آخر الأخبار

منبر عدن في ذكرى محو الأمية

السبت, 16 يناير, 2021

8 يناير اليوم العربي لمحو الأمية , المناسبة الأبرز لحراك عربي وعالمي لاجتثاث آفة الامية , التي أثقلت كاهل الأمة , وأعاقت نهضتها وتطورها , ومواكبة كل جديد في العصر , الذي يعتمد بدرجة أساسية على العلم والمعرفة. 


وتعود بنا الذاكرة 6 ابريل 1985م يوم إعلان منظمة اليونسكو الدولية أن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية تحتل المرتبة الأولى في دول شبه الجزيرة العربية من حيث التعليم , ونسبة الأمية لا تتعدى 2% من عدد السكان .


وبعد 36 عاما من ذلك يتراجع التعليم ليصل إلى مستوى أدنى مما كان عليه , والأمية ترتفع لمستوى أعلى , مما يثر عدد من الأسئلة عن الأسباب والدواعي هذا السقوط المدوي للتعليم والأمية. 

التربية والتعليم , الضحية الأولى  لطابع الصراع الأيدلوجي للسياسيين , ضحية المنتصر الذي يفرض سياسته وأيدولوجيته و عجينة أفكاره بكل ما بها من سلبيات وإيجابيات , فرض أمر واقع بالقوة والحشو , وإلغاء وتهميش كل الأفكار الجامعة , احتكار كل ما يتعلق بالوطنية والوطن. 

نحن اليوم نعيش أسوأ مراحل الأمية , أمية القراءة والكتابة , إلى الأمية الثقافية والفكرية والسياسية , إلى الأمية الوطنية , حيث تتفوق العصبية والتخلف على الأفكار والرؤى والثقافات , أمية المنتصر وهو يحشو التاريخ بعدد من المغالطات , ويقدم نفسه المنقذ والرهان , ودونه المتسبب في كل الإخفاقات , حيث تستفحل أمية بوصلة التفكير والسؤال , فقدان القدرة والامكانية على الإجابة على كل الأسئلة التي يفرضها الواقع , حيث تستفحل امية النقد الذاتي والنقد البناء , أمية حوار الأفكار والأيديولوجيات والرؤى التي تتخلق في الواقع , أمية التنوع والقبول بالآخر المختلف , أمية التغيير والتجديد .

واقع الأمية الثقافية والفكرية اليوم , يفرض علينا الإجابات الجاهزة والمعلبة , ويفرض علينا الجمود وترديد ما يريدونه , بأن السبب دائما هو الآخر , السبب هي القيم التي عجزنا على استيعابها , والإنجازات التي فشلنا في حمايتها , وتاريخ طويل من النضال تخلينا عنه في لحظة غضب وطيش , وجدنا انفسنا ننجر مع تيار مغاير لكل ما تعلمناه ودرسناه و قرأناه. 

الحقيقة أننا تحررنا من الاستعمار في جنوب اليمن , وليس لدينا غير عدن منبر ثقافي وفكري وسياسي , وجزء بسيط في بعض عواصم المحافظات , والبقية عبارة عن إقطاعيات ومناطق يسكنها البدو والرحل , تعيش التخلف والجهل والمرض والثارات والظلم والظلام , حيث يكاد فيها ينعدم التعليم , وتواصلا لنضال الثورة التحررية , تكفل أبناء عدن بكل فسيفساء المجتمع الثقافية والفكرية وأعراقهم , محاربة الجهل والتخلف في تلك المناطق , وذهبوا مجندون في التدريس في مناطق نائية , في أسوأ الظروف , نضال واستبسال لتنوير العقول ومحاربة آفة الأمية , وحققوا إنجازات سريعة في مجال التربية والتعليم ومحو الأمية , هذا عندما كانت عدن هي الرائدة. 


عٌرفت عدن أنها ذات خصوصية ثقافية وفكرية وسياسية , خصوصية مدنية , من يدخلها يندمج مع تلك الخصوصية , ومن يريد أن يفرض أفكاره العصبية المتخلفة يصطدم بخصوصية عدن وترفضه , وبدأت مرحلة مقاومة عدن للحفاظ على تلك الخصوصية , مقاومة القادم المتخلف والعصبي , مقاومة التغيير الديمغرافي والثقافي والفكري لعدن , مقاومة التهميش والإقصاء والتبعية .

تغييب دور عدن الريادي له نتائجه الوخيمة , فعندما فقدت عدن ريادتها انهارت التربية والتعليم والثقافة والسياسة والأخلاق , حقيقة لا يمكن نكرانها , تتضح من أدوات الصراع , وأفكار الصراع وأهداف الصراع , واستهداف عدن .

ستنتصر عدن لتفرض واقعها على الجميع , وترسخ الدولة الوطنية المدنية , ستنتصر للقضية الإنسانية والعدالة والحرية , ستنتصر للمواطنة , ستنتصر لتنوير العقول والتربية والتعليم والثقافة والفكر والمدنية , وإرادة الناس في تقرير مصيرهم  بما يخدم احتياجاتهم , وترفض الوصاية واستيراد الأفكار والأيدولوجيات , وإثارة العصبيات والنعرات والتخلف لتجهيل عدن. 
المقال خاص بموقع المهرية نت 

جيل لم يتلطخ بعد
الثلاثاء, 25 مارس, 2025
اليمن والضالعون بالتآمر
الخميس, 20 مارس, 2025
اضطراب الشعوب
الثلاثاء, 11 مارس, 2025