آخر الأخبار

تجارة الأراضي في سقطرى بين غياب الدولة وجشع المستثمرين

الخميس, 08 أكتوبر, 2020

هناك ركيزتان في ملكية  الأراضي في سقطرى هما الدولة والمواطن. 

وتعد الأراضي التي يملكها المواطن أكثر من التي تحت تصرف الدولة؛ فلا تملك الدولة غير الفضلة أو ما تخاصمت فيه القبائل ولم يثبت ملكيتها لأحد حينها يتدخل القضاء بتمليك هذه الأرض للدولة. 

فامتلاك الدولة للأراضي في سقطرى نسبيا لا يساوي 10% من الأراضي التي يملكها المواطن. 

كانت السلطنة العفرارية على امتداد حكمها تصدر وثائق تمليك للقبائل وترسم حدودها من كل الجهات وعندما تنشأ خصومات بين القبائل المتجاورة على الأراضي يصدر السلطان حكما قطعيا بتجنيب كل قبيلة في جهة وقد يضطر السلطان إلى فرض بعض الأحكام التي تأخذ من أراضي قبيلة لصالح قبيلة أخرى ولو كانت حديثة النزوح إلى هذا المكان وحتى لو لم تكن من القبائل الأصيلة أو كانت حديثة القدوم من إحدى المحافظات المجاورة أو من الخارج وذلك تجنبا للصراع وإيثارا للتعايش على الاقتتال وكذا لسعة أراضي بعض القبائل وامتدادها لمسافات شاسعة وضيق البعض الآخر. 

والسلاطين العفراريون كانوا أكثر الناس حفاظا واهتماما بالأراضي، لذلك حازوا مساحات شاسعة في مناطق عدة لصالحهم فحيث ما حلوا في ضعنهم وحلهم وترحالهم وتقلبهم من منطقة إلى أخرى أصدروا لأنفسهم صكوكا تقضي بحيازة هذه الأراضي لصالحهم وكلفوا من يعمل تحت إمرتهم من الخدم بعمارة معالم وآثار تدل على بسطهم عليها كما يقومون بالزراعة في الأماكن الخصبة. 

والحق أن فكرة الحيازة في أكثر من مكان كانت سياسية منشرة منذ القدم في الأرخبيل وهذا ما يفسر امتلاك بعض القبائل أراضي في الشرق والغرب أو في المرتفعات والمناطق الوسطى  والوهاد والأنجاد وربما جاء ذلك من كثرة تنقلهم في هذه الأماكن طلبا للعشب والكلأ حيث كان غالبية السكان من البدو الرحل لا يستقرون في مكان واحد طيلة السنة.

وفي عهد الحزب الاشتراكي قامت الدولة بتأميم أغلب الأراضي وخاصة في العواصم والمدن الرئيسة أو المناطق الزراعية لصالح الدولة ولم تلتفت دولة الحزب إلى الوثائق والبصائر، بل كانت تقسم الأراضي بين المواطنين عامة فعندما يتقدم أحد من المواطنين بطلب تخطيط قطعة أرض سكنية كانت الدولة تمنحه أرضية وبستان وحوش أغنام بحسب حاجته ولو كان ذلك وسط قبيلة أخرى لكنها تشترط عليه عدم التوسع إلا بموافقة القبيلة. 

ومنذ دخول الإمارات وتمددها في الأرخبيل استطاع المندوب الإماراتي أبو مبارك إقناع المحافظين السابقين لمحروس بامتلاك العديد من الأراضي الاستراتيجية بعضها بالشراء والبعض هبة منهم لإقامة مشاريع تنموية وهمية وبذلك حاز مساحات واسعة في مناطق ومدن استراتيجية عدة. 


وحاليا مع غياب الدولة واستيلاء الانتقالي على المحافظة وظف المستثمرون من دول التحالف سماسرة من سقطرى فقاموا بشراء مساحات شاسعة في المدن والأرياف والمناطق الساحلية لصالح هؤلاء المستثمرين وهذا خلق مجموعة من المشكلات في الأراضي نجملها في الآتي: ارتفاع سعر الأراضي بشكل ملحوظ، وعدم قدرة المواطن على امتلاك قطعة سكنية فصار المواطن غريبا والغريب ظهور العديد من النزاعات على الأراضي حتى شمل الأخوة وأبناء العمومة.

هناك أيضا استخدام الأراضي الاستراتيجية قواعد عسكرية لصالح التحالف
وحيازة الأراضي التي تحتوي مخزون من المعادن الغاز والبترول وغيره لصالح أجانب ما يعد إرهاق الحكومة بدفع تعويضات هائلة لصالح دول أخرى لاستعادة أراضيها. 

بيع الأماكن المحظورة من البيع في القانون والتصرف في أراضي الدولة وغياب التخطيط الحضاري للمدن وظهور العشوائيات وإغلاق الشوارع والمنافذ الرئيسة والاستيلاء على أراضي المدارس والجامعات والأوقاف وغيرها من الجهات الحكومية.  

وهذه المشكلات وغيرها تجسد غياب الدولة وتمنح المستثمرين وسماسرة الأراضي التصرف الهمجي في مساحات كبيرة من الأراضي دون أي عوائق لذلك ندعو الحكومة بتدارك الموقف وضبط هؤلاء الجشعين وتقديمهم للمساءلة القانونية. 

المقال خاص بموقع المهرية نت