آخر الأخبار
ذبح المواشي.. أساليب ومعتقدات خاصة بالسقطريين
تفرد السقطريون بطريقة خاصة في ذبح المواشي وهذه الطريقة ليس من اليسير إتقانها وقد يتفاوت السقطريون فيها فمنهم الأستاذ الماهر بها ومنهم من هو متوسط الخبرة ومنهم الضعيف وكذلك يتفاوتون في السرعة في الذباحة فهناك السريع الماهر الذي لا يسبقه أحد وقد اشتهر بعض الناس بذلك وهناك البطيء الذي لا يصلح للسباق.
منذ القدم يحرص الآباء على تعليم أبنائهم الذكور خاصة مهارة ذبح المواشي ومن النساء من تعلمن ذلك أيضا ولكن غالبية النساء لا يتم تعليمهن ذلك لاعتقادهم أن ذبح الماشية وحلبهاخاص بالرجال وعمل المرأة ذلك يقلل البركة وهو اعتقاد قديم ربما جاء من الديانات غير الإسلامية ومن الأعراف والتقاليد الجاهلية بغية الوقاية والحرز التي كانوا يدينون بها ويسمون ذلك(زروة) يعني محق للبركة
كما يعتقد السقطريون أنه لا بد من ذبح المواشي على طريقتهم لأن ذبحها بغير تلك الطريقة محقا للبركة وتعذيبا للحيوان وحقا فإن تلك الطريقة إبداعية احترافية ومريحة للحيوان وأكثرها فائدة في المواد المستخرجة من الحيوان بعد ذبحه.
ومن الإجراءات التي يقومون بها قبل الذبح الدعاءحيث يمسكون بالحيوان أو يمسكه الولي أو كبير القوم والأسرة ويدعو ما شاء أن يدعو وهناك عبارة يفتتح بهذا هذا الدعاء هي (فاسنك الله قاننهي الله) ومعنى فاسنك لله أي دعوناك يا الله أما عبارة قاننهى الله فهناك تفسيرات كثيرة لها منهم من يقول إن أصلها هنديا ومنهم من يقول إنها بمعنى الوقاية والتربية والاقناء من يقيني أي يربي ويطعم ويسقي وبعد هذه العبارة يدعو بما شاء بالبركة للمال والأهل والأرض وغير ذلك كما يستحن أن يدعو الضيف أو من ذبحت له الذبيحة من الرجال خاصة دون النساء ولا يعني ذلك أنهم لا يكرمون النساء ولا يضيفونهن بل عليهن التأمين على الدعاء فقط دون أن يدعين ويختم الداعي دعاءه بعبارة( حنكى حالول) وتعني أن هذه الماشية أحلت للذبح أو ما يقابلها بالعربية أحلت لكم فكلوها هنيئا مرئيا
بعد ذلك تبدأ عملية الذبح حيث توجه الذبيحة نحو القبلة ويمسك أحدهم بأرجلها ويطرحها على جنبها في الأرض ويمسك الذباح برأسها ويحز حلقها ويقطع حلقومها ولا بد من أن تكون غضروف الحلقوم إلى الأعلى ويعتقد البعض أنه إذا صارت من الأسفل أن الذبيحة محرمة وبعضهم يكره الأكل منها إذا ذبحت بتلك الطريقة.
بعد ذلك ينتظرون قليلا حتى يتأكدوا من موت الحيوان المذبوح وبعدها تبدأ عملية سلخ الجلد وتسمى( شاصيبوه) حيث يقوم الذباح بقطع أظلاف الماشية وفصلها عن العظام حتى يبقيها في الجلد ثم يشق الجلد من الخلف مما يلي الألية إلى الأظلاف وبعدها يبدأ العمل اليدوي فيفصل بأصابعه بين الجلد واللحم حتى ينزع الجلد من طرف الرقبة وبهذا يكون الجلد صالحا للاستخدام لمآرب شتى منها حفظ التمور أو دلوا للسقي وحفظ الماء أو لخض اللبن أو لنفخ النار عند الحدادين وغير ذلك من الاستخدامات المتعددة التي تتم بعد إخراج الشعر من الجلد وذباغته ونفخه للتأكد من الثقوب وتجفيفه
وطريقة فصل الجلد عن اللحم ليست بالطريقة اليسيرة ما لم يتدرب عليها الشخص إذا يعد من العيب إبقاء قطع من اللحم على الجلد ويعنف من يقطع الجلد أثناء الذبح بقسوة لذلك يحذر الذباح أيما حذر من إحداث أي خرم في الجلد.
بعد عملية إخراج الجلد إذا كان المذبوح طليا صغيرا يتم تعصيب قصبة الترقوة حتى لا يخرج اللبن من جوفه حيث يهتمون بهذا اللبن ويطبخونه مع اللحم وبهذا يكون طعم اللحم والمرق لذيذا ويسمونه (العادوج) وبعدها يشق صدر الطلي المذبوح من جهة الرقبة ويوسع قليلا لاستخرج الدم من جوفه وهو دم يعتقون أنه فاسد أو أنه يغير لون وطعم اللحم ولا يفعلون ذلك في الشياه والماعز التي تجاوزت الفطام، ويتم فصل الرأس والأظلاف واليدين عن الجلد واللحم ويتم إخراج العيون من الرأس بلطف حتى تخرج سليمة ولا يبقى شيء منها في الرأس وتسمى هذه العملية (جيفن) ومن ثم ترمي ومن ثم يشوى الرأس الأظلاف بالنار حتى يذهب الشعر منها وبعد ذلك يغسلونها جيدا وتطبخ ثانية مع اللحم ويفصل الرأس قبل ذلك ويستخرج منه المخيخ ويتم إنضاجه على الجمر مع الطحال والكليتين وشيئا من الكبد وتقدم قبل كل شيء إلى الضيوف ويسمون ذلك(مقبوب)، ويتم قطع بطن الذبيحة ويخرج ما في بطنها وجوفها من الأعضاء ويفصل كل عضو على حدة فتنزع الأمعاء ويكلف أحدهم بفرز الأذى منها يسحبها بأصابعه حتى يوصلها إلى الاثنى عشر وكذا الكرش يفصل ويكلف الصبيان بتصفيتها وغسلهاـ، كما يتم إخراج صفار الكبد ويرمى بعيدا لاعتقادهم أن السائل الموجود فيه سام إذا اختلط باللحم يفسده أو يسممه كذلك يشق القلب ويستخرج الدم منه ويقطع أذنيه الأيمن والأيسر لاستخراج الدم المتجلط منه، وترمي بعض القبائل الطحال ففي اعتقادهم أن من يأكلها لا يجري بالشكل المطلوب لأنها تحد من السرعة وبعض القبائل لا يأكلون الكبد وقد عرفوا بذلك واشتهروا به، وفي عملية الذبح يقومون بفصل اللحم عن العظام وإذا كان اللحم كثيرا فإنهم يطبخون اللحم على حدة والعظام على حدة وأول ما يقدم في المائدة هذه العظام مع شيء من المرق والدهون وبعدها يأتي اللحم وتبعاته.
ويذكر المختصون أن الماشية سواء الماعز والضأن تحتوي على ثلاث عشرة قطعة ولكل منها مسمى باللغة السقطرية وهي بالترتيب:(محزيزي(لحم الرقبة) دأيدي(لحم اليدين) ربيعيتي(لحم الجنوب) منحيصني(لحم أسفل الظهر) شيعي(لحم الضروع) معجبوبتي(لحم العجز) طلفاتي(لحم الرجلين) وتحسب مثناة من اثنتين ما عدا معجبوتي فيحسبونها قطعة واحدة وهذا التقسيم يساعدهم على توزيع اللحم على الموائد بشكل سلس ومنظم.
أما عن كتل الدهون البيضاء المتواجدة في بطن المواشي فإنها تجفف ومن ثم تتم تعبئتها بطريقة فنية في المتانة والاثنى عشر والبنكرياس والمعدة إذا دعت الضرورة لذلك وفي حال وجود قدر كبير من هذه الدهون.
ويطلق السقطريون مسميات خاصة على الذبيحة نسبة إلى درجة تواجد هذه الدهون فيها وهم يعرفون ذلك من خلال نظرهم إلى الماشية قبل ذبحها فيقال (ذي عاجل) وهي التي تملىء متانتها من الدهون ويقال (ميلأه) إذا عبت أكثر من وعاء ويقال (ملؤه دي سا مضابت) وهي التي بلغت أقصى حدا من الدهون وامتلأت جميع أدواتها دهون
بقية المواشي (الجمال والأبقار) لا يختلف ذبحها عما هو عليه في بقية الدول العربية والإسلامية.