آخر الأخبار

التكافل في المجتمع السقطري

الإثنين, 29 مايو, 2023

سبقت سقطرى منذ القدم جميع المنظمات العونية وجميع البرامج التكافلية التي اخترعت للاهتمام بالإنسان فقد اخترعت سقطرى العديد من الأنظمة التكافلية التي تضمن للإنسان حقه في الأخذ من مال إنسان آخر دون أي حرج من السائل أو تعنيف وتعنت من المسؤول، فهذه الأمور حق اتفق الجميع على ضرورتها لسير الحياة والحصول على العيش الكريم.


  وقد اشتهرت في المجتمع السقطري العديد من البرامج التكافلية بحيث تحتاج إلى العديد من المؤلفات للحديث عنها وفيما يأتي أحاول التركيز على أشهرها وأهمها في المجتمع السقطري:
  مطعينوه: وهي عادة موجودة لدى العرب من القدم ويطلقون عليها الضعن أي الانتقال من مكان إلى آخر للبحث عن العشب والكلأ وفي سقطرى مازال الناس يحافظون على هذه العادة إلى اليوم، وقد تعودت الكثير من القبائل على هذا التنقل بالمواشي في أوقات معينة وإلى أماكن مخصصة حتى ألفت الحيوانات على التنقل الذاتي عند حلول التوقيت وعند هبوب رياحه واخترعوا لذلك مصطلح (مزهيروه) ويرحب بهم أهالي القبيلة التي يضعنون إليها ويدعون لهم بقولهم (ليعجل عيكن ديه دي الله أو لعيجل عيكن مسا) أي لستقبلكم عافية الله وليستقبلكم المطر
ويطلقون على العودة أو الرجوع إلى الموطن الأساسي (مرقيوه) ويستقبلهم أهلهم بالترحيب والدعاء بقولهم(مسا وأصحح) أي ليأتي معكم المطر والصحة فيردون (نشابع عافية) أي لتعمنا العافية جميعا.

  وقد لا يكون هذا الضعن عن حاجة إلى الكلأ والعشب بل هروبا من (العقبة) وهو الضعف الذي يحل بالمواشي في المناطق الباردة
شصراده: وهو مصلح يطلق على من يطلبون السمن الحيواني حيث تعود الناس في مواسم معينة أن يأتي بعض الأشخاص من المناطق الساحلية وخاصة المدن الكبيرة الذين لا يملكون المواشي إلى المناطق الريفية ولا يأت هؤلاء الأشخاص في أي وقت بل يعرفون التوقيت المناسب لما يسمى (انقاضه) وهو طباخة السمن وتنضيجه بواسطة الشعير والذي يطلقون عليه مسمى (سيروه)  ويفرح الناس بهم ويتصدقون عليهمحتى يملأون أوعيتهم ويثلقون مراكبهم من الأبل والحمير، وهم بدورهم أثناء عودتهم يوزعون على جيرانهم وأهلهم في المدن الذي ينتظرون عودتهم ويأخذ كل منهم نصيبه من هذا الرزق دون أن يدفع مقابل على ذلك ويعود كل شخص إلى بيته وأهله فرح بهذه الدهون التي تعد وجبة أساسية تستخدم مع الأرز أو الشعير ومع التمر واللحم وغير ذلك وقديما كانوا يستخدمون السمن للمعالجة والتدهين بالأضافة إلى الاستخدام الغذائي .

  شلفه: وهو نظام قريب من النظام السابق إلا إنه متعلق بطلب الحيوانات حيث يعمد الأشخاص الذين لا يملكون المواشي أو الذين حلت بهم الجوائح وماتت مواشيهم جراء القحط أو المرض والأمطار وغير ذلك من الكوارث إلى القرى المجاورة ويعمدون إلى من يمتلكون الكثير من المواشي وهم بدورهم لا بد من أن يتصدوا عليهم بشاة أو اثنتين سواء أكانت صغيرة أو كبيرة وهذا  من قبيل الصدقة لا الزكاة ويعد من العيب، ومن الشدة في البخل والعصيان عدم اعطاء السائل ولو شاة أو طلي صغير على أقل تقدير ويذكر الشخص الذي يمنع ذلك بالسوء في مجتمعه ويعنفه أهلهع بل ويرجون كل ضرر يحل بالماشية نتيجة لعدم اعطاء السائل حقه.
كذلك في موضوع الزكاة فإن الناس مع موعد حلول الأضاحي يأتون إلى من لا يملك سوى القليل من المواشي ويستأذنونهم في إخراج الزكاة إليهم ويخيرونهم إذا كانوا يريدون الماشية من أجل الذبح فيختارون لذلك السمين وإذا كانوا يريدون الماشية للرعي فيختارون لهم الطيعة والحلوب الولود.
رفدة: وهي مساعدة شخص من الأقارب أو من غيرهم بماعز  أو بقرة أو جمل أو أكثر رفدة له في العزائم والولائم والأعراس وأحيانا قد تكون في وجبات العزاء أو على بعض الأعمال التي يطلب إليها عمال كثر.
 
حاش: الحاش بالشين الجانبية مصلح قريب من الرفدة ولكنه خاص بالمساعدة على قضاء الدين حيث يقدم بعض الأشخاص مثلا على شراء بقرة أو جمل لكي يقدمها رفدة لصاحب وليمة معينة كما ذكرنا سابقا ويطلب البائع أن يوفيه في وقت معين عشرة من صغار الغنم مثلا فيقوم جيرانه بمساعدته حتى لا يتضرر في ماله وحتى يشعر بالفخر بقومه وأصدقائه وأهله وجيرانه ولو لم يطلب ذلك منهم ولو كان يملك الكثير من المواشي
وقد يكون الحاش بالتمور أو بالطعام أو باليد العاملة وغير ذلك من الأشياء .
منحاره: المنحاره مثل الحاش إلا أنها تكون من الأقارب خاصة وتكون المنحاره بالمواشي خاصة دون غيرها.
مجرده: وهو من أبرز الوسائل التكافلية حيث يخصص الناس بعض المواشي للسبيل ولعامة الناس وتعتبر خارجة من تصرف المالك لا يحل له ذبحها فقط يقوم بحلبها حتى لا تضرر ولكن لا يخلط حليبها مع حليب بقية المواشي بل يشربه أو يعطيه الضيوف أو يتصدق به على الجيران والصبيان وغير ذلك وهي في حل لأي شيء يشرب من حليبها ولكن لا يحل ذبحها.
دي واهب: وهو نظام تكافلي يتعلق بالنخيل حيث يقوم بعض الأشخاص بتخصيص نخلة معينة للعامة يأكل منها من شاء فهي لابن السبيل ولمن لا يمتلكون ثمارا وللطير  وبقية المخلوقات ويمتنع الشخص الواهب من قص ثمارها أو ضمه إلى ثماره والتصرف فيه وهو يرثها من أهله للمحافظة عليها ضمن أمواله والاعتناء بها.

*المقال خاص بالمهرية نت*