمية الوطنية , حيث تتفوق العصبية والتخلف على الأفكار والرؤى والثقافات , أمية المنتصر وهو يحشو التاريخ بعدد من المغالطات , ويقدم نفسه المنقذ والرهان , ودونه المتسبب في كل الإخفاقات , حيث تستفحل أمية بوصلة التفكير والسؤال , فقدان القدرة والامكانية على الإجابة على كل الأسئلة التي يفرضها الواقع , حيث تستفحل امية النقد الذاتي والنقد البناء , أمية حوار الأفكار والأيديولوجيات والرؤى التي تتخلق في الواقع , أمية التنوع والقبول بالآخر المختلف , أمية التغيير والتجديد .
واقع الأمية الثقافية والفكرية اليوم , يفرض علينا الإجابات الجاهزة والمعلبة , ويفرض علينا الجمود وترديد ما يريدونه , بأن السبب دائما هو الآخر , السبب هي القيم التي عجزنا على استيعابها , والإنجازات التي فشلنا في حمايتها , وتاريخ طويل من النضال تخلينا عنه في لحظة غضب وطيش , وجدنا انفسنا ننجر مع تيار مغاير لكل ما تعلمناه ودرسناه و قرأناه.
الحقيقة أننا تحررنا من الاستعمار في جنوب اليمن , وليس لدينا غير عدن منبر ثقافي وفكري وسياسي , وجزء بسيط في بعض عواصم المحافظات , والبقية عبارة عن إقطاعيات ومناطق يسكنها البدو والرحل , تعيش التخلف والجهل والمرض والثارات والظلم والظلام , حيث يكاد فيها ينعدم التعليم , وتواصلا لنضال الثورة التحررية , تكفل أبناء عدن بكل فسيفساء المجتمع الثقافية والفكرية وأعراقهم , محاربة الجهل والتخلف في تلك المناطق , وذهبوا مجندون في التدريس في مناطق نائية , في أسوأ الظروف , نضال واستبسال لتنوير العقول ومحاربة آفة الأمية , وحققوا إنجازات سريعة في مجال التربية والتعليم ومحو الأمية , هذا عندما كانت عدن هي الرائدة.
عٌرفت عدن أنها ذات خصوصية ثقافية وفكرية وسياسية , خصوصية مدنية , من يدخلها يندمج مع تلك الخصوصية , ومن يريد أن يفرض أفكاره العصبية المتخلفة يصطدم بخصوصية عدن وترفضه , وبدأت مرحلة مقاومة عدن للحفاظ على تلك الخصوصية , مقاومة القادم المتخلف والعصبي , مقاومة التغيير الديمغرافي والثقافي والفكري لعدن , مقاومة التهميش والإقصاء والتبعية .
تغييب دور عدن الريادي له نتائجه الوخيمة , فعندما فقدت عدن ريادتها انهارت التربية والتعليم والثقافة والسياسة والأخلاق , حقيقة لا يمكن نكرانها , تتضح من أدوات الصراع , وأفكار الصراع وأهداف الصراع , واستهداف عدن .
ستنتصر عدن لتفرض واقعها على الجميع , وترسخ الدولة الوطنية المدنية , ستنتصر للقضية الإنسانية والعدالة والحرية , ستنتصر للمواطنة , ستنتصر لتنوير العقول والتربية والتعليم والثقافة والفكر والمدنية , وإرادة الناس في تقرير مصيرهم بما يخدم احتياجاتهم , وترفض الوصاية واستيراد الأفكار والأيدولوجيات , وإثارة العصبيات والنعرات والتخلف لتجهيل عدن.
المقال خاص بموقع المهرية نت