آخر الأخبار

الدولة الوطنية والإعلام المعادي

الجمعة, 30 أكتوبر, 2020

النظرة السطحية للقضايا والأحداث , تجعلك ضحية إعلام غير صادق , بعد ان أصبح  الإعلام اليوم وسيلة من وسائل الحرب الناعمة , وكثيرا من السياسيين  اليوم مدعومون من دول وإمبراطوريات اقتصادية , ولا نستبعد من عصابات دولية وإقليمية , يخفون أجنداتهم وخططهم الحقيقية باستخدام الإعلام والدعاية , لتشكيل رأي عام , والمال في مجتمع يواجه أزمة اقتصادية ومعيشية قادر أن  ينشئ حركات اجتماعية وسياسية وعسكرية أو اندثارها , ولكي تبقى الشعوب تحت السيطرة , لابد أن تعيش تلك الأزمة , وتبقى مجرد شعوب متسولة تحت الحاجة وقت الطلب , قطيع وراعي اعلامي وسياسي .


للسيطرة والتمكين على الشعوب , لابد من إشغالها في خلافات وصراعات أيديولوجيا , ونزعات عصبية (طائفية مناطقية) , تنتج عدم استقرار , وحروب ونزاعات , تهيئ بيئة صالحة لتخلق كيانات طارئة وفق تأثيرات نفسية غير سوية , كيانات ذات ميول متطرف , يتم دعمها لوجستيا وماديا , لتكن على قدر كبير من الفعالية والتأثير على الواقع , ومن الصعب تجاوزها , وتجاوز نفسيتها ومطالبها , التي هي بالضرورة مطالب لا تقبل الآخر , ولا المشروع الوطني الكبير الجامع , هي نفسيات مصابة بالتذمر من كل ما هو وطني وجامع  , ترى أن لها الحق في أن تحكم الناس , وتهيمن على السلطة والثروة بمبررات تلك النفسية , باصطفاء إلهي أو فئوي سلالي , وترى الآخرين مجرد خونة وإرهابيين عليهم الطاعة أو اجتثاثهم , بمبررات مختلفة , واصطفاف مشبوه .


استراتيجية إعلامية خبيثة استطاعت أن تؤزم واقع بلدي اليمن , وتدخله في نفق عميق من الصراعات والتجاذبات , التي جعلته ساحة لعبث الصغار , وملعب لتصفية الحسابات , يدار بأحكام الطامعين من دول وحكام  , من ذوي العقد النفسية , والأوهام المدمرة , بالمال والإعلام , والشعارات الرنانة , و خطاب دغدغة المشاعر والتطلعات , بمظاهر كاذبة على السطح وفي العمق تكمن الحقيقة المرة , تطفو للسطح مع الوقت , والشعور بالخذلان واليأس والبؤس كفيلان لمعرفة الحقيقة , والوعي لازال يقاوم النفسيات , مع أن المحاولة لازالت قائمة , وتنتج عدد من السيناريوهات التي تحاول أن تبقى حالة التأزم أكبر زمن ممكن , يخسر فيها الوطن أشرف الرجال , وأفضل المكونات , وأنبل القيم والأخلاقيات , ويتفسخ الواقع , أصبح الرهان على الزمن بتعميق الهوة وزيادة الصدع لحد يصعب من التعافي .


كان التركيز منصب على مناطق التنوير والوعي , على مدن الثقافة والفكر والمدنية , استهدفت عدن وتعز , بعد أن تم السيطرة على صنعاء , والوطن يعيش حالة من تحويل الرأي العام بعيدا عن المشروع الوطني الجامع , نتوه في تفاهات هامشية  , من يعتقد أن  ما يثار في عدن اليوم هو المشكلة الحقيقية فهو ضحية للترويج  , كل تلك مجرد نتائج للمشكلة الأعظم , ستبقى تلك النتائج ببقاء تلك المكونات و والواقع الذي تفرضه منذ إنشائها , الذي صار يعم الوطن بكل جوارحه  .


لامجال هنا لسرد معاناة عدن كجزء من وطن منتهك ومهان اليوم , بسبب تلك الأدوات التي تم إنشاؤها لذلك , ومخطئ من يعتقد أنه تمكن من عدن , وتمكن من اليمن , لازالت عدن تقاوم بقوة , وتسخر وتسخط من تلك الأدوات ومخرجها , بل تسخر وتسخط من تلك المسرحيات السخيفة التي انطلت على البعض , ولم تنطل على الوعي الجمعي والثقافة والفكر في عدن والوطن ,صاروا أضحوكة الزمن .


تتضح اليوم معالم المعركة واستراتيجيتها , معركة بين  مشروعين , مشروع الدولة الوطنية , و مشاريع صغيرة , تبنى على أنقاض هذه الدولة , مشاريع أطماع استعمارية , تفكك الدولة الوطنية , وتحكم السيطرة بواسطة وكلاء أطماعها ومصالحها ,لتنتج منظومة سياسية تدير البلد لخدمة أجنداتها .


يبقى السؤال قائم مع علامة استغراب , لماذا انحرف مسار الدعم عن ترسيخ  أسس وأعمدة  الدولة الوطنية الاتحادية ليتجه نحو ترسيخ  الاحتقان الطائفي والمناطقي القائم اليوم بطريقة تطبيب الخواطر ؟!, ودعم هذا الاحتقان ليستمر الحفاظ عليه بؤرة صراع قائمة يمكن أن تنفجر من حين لآخر في وجه الدولة الوطنية الضحية الأولى من أحداث وحروب اليوم التي تديرها قوى إقليمية ودولية.

المقال خاص بموقع المهرية نت