آخر الأخبار
أخلاقيات المعركة
مثير للاشمئزاز والسخرية , حديث البعض عن تحقيق نصر أخلاقي على الشرعية , في مزايدة أخلاقية لا معنى لها في هذه اللحظة الحرجة التي يمر بها الوطن , غير أنها ضرورة تعبر عن أصحابها والمهمة الموكلة في العبث القائم , لاستكمال المشهد المخزي بكامل تفاصيله .
تعبيرا عن أخلاق متعصب ضيق الأفق , يرى المختلف عنه سيئ , بثقافة عدم تقبل الآخر , و معركة حياة ضد الآخر , لاستئصاله واجتثاث أفكاره , بتوزيع التهم جزافا والتكفير عبطا , وصرف صكوك الوطنية بمعايير العقلية الغير متحررة من الماضي ومآسيه والعصبيات الصغيرة .
في هذا الحرج التاريخي الذي تمر به الأمة , تتضح معالم الأزمة الأخلاقية التي أوجدها النظام السابق و منظومته الاستبدادية المهيمنة على سياساته ل 33 عاما من النفوذ والمصالح التي زٌرعت , واليوم نقطف ثمارها , و تتفجر في وجوهنا على شكل أمراض ونوازع وسلوكيات غير سوية , نراها اليوم على شكل تحالف , مزيج من مرضى الماضي وأدواته , تحالف يستهدف مسار التحول السياسي والتغيير , يستهدف المستقبل وتطلعات الأمة , متجاوزا مساوئ الماضي وعثرات الحاضر , متجاوزا الثأرات والخصومات ومصالح نفوذ الفساد والاستبداد , لينطلق لمستقبل أفضل .
حرج منعطف تاريخي , للانقلاب على التسوية , ما كان له أن يكون دون دعم قوى إقليمية , لغرض إيجاد مبرر التدخل العسكري المباشر , تحت لافتة استعادة التسوية , وعودة الشرعية , والحقيقة أنه تدخل لعودة النظام السابق , واستعادة الوكيل الشرعي للقوى الرجعية المتسلطة على القرار والاختيار في اليمن منذ سنوات , استعادة كبح لجام القوى الوطنية , وإعاقة تأسيس نظام وطني ودولة محترمة , واستقلال القرار والاختيار من هيمنة الجوار .
وجه الدعم بسخاء , حتى لا يتعافى يمن , سخاء إنشاء تشكيلات خارج سلطة الشرعية , تسهم بشكل مباشر في رسم سياسة التفكيك والتحطيم , وتأكل المشروع الوطني , واعاقة التغيير والتحول المنشود ,بدعم مشاريع طائفية مناطقية , بتفكيك ممنهج للبنية السياسية والاجتماعية , وترسيخ الصراعات السلبية , والعمل على التناقضات , واستدعاء ثأرات الماضي وتراكماته , استثمار كل مصائب ذلك الماضي.. والمصابون نفسيا وفكريا , صنعوا منهم تشكيلات عسكرية وسياسية واعلامية , تدار من غرفة عمليات لتنفيذ سيناريو التعطيل والعبث القائم .
مخطط ما كان له أن يكون , ولو لم يجد أدواته من قطيع , عانى كثيرا من سياسة التجويع , والتهميش والإقصاء , التقط طعم التوظيف , وقبل بالعمل كشفاه لخدمة الرجعية العربية , براتب مغري ودعم لوجستي , نثريات دون حسيب ورقيب , بفساد ممنهج لصنع واقع يخدم اجندات ذلك المخطط .
فاختلط الحابل بالنابل , مكونات تعطيل جمعت اليسار واليمين ,والسياسي والديني , والقومي والأممي, والتقليدي والتحرري , الكل يعبث , في ظل الكسب السريع , والثراء الفاحش , اشتريت الذمم , وبيعت الضمائر , والخسران وطن وتطلعات أمة وشعب متعطش للتغيير حقيقي , ليلحق بمتغيرات العصر والنهضة .
المشهد الأكثر وضوحا , هو خيانة الأمانة , وسقوط القيم والأدبيات , والتنازل السريع عن السيادة والإرادة , والإعلان الصريح و الواضح دون رتوش ( خذو الجنوب ونبصم لكم بالعشر ) أول عرض سخي لتقديم الجنوب للبيع , وكأنه مزرعة من مزارع القرية , وشهدنا الصمت المخزي حينها , وتلاشت الوطنية , في تبرير الحدث , وبدأت عجلة السقوط , تهاوت الهوية , وانتكست الراية والرمز الوطني , وارتفعت في سماء الوطن رايات أخرى و شعارات الشكر والعرفان لغير والوطن والقضية , واليوم تدار معارك عبثية , وقودها شبابنا , وقضيتها نزاع إقليمي على الأرض اليمنية , أسقطوا عدن بعد تحريرها مباشرة , بعد استقلالها وتحرير مينائها من الاحتكار , والقرار التاريخي لابنها البار الشهيد المحافظ المغدور به جعفر محمد سعد , بفرض عدن منافس قوي اقتصاديا وتجاريا في المنطقة , ودفع ثمن قراره الشجاع , وتوالت عملية التخلص من كل وطني وشريف , من كل عقل نظيف , من كل مناضل صلب وعنيد , من كل ضمير غير متاح للبيع , وسقطت جزيرة سقطرى , كما سقطت عدن .
والمؤامرة مستمرة لإسقاط حضرموت والمهرة , لزج بها في دائرة العبث , المستفيد منها التحالف , في تمرير أجندته الطامعة , ومشاريعه المرفوضة , التي لم يستطيع تمريره عبر الشرعية , ويعيش وهم التمرير عبر أدوات صنعها واشتراها , ومن خلالها قادر على تمرير مطامعه , متناسي أن اليمن على مر التاريخ مقبرة للغزاة , و إن وجد عملاء فهم قلة , أمام كثرة من الشرفاء والوطنيين , على طول وعرض الارض شمالا وجنوبا , قادرين على حماية أرضهم وعرضهم , وحماية الوطن من العبث والطامعين , وإن لناظره لقريب .
المقال خاص بموقع المهرية نت