آخر الأخبار
أزمةُ مياهٍ خانقة في مدينة تعز وسط غياب تام للكثير من الخدمات!( تقرير خاص)

الإثنين, 05 مايو, 2025 - 06:14 مساءً
تحمل بيدها قنينتي ماء سعة( 20 )لترًا، تمشي بخطوات سريعة علها تظفر بحصتها من الماء، الخوف يظهر جليًا على عينيها اللتين فتحتهما بفزع عندما أخبرها المشرف على ماء السبيل أن حصة اليوم من المياه قد نفدت، وأنه يجب عليها العودة بلا ماء والانتظار للمرة القادمة كما فعلت الكثير من نساء الحارة.
هذه حكاية المواطنة" كاتبة" ذات الأربعين خريفًا من العمر، والتي تسكن في مديرية صالة داخل مدينة تعز، وتعتمد المواطنة على مياه السبيل في تغطية حاجة بيتها منه؛ كونها غير قادرة على دفع سعر خزان الماء( الوايت) الذي أصبح بعيد المنال عن كثير من الأسر داخل هذه المدينة المتعبة.
وتشهد مدينة تعز مؤخرًا أزمةً غير مسبوقةٍ في المياه؛ الأمر الذي أحال همَّ توفير المياه الضرورية إلى كابوس يلاحق أبناء المدينة، وسط غيابٍ تام للكثير من الخدمات الأساسية.
ويشكو العديد من سكان المدينة من الارتفاع الجنوني لأسعار خزانات المياه( وايتات) التي وصل سعر الواحد منها، سعة ستة آلاف لتر إلى(50) ألف ريال، في ظل غياب مشروع المياه الحكومي منذ بداية الحرب.
وتقول "كاتبة" في العام الماضي كنت أستطيع شراء الماء فقد كان سعر الوايت لا يتجاوز الثلاثين ألف ريال، كنا نشتري نصف الوايت بـ(15)ألف ريال أو أقل من ذلك، لكن سعر نصف الوايت هذا العام أصبح مخيفًا ولست قادرة على شرائه مهما بذلت أنا وأسرتي من من جهد".
وأضافت لـ" المهربة نت" أخذت على نفسي عهدًا ألا أشتري الماء بهذا السعر الكبير ولهذا آتي كل مرةٍ إلى هنا لتعبئة هذه القناني والعودة بها إلى بيتي فوق رأسي أو يساعدني في حملها أبنائي، أو أحد المارة، وأستخدم الماء في بيتي بحذر شديد؛ حتى لا أبقى بغير ماء".
وتابعت" أذهب أيضًا للحارات الأخرى من أجل الحصول على مزيد من الماء، وبالرغم من أنني أتعرض للتذمر الكبير من قبل الناس في الحارات الثانية؛ لأني آتي لأخذ حصة ليست لي إلا أنني أتحمل كل ما أسمعه مقابل الحصول على الماء".
وواصلت" أصبحتِ الحياةُ متعبة، كلُّ شيء في هذه الحياة أصبح مكلفًا جدا، من كان يتوقع أن الماء سيصل إلى هذا السعر؟!، لم يعد هذا الزمان سهلًا ولم يعد الواقع يطاق، أصبحنا نعد الأيام وننتظر الموت فقط، لا توجد رغبة في هذه الحياة ولا يوجد شيء اسمه شغف أو اهتمام".
في السياق ذاته يقول الناشط الإعلامي محمد الحطامي" نحن في مدينة تعز نعاني بشدة من أزمة المياه بسبب تراجع منسوب المياه الجوفية التي تعتمد المدينة عليها منذ بدء الحصار، وخلال الفترة الأخيرة اشدت أزمة المياه بشكل أقلق الجميع".
وأضاف الحطامي لـ" المهرية نت" اليوم وصل سعر خزان الماء( الوايت) سعة ( 6 )آلاف لتر إلى (50 ) ألف ريال وهذا المبلغ هو الدخل الوحيد لأغلب الأسر الساكنة في المدينة، وإذا قلنا مثلا إن البيت الواحد يحتاج في الشهر إلى( 3 )آلاف لترٍ من الماء فمن أين لرب الأسرة أن يدفع كل شهر (25) ألف ريال؟، في ظل الغلاء المعيشي الذي نحن فيه اليوم".
وأردف" مدينة تعز منذ بدء الحصار عليها تعاني من أزمة مياه، لكن الأزمة التي حصلت مؤخرا لم يحدث مثلها من ذي قبل، والمؤسف جدا أنه لا توجد أي حلول أو معالجات من قبل السلطة المحلية أو الدولة نفسها".
وتابع" حُرمت المدينةُ من الكهرباء الحكومية بشكل كامل وتناسينا هذا الأمر، أما أن تحدث أزمة مياه بهذا الشكل فهذا أمر لا يتحمله السكان على الإطلاق، المواطن يستطيع أن يعيش في الظلام لكنه لا يستطيع أن يعيش بدون ماء وهذا أمر يعرفه الجميع".
ودعا الحطامي السلطة المحلية إلى" اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من الأزمة الخانقة، كالبحث عن بدائل أخرى وحفر آبارٍ جديدة تعمل على تغطية المدينة أو- على الأقل- مناطق معينة منها، على المسؤولين أن يتقوا الله في هذا المواطن الذي تتراكم عليه الأزمات تلو الأزمات وهو محدود الصبر والتحمل".
وواصل" هذه الأزمة بحاجة إلى يقظة ضمير وعمل جاد واستشعار المسؤولية من قبل كل من يمتلك القرار، ينبغي أن تتكاتف الجهود وتُبذل في سبيل رفد المواطن بالمياه ولو بأسعار أقل مما هي عليه اليوم".
من جهته يقول المواطن، محمد هزاع (37 عاما) يسكن في مديرية القاهرة وسط مدينة تعز" ارتفع سعر خزانات المياه بشكل يجعلنا عاجزين عن الشراء، اليوم سعر الخزان سعة(6) آلاف لتر بـ(50) ألف ريال، والارتفاع هذا جاء خلال شهرين أو أقل وهو لا يواكب ارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية؛ بل يزيد عن ذلك بكثير".
وأضاف هزاع لـ" المهرية نت" وصل سعر قنينة الماء الكوثر سعة (20) لترًا إلى (600) ريال، بمعنى أن الأسرة بحاجة إلى (600) ريال يوميا فقط من أجل الشرب، ناهيك عن استخدامها للماء في الأمور الأخرى كالطبخ والتنظيف".
وأردف" ماء السبيل الذي كان يأتي للحارات في الأسبوع مرتين أصبح يأتي في الأسبوع مرةً واحدة، والإقبال عليه من السكان كثيف جدا، أغلبهم يعودون بلا ماء، ومنهم من يحصل على القليل، والبعض من السكان يذهب للحارات الأخرى بحثًا عن قنينة أو اثنتين يمرر بها يومه دون دفع المال".
وواصل" اضطررت قبل أيام إلى شراء (1500) لتر، ودفعت قيمته(12) ألف ريال، هذا المبلغ كان كبيرًا عليَّ لكني كنت مضطرا لدفعه من أجل أن يكون الماء- على الأقل- متوفرًا في بيتي، لا أن تكون الأزمة تطحننا من كل جانب".
ولفت إلى أن" الأزمات التي تلحق بالمواطن مؤخرًا أصبحت ثقيلة ولا يمكن للمواطن تحملها، أزمات متتالية ومن جوانب عديدة، أزمة في الكهرباء وفي المياه وفي توفير القوت الضروري للأسرة".
وبحسرة تساءل" كم من القوة نحتاج نحن المواطنون حتى نقدر على تحمل كل هذا الوجع؟، كم من الصبر والثبات نحتاج حتى نتأقلم مع كل هذه المآسي التي تنزل علينا بكل حين".
