آخر الأخبار
الوديعة السعودية تعجز عن كبح انهيار الريال اليمني وسط أزمة اقتصادية وسخطٍ شعبي (تقرير خاص)
الاربعاء, 15 يناير, 2025 - 06:46 مساءً
عاود الريال اليمني انهياره غير المسبوق مقابل العملات الأجنبية رغم وصول الوديعة السعودية إلى خزينة الدولة، والتي جاءت بعد أكثر عام على إعلان هذا الدعم البالغ مليارا ومائتي مليون دولار، لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي في اليمن.
ويوم الخميس 13 يونيو/حزيران، أعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي وصول دفعة جديدة من المنحة السعودية لدعم موازنة الدولة.
وأشار العليمي- في تدوينة على منصة إكس- إلى أن الدفعة الجديدة من الوديعة" سيكون لها أبلغ الأثر في استمرار وفاء الدولة بالتزاماتها الحتمية وفي المقدمة دفع مرتبات الموظفين، ومواجهة الاحتياجات الخدمية، والإنسانية المتزايدة".
مصادرُ اقتصادية رصدت أن إجمالي الودائع السعودية المقدمة لليمن بلغت ثلاثة مليارات وخمسمائة مليون دولار حتى نهاية عام 2024م، منها مليار ومائتا ألف دولار أعلن عنها مطلع أغسطس 2023م وشملت ملياري دولار في 2018م، وقدمت السعودية خلال عام 2024م وديعةً بقيمة 500 مليون دولار منها 300 مليون دولار للبنك المركزي؛ لتحسين الوضعين الاقتصادي والمالي، و200 مليون دولار لدعم عجز الموازنة.
ورغم ذلك ما يزال الريال اليمني يشهد تراجعًا مقلقًا أمام العملات الأجنبية، في الوقت الذي يعيش فيه المواطنون في ظل أزمة معيشية خانقة لا يقدرون على مواجهتها.
وتجاوز الدولار الواحد حاجز الـ2190 ريالا يمنيا، فيما تجاوز الريال السعودي حاجز الـ 570 ريالا يمنيا وسط مؤشرات بزيادة الانهيار في ظل غياب الحلول الجذرية من قبل الحكومة الشرعية.
خبراء اقتصاديون يقولون إن هذا الدعم لا يعد حلًا للأزمة الاقتصادية اليمنية على الإطلاق، مؤكدين أن اليمن بحاجة إلى إصلاح الاختلالات الناتجة عن انعدام المواءمة والتوازن بين حجم الإيرادات وبين النفقات للدولة.
بهذا الشأن يقول الخبير الاقتصادي وفيق صالح" الودائع المالية لا يمكن أن تشكل حلًا جذريًا للمشكلات والأزمات الاقتصادية، فاقتصادات الدول تقوم على موارد مستقلة وحقيقية، تمكن الدولة من الإيفاء وتغطية كافة احتياجاتها المالية اللازمة لتغطية النفقات الأساسية ودفع الرواتب والإنفاق على التنمية وكذلك توفير احتياجات الاستيراد".
وأضاف صالح لموقع" المهرية نت" تدهور قيمة الريال اليمني، يأتي في ظل تزايد حجم العجز والفجوة بين النفقات والاحتياجات المالية اللازمة، وبين حجم الإيرادات، وهذا أثر بشدة على الوضع الاقتصادي في البلاد، وهو ما أوصل الريال اليمني إلى هذا الحد من الانهيار".
اختلالات هيكلية
وأردف" هناك اختلالات هيكلية يشهدها اقتصاد البلد، تتعلق بانعدام المواءمة والتوازن بين حجم الإيرادات وبين النفقات، إضافةً إلى تشتت الموارد المحلية، وعدم تنميتها، وضعف التحصيل الحكومي وتعدد الحسابات الحكومية خارج إطار البنك المركزي اليمني".
وتابع" انفلات سوق الصرف أيضًا له تبعاته في هذا الانهيار الحاصل للريال كما نرى اليوم ارتفاع عدد محال الصرافة بشكل لافت وهذا يعود إلى ضعف حضور الدولة، فهذا الأمر لا يتعلق بالبنك المركزي فقط، وإنما ضبط الأسواق ووقف المضاربة بالعملة من مسؤوليات الدولة بكافة أجهزتها ومؤسساتها".
وواصل" يجب أن يحدث تنسيق بين كافة أجهزة الدولة لتعزيز الحضور الفاعل على الأرض ومكافحة العشوائية والاختلالات الحاصلة في الجهاز المصرفي، على الأقل من أجل إيقاف هذا التدهور وإلا فالأمور ستؤول إلى الأسوأ".
اجتماعات لا طائل منها
في السياق ذاته يقول الناشط الإعلامي، أبو فاهم فؤاد العسكري، إن" الريال اليمني ينهار يومًا بعد آخر وصناع القرار يعقدون اجتماعات ولقاءات دون أن يخرجوا بأية نتيجة مجدية، نسمع جعجة ولا نرى طحينًا، ومايحدث اليوم في الوطن من انهيارٍ للاقتصاد ليس عجزا فى المال ولكنه عجز في المسؤولين الحقيقيين الذين يعملون لأجل المواطن لا لأجل أنفسهم".
وأضاف العسكري لموقع" المهرية نت" العالم يعرف أن اليمن غنية بثرواتها وموانئها، ولكن ما ينقصها هم المسؤولون الوطنيون الذين يقدرون المسؤولية ويجعلون ولاءهم للوطن، نحن بحاجة مسؤولين تَخرجوا من رحم المعاناة، رحم الحصار والجوع والفقر والتشريد والنزوح، هم من سيضعون حلًا لتدهور الريال اليمني وإنقاذ الوطن من الكارثة الاقتصادية، ومن شبح الفقر والجوع ".
وأردف" الفساد موجود في كل أنحاء العالم ولكن تكون نسبته واحد بالمائة أو اثنين أو ثلاثة بالمائة، يسرقون ويعملون لوطنهم، أما في اليمن فالفساد يصل إلى ألف في المائة، فالمسؤولين ينهبون مليارات الدولارات ولم يعملوا مقابل ذلك شيئا يذكره المواطن بالخير".
وتابع" والأسوأ من هذا، أن صناع القرار عاجزون عن محاسبة الفاسدين ويكتفون بنشر أسماءهم في الإعلام، والسؤال هنا، ماذا صنع العليمي وحكومته للوطن منذ أن وصل إلى كرسي السلطة وما الحلول التي اتخذها وسار عليها لإصلاح الاقتصاد والذي يعد العمود الفقري لحياة الشعب، باختصار من يستلم بالسعودي لا يمكن أن يصلح اقتصاد الوطن".
وزاد" نحن نعيش في بلد حكامه بمجرد أن يصلوا إلى كراسي السلطة يعتبرون السلطة مغنمًا وملكًا وثروة ورثوها عن آبائهم، يعيلون أبناءهم منها ويسعدون الأقارب خارج النظام والقانون، وبعدها يعجزون عن توفير أبسط الخدمات الأساسية للشعب حتى مقابل نهب أموال الشعب".
ولفت إلى أن" البنوك والصرافات اليوم أكثر من الصيدليات والمطاعم وبسطات الخضرة، كل يوم يفتح بنك وصرافة جديدة مسؤولو اليمن ناجحون بالظهور أمام كاميرات الإعلام ورمي فشلهم على الحوثي، بتوقيف ميناء الضبة النفطي تحت التهديدات الحوثيه وهذا ما أعطاهم ذريعة أن الحوثي هو السبب بانهيار الريال، ثم تهربوا من المسؤولية".
وواصل" لايخفى على أحد، حتى الأطفال أصبحوا يدركون أن العائق الأكبر والطامة الكبرى، والفساد المستشري في جميع مفاصل الدولة هم المسؤولون، وإلا فلماذا لم يضعوا حلًا لما يحدث اليوم من انهيار اقتصادي ومعيشي غير مسبوق، المسؤولون الحقيقيون بمجرد أن يشعروا أنهم عاجزون عن إسعاد وترفيهه شعوبهم يسارعون بتقديم استقالتهم ويتركون المناصب لمن هم جديرون بالمسؤولية".
واختتم"يا حكومتنا المناصب لا تدوم فاعملوا بجد وإخلاص حتى تنالوا الأجر والثواب من الله تعالى ويذكركم التاريخ بصفحات بيضاء، الشعب اليمني لا يكلفكم فوق طاقتكم، الشعب لا يطالبكم أن تعملوا كما يعمل مسؤلو العالم؛ بل يطالبكم بتوفير الخدمات الأساسية والضرورية للحياة فقط".
ينذر بكارثة حقيقية
من جانبه يقول الصحفي والناشط السياسي، وليد الجبزي" في ظل وضع اقتصادي مخيف وانهيار غير مسبوق للريال اليمني أمام العملات الأجنبية تزداد معاناة المواطن اليمني في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية بشكل كبير، هذا الانهيار الذي وصل إليه الريال اليمني أمام العملات الأجنبية ينذر بكارثة ومجاعة حقيقة قادمة لا محالة".
وأضاف الجبزي لموقع" المهرية نت" إذا لم تتخذ الحكومة الشرعية ومجلس القيادة الرئاسي حلولًا عاجلة فهذه كارثة كبرى، فقد وصلت الوديعة السعودية والريال السعودي بسعر 536 إلى 539 تقريبا، وبعد أن وصلت هذه الوديعة انهار الريال اليمني أمام السعودي إلى 571 ريالًا، ولأول مرة تصل الوديعة ويحدث عقبها انهيار كبير وهذا ما أثار سخط الشعب".
وأردف" الحكومة الشرعية ومجلس الرئاسة والأحزاب السياسية ومجلس النواب وجميع مكونات الشرعية مسؤولون عن كل ما يحدث؛ كون الحكومة صامتة ولا كأن الأمر يعنيها، والفساد الكبير في أجهزة الشرعية والتي كشفها الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، أثبت وجود ثقوب سوداء داخل الشرعية تعمل على امتصاص الاقتصاد مما يتسبب بهذا الانهيار المخيف للريال اليمني".
وتابع" في أول شهر من العام 2025م يواجه الشعب اليمني أوضاعًا معيشية صعبة، ومجاعة حقيقة قادمة لا محالة، وسط تجاهل كبير للحكومة الشرعية لمعاناة الشعب اليمني، وقد كانت هناك فرصة ذهبية أخفقت في استغلالها الحكومة الشرعية ومجلس القيادة الرئاسي وقامت بإلغاء قرارات البنك المركزي اليمني في عدن دون الحصول على أي دعم مقابل الإلغاء كإعادة تشغيل الموانئ وتفعيل منشأة بلحاف التي ستعمل على تحسين الوضع الاقتصادي المنهار الذي يعيشه المواطن اليمني في المناطق المحررة".
واختتم" القادم سيكون أسوأ إذا لم تتخذ الحكومة الشرعية ومجلس القيادة الرئاسي قرارات عاجلة وحقيقية وليست ترقيعية من أجل إيقاف هذا الانهيار المخيف للريال اليمني في مناطق سيطرتها".
تساهل حكومي كبير
بدوره يقول الناشط الإعلامي، مروان الشرعبي" كل يوم وليلة يتدهور الوضع الاقتصادي في اليمن بشكل غير مسبوق، في ظل غياب المسؤولية من قبل الحكومة والتساهل الكبير بمعاناة المواطنين، الأمر الذي يعود بالويلات على المواطن الضعيف الذي لا يحصل على قوت يومه".
وأضاف الشرعبي لموقع" المهرية نت" اليوم تفاقم معاناة المواطنين تحت الارتفاع الهائل للعملات الأجنبية وتدني سعر الريال اليمني، مما يضني الحال ويفقد الشرعية اليمنية قدرتها على تحمل المسؤولية".
وتساءل الشرعبي" أين تذهب الأموال التي تم إيداعها للبنك المركزي خلال فترة وجيزة، ولماذا لم يستقر سعر الصرف مقابل العملات الأجنبية ؟، مع أنه تم الإعلان أن الوديعة ستعمل على إصلاح الموازنة العامة، كما أن رشاد العليمي صرح عبر صفحته بأن الوديعة سيكون لها بالغ الأثر في استمرار وفاء الدولة بالتزاماتها الحتمية؟، أين الوفاء الذي تحدث عنه؟".
وتابع" إن غياب الحكومة عن مهامها هو خذلان للشعب وتحطيم آمالهم بالتمسك بالجمهورية، لقد قفد الشعب ثقته بهذه الحكومة وفقد رغبته بهذه الدولة التي يعيش فيها المسؤول في قمة الراحة المادية، ويعيش فيها المواطن في نكد العيش وضيق المعيشة".
وواصل"على الحكومة أن تثبت قدرتها وتقوم بمهماتها بأكمل وجه فالاقتصاد اليوم يلفظ أنفاسه الأخيرة والشعب يعيش تحت وطأة الفقر وجور غياب السلطة وتجاهلها المتعمد لهذه المعاناة".