آخر الأخبار

منازل مهجورة وأخرى آيلة للسقوط.. مدن تاريخية يمنية مهددة بالانهيار وسط إهمال كبير (صور)

سقوط جزء من منزل تاريخي

سقوط جزء من منزل تاريخي

المهرية نت - وحدة التحقيقات - خاص
الخميس, 20 أغسطس, 2020 - 09:47 صباحاً

أكثر من أي وقت مضى باتت العديد من منازل صنعاء القديمة اليوم آيلة للسقوط، فمع تضرر أكثر من 500 منزل وتهدم 462 بيت وتشرد 256 أسرة وإيواء عدد منهم من أصل ستة آلاف منزل في مخيمات ومبان المدارس الحكومية، أصبحت المنازل الطينية رمزية مدينة صنعاء القديمة غير آمنة للسكن.

 

فالمدينة التي صمدت مئات السنين، لم يتوقع ساكنوها أن تحيلها الأمطار لأكوام من الطين ووصولها لحافة الانهيار خلال السنوات الأخيرة.

 

 هل كانت الأمطار والسيول وحدها من تسبب بإحداث هذا الكم الهائل من الأضرار أم أن هناك عوامل أخرى ساهمت في إحداث هذه الأضرار الفادحة في المدينة التاريخية صنعاء القديمة وغيرها من المدن التاريخية في (زبيد ، حبابة، مدينة ثلا، كوكبان، جبلة، صعدة، وحجة).

 

أصبح معظم المواطنين الذين كانوا يقطنون في مدينة صنعاء القديمة نازحين، وهم مترقبين ما ستقوم به السلطات المحلية والمنظمات الدولية لإنقاذ منازلهم الطينية.

 

يكشف التحقيق الذي أعده فريق "المهرية نت" أن أغلب المباني المتضررة كانت مهجورة ومهملة واكتشاف المواطنين أنه لا وجود لأي مبالغ معتمدة كميزانية طارئة لمواجهة مثل هذه الكوارث عبر رد الجهات المختصة فيما يعمق عودة المدينة التاريخية لرونقها ومكانتها التاريخية.

بيوت مهجورة

 

أغلب المنازل في مدينة صنعاء القديمة، تعد بيوت مهجورة لأسباب متعددة منها ما هي مرتبطة بالدولة ومنها ما هو سبب بخلافات أسرية "خلافات ورثة".

 

 وحسبما تقول الناشطة الثقافية دعاء الواسعي، رئيسة مؤسسة عرش بلقيس للثقافة والتراث، لـ" المهرية نت": إن هذه الفترة استوجبت علينا إيجاد حلول للبيوت المهجورة، حيث تسبب هجران هذه المنازل الأثرية في سقوطها وتعرضها للإهمال المتعمد من قبل المواطن والحكومة.

 

وأضافت الواسعي: ملاك المنازل المهجورة أصبحوا أمام خيارين، إما أن يشتريها أحدهم أو يتم بيعها لمن يحافظ عليها، وسط خلافات الورثة، لأن المنازل في المدينة القديمة ليست مجرد عقارات شخصية للمالك بل تمثل تراثا إنسانيا عالميا، وهذا ما يجب أن يفهمه المواطن والحكومة.

 

ويمكن القول إن الأضرار التي وقعت في مدينة صنعاء التاريخية باتت لا يجوز التغاضي عنها أبدا، لأنها ضربت كل أساسات المدينة خاصة بعد خلخلتها من قبل غارات طيران التحالف والذي استهدف أحياء: القاسمي، الفليحي، الميدان وحارة المدرسة.

 

نازحون من مدينتهم

 

يقول صالح حميد، مالك منزل منهار في العاصمة صنعاء، إن اللجان حصرت منازل محددة فقط في حارات القاسمي والمدرسة والفليحي، فيما أصبحت غالبية المنازل في صنعاء القديمة مهددة بالإنهيار.

 

وأضاف: أصبحنا نازحين بل ومعظم المواطنين الذين كانوا يقطنون في صنعاء القديمة أصبحوا نازحين، وتم إيوائنا لعدد من المدارس الحكومية الفارغة وما زلنا مترقبين ما ستقوم به السلطات المحلية والمنظمات الدولية لإنقاذنا.

 

وقال: ندعو الجهات الرسمية لمساندة الهيئة من أجل تخفيف معاناة المتضررين والضغط على مالكي المنازل المهجورة في مدينة صنعاء القديمة التي يرفض مئات من الورثة بيعها وهجرها في نفس الوقت كي لا تسقط وتمحى المدينة من قائمة التراث العالمي.

 

لا طوارئ

 

"ليس لدينا مبلغ مالية لمواجهة الكوارث الطارئة".. هذا ما أفاد به مجاهد طامش القائم بأعمال رئيس الهيئة العامة للمدن التاريخية، مؤكداً أن تداعيات الأمطار الغزيرة التي هطلت خلال الأيام الماضية لا تزال قائمة في المنازل الخاصة بمدينة صنعاء الأثرية.

 

وعن النازحين من المدينة يقول طامش لـ"المهرية نت": تواصلنا مع عدد من الجهات لتامين بعض الاحتياجات العاجلة، كما جرى إيواء الأهالي الذين سقطت منازلهم في مخيم وتصنيف هذه الأضرار إلى عدة تصنيفات منها أضرار جسيمة ومنها أضرار متوسطة.

 

وافاد طامش أن ميزانية الهيئة المعتمدة هي 260 ألف ريال (الدولار = 602 ريال يمني) شهريا كميزانية رسمية ولا تستطيع الهيئة أن تستخدمها كنفقات تشغيلية، ونطالب وزارة المالية اعتماد مبلغ دائم للطوارئ لمواجهة الإشكالات الطارئة.

 

وأضاف: للأسف ليس هناك أي مبلغ معتمد كميزانية طارئة وهذا ما ناشدنا به وما نناشد به وسنظل نؤكد على أنه لابد من اعتماد مبلغ طوارئ للهيئة لمواجهة مثل هذه الكوارث ونطالب بضرورة تخصيص مبلغ ثابت خاص بالطوارئ بما يمكن العاملين فيها من إنقاذ ما يمكن إنقاذه في حالات كهذه.

 

وتمنى المهندس مجاهد التفاعل أكثر من قبل الجهات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فالموروث التاريخي الكبير الذي نمتلكه يمثل هويتنا التاريخية، وهو ملك كل اليمنيين وليس المسؤولين أو المختصين.

 

ولفت طامش إلى أن أمطار هذا الموسم تسببت في وقوع أضرار كبيرة في مختلف المدن التاريخية اليمنية سواء المعتمدة ضمن قائمة التراث العالمي أو المدن المسجلة ضمن قائمة الانتظار، وحتى المباني والمعالم الأثرية التاريخية المنتشرة على طول البلاد وعرضها تأثرت.

 

وأشار إلى أن هناك أضراراً في (حبابة، مدينة ثلا، كوكبان، جبلة، زبيد، صعدة، وحجة)، وقال: كل هذه المدن وضعها نفس وضع صنعاء، ولا يوجد مبلغ طارئ لمواجهة مثل هذه الكوارث.

 

أما جمعية حرفيي البناء التقليدي (أهلية) فتؤكد ان عدد المنازل المتضررة تجاوز 600 منزل جراء السيول في مدينة صنعاء القديمة، كما يؤكد أحمد نواس، رئيس الجمعية أن الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية (تتبع الحوثيين) قامت بتشكيل فرق لحصر المنازل المتضررة، وتم تشكيل فريق متخصص لحصر الأضرار.

 

ويقول نواس لـ"المهرية نت" إن الجمعية اعتمدت احصائية نفذتها الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية والذي بلغ عدد المنازل المتضررة جراء هطول الأمطار الغزيرة على مدينة صنعاء القديمة أكثر من 600 منزل تقريبا، حسب ما أفاد مسؤولون في الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية.

 

وشدد على أنه يجب تكثيف الجهود مع الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية للعمل على حصر الأضرار بالمدن التاريخية في صنعاء القديمة عبر تشكيل فرق متخصصة لحصر الأضرار والرفع بها كي يتسنى إنقاذ المدينة التاريخية صنعاء.

 

وتقترب النسب المعلنة من قبل جمعية حرفيي البناء التقليدي ومؤسسة عرش بلقيس حول نسبة عدد المنازل المتضررة، حيث تؤكد الناشطة الثقافية دعاء الواسعي، رئيسة مؤسسة عرش بلقيس أن عدد المنازل المتضررة تجاوز 500 منزل وتهدم 462 بيت وتم إيواء 256 أسرة.

 

وأضافت أن عدد الأسر المتضررة من مدينة صنعاء 256 والخلخلة في الأساسات يصل إلى 500 منزل والمنازل التي سقطت بشكل كامل عشرة منازل

 

زبيد تنتظر

 

المنازل الطينية التاريخية في مدينة زبيد التاريخية لم تكن أفضل حالاً من مدينة صنعاء القديمة فقد تم رصد خمسين منزلاً متضرراً في زبيد جراء سقوط الأمطار الغزيرة التي شهدتها الحديدة، وتركزت الأضرار في 4 حارات بزبيد هي (الجامع، والجزء، والعلي والمجنبذ).

 

ووفق نسخة من التقرير الأولي للجنة المكلفة بالنزول الميداني والتقصي لمدينة زبيد التاريخية حصل "المهرية نت" على نسخة منها فقد دعت اللجنة بسرعة إنقاذ المنازل المتضررة من أجل الحفاظ على المدينة ومنازلها الأثرية القديمة، والقيام بالإجراءات اللازمة قبل الانهيار الكلي.

 

وطالب عبدالله هشام، أحد القاطنين في زبيد، لـ"المهرية نت" هيئة المدن التاريخية بتحمل مسؤوليتها وصيانة المواقع الأثرية التي تعرضت للسقوط، وسرعة إعادة ما تضرر بسبب الأمطار وحماية المواقع الآيلة للسقوط على ساكنيها للذين يعانون أوضاعاً صعبة.

 

من جانبه قال مجاهد طامش القائم بأعمال رئيس الهيئة العامة للمدن التاريخية، أن أمطار هذا الموسم تسببت في وقوع أضرار كبيرة في مختلف المدن التاريخية اليمنية سواء المعتمدة ضمن قائمة التراث العالمي أو المدن المسجلة ضمن قائمة الانتظار، وحتى المباني والمعالم الأثرية التاريخية المنتشرة على طول البلاد وعرضها تأثرت.

 

وأشار إلى أن هناك أضراراً في (حبابة، مدينة ثلا، كوكبان، جبلة، زبيد، صعدة، وحجة)، وأن هذه المدن وضعها نفس وضع صنعاء، ولا يوجد مبلغ طارئ لمواجهة مثل هذه الكوارث.

 

30 % فقط

 

من جانبها وصفت الهيئة العامة للمحافظة على المدن والمعالم التاريخية الدعم المقدم من منظمة اليونسكو 12 مليون دولار لترميم أربع مدن يمنية بعدم كفايته في ظل استمرار تضرر آلاف المنازل المدرجة في لائحة التراث العالمي.

 

وأكدت الهيئة العامة للمحافظة على المدن والمعالم التاريخية ان منظمة اليونسكو قامت بتحديد ما يعادل 12 مليون دولار كعملية إنقاذ لأربع مدن يمنية قد تغطي ثلث الاحتياجات وتعد عملية انقاذ في الفترة الراهنة.

 

وقال رئيس الهيئة العامة للمحافظة على المدن والمعالم التاريخية، خالد الإبراهيمي، لـ"المهرية نت": أن الدعم المقدم من منظمة اليونسكو لا يكفي لكنه عبارة عن عملية إنقاذ لترميم جزء من المدن اليمنية، حيث أن المنظمة قامت بتوفير بعض الدعم لتنفيذه في عدد من مشاريع الترميم في أربع مدن، ثلاث منها مسجلة في لائحة التراث العالمي، مثل صنعاء وشبام حضرموت وزبيد، إلى جانب مشاريع منفذة في مدينة عدن.

 

وأشار رئيس الهيئة إلى أن حجم الأضرار فاق التوقعات وأصبحت عملية الترميم واسعة وأن المبلغ ربما ينجز ثلث المرحلة المتفق، ونشيد بدور منظمة اليونسكو التي استجابت من الرسائل الأولى ما نتج عنه تنفيذها والقيام بإجراءاتها.

وكانت الهيئة العامة للمحافظة على المدن والمعالم التاريخية أطلقت تحذيرات نتيجة الأمطار وتأثيرها على العديد من المدن اليمنية التاريخية، حيث بلغ عدد المنازل التاريخية المتضررة جراء السيول التي ضربت مدينة صنعاء القديمة ما يقارب 600 منزل.

 

تدخل القانون

 

يقول المحامي علي مقدام، لا ننكر أن هناك فسادا شارك في حدوث الكارثة في مدينة صنعاء القديمة، وهي منع عدد من المواطنين ترميم منازلهم من قبل وزارة الثقافة بحجة اأها ستغير من ملامح المدينة، بينما في الوقت نفسه يوجد من يقوم ببناء بالبناية الخرسانية وسط مدينة صنعاء القديمة.

 

وطالب مقدام بإصدار نص تشريعي يمكن الحكومة ويخول لها بأن تصادر المباني المهجورة ورعايتها لأن مباني صنعاء ليست مجرد أملاك شخصية، ولكنها مبانٍ وتاريخ يملكها أبناء اليمن بشكل عام وليست مجال لصراع الوراثيين أو الإهمال المتعمد.




تعليقات
square-white المزيد في محلي