آخر الأخبار
علم الكواكب والنجوم لدى السقطريين
من العلوم التي اهتم بها السقطريون ومارسوها وتوارثوها جيلا بعد جيل علم الفلك:(القمر، والشمس، والكواكب، والنجوم) فقد أجادوا معرفتها وربطها بالبيئة من حولهم، فهم يدركون تغير الأحوال المناخية قبل وقوعها بحساباتهم الدقيقة، ولهم علامات معينة على كل نجم من ناحية ظروفه المناخية التي تحصل عند دخول النجم أو خروجه أو في وسط أيامه.
كما لهم علامات تتعلق بالشمس والقمر فقد يدركون مدى حدة الشمس في اليوم التالي بحسب كثافة الندى النازل ليلا، فإذا كان كثيفا كانت حرارة الشمس في الغد مرتفعة، وإذا كان نزول الندى خفيفا أو منعدما كان الجو لطيفا وحرارة الشمس أقل كثافة وقد يتوقعون نزول أمطار خفيفة.
وهكذا يحسبون للقمر حساباته ويسري الساري على ذلك أو يتوقف نتيجة للظلام وكل ذلك يعرفونه بحساب دقيق، وغالبا ما تربط المعرفة بأحوال القمر بالبحر وتغيراته، والصيادون هم أخبر الناس بذلك، ولهم مسميات خاصة بذلك لمنازل القمر.. فعندما يكتمل البدر يمنعون المعمل السمكي من النزول إلى البحر ويسمون ذلك (كتوة) بمعنى استراحة من العمل؛ لأن البحر في هذا الوقت يحصل فيه جزر.
وعندما يتوقف الاصطياد الرسمي في وقت(الكتوه) يبرز نوع آخر من الاصطياد يمارسه الصيادون الساحليون الذين لا يستطيعون الدخول إلى البحر فيجمعون قواقع البحر التي ينحصر عنها البحر عند الجزر وتبقي طافية على الساحلية ويسمون هذه العملية (شاحيقوه).
وقد كان كثير من الناس خاصة في حديبوه وقلنسية سابقا يمارسونها فترى الرجال يتفحصون السواحل على امتدادها وكلما وجدوا شيئا أودعوه مكتلهم الذي يحملونه حتى تجتمع لهم أشياء كثيرة من الخيار والسرطانات البحرية وكافة القوقعات أما حاليا فإن الاهتمام بهذا النوع من الاصطياد ضعيف جدا.
أما بالنسبة للمسميات فقد سمى السقطريون الشمس باسم قريب من مسماها العربي وهو (شااام أو شآم) وأنا أرشح أن تكتب بتكرار الألف(شاااام) فهذه المدة تقال فعلا على ألسنة السقطريون وتسمعه في نغمات صوتهم وهذه التسمية فيها دلالة على السطوع والإشعاع الحاد وقد يكون في المد دلالة على الارتفاع والعلو.
أما القمر فيسمى (أأره)، وبالنظر في تعريف القمر بأنه اسم مؤنث مشتق من النور، فإن التسمية السقطرية (أأره) تحمل هذا المعنى والدلالة، فهم يقولون بالماضي لمن يضيئ:(آرر) يعني: أضاء، وبالمضارع يقولون:(يأريرن) يعني: يضيء، وبالأمر يقال(أريرن) يعني: أضِئ.
أما اسم الهلال فينطق بالتذكير مشتقا من الاسم العربي شهر فيقال:(شاهر).
وبالنسبة لمسميات النجوم ففي الجدول أدناه توضيح مسمياتها وما يقابلها بالعربي ومعناها باللغة السقطرية كالآتي:
1 شبالوه الغفر عملية لقاح الحيوان النوق والبقر
2 بر سوود الزبان ابن الرعد
3 سوود الإكليل الرعد
4 جائش القلب الرياح القادمة من الشرق
5 قدمنوه الشول تصغير المقدمة أو البداية
6 ترية النعايم الثريا
7 ماقد تريه البركان ما يلي الثريا
8 معوديف صينه سهيل شبكة الصيد الصغيرة العين
9 معوديف شعاره الهتمة شبكة الصيد الواسع عين الشبكة
10 فنزك باعريق كماشة العض عند السرطان
12 حافاني البلدة مقدمة الرأس
13 خنشيؤه لبينه الدراع سرطان الماء الأبيض
14 خنشيؤه عافروه النتره سرطان الماء الأحمر
15 مضبه الخبا مأخوذة من القلي والضبي
16 ري دلهى الجبهه رأس البقرة
17 مقاريف دلهى الصرفه مقدمة ظهر البقرة
18 شيهو دلهى السمك ظهر البقرة
19 صفقهن العواء حركة الذيل
20 قداهم بطين صورة السحاب عندما تتراكم
21 مداركوه الخره الأولى تصغير اللحوق والإدراك
22 مدرك عاله الخره الثانية اللحوق والإدراك العليا
23 لحمهن الفرغ تصغير اللخم
24 شبالوه دلو عملية لقاح الحيوان النوق والبقر
25 بر سوود الحوت ابن الرعد
26 سوود النطح الرعد
27 شيهو الطرف ظهر البقرة
28 كربالوه الفرغ مؤخرة الذيل
وقبل أن نخوض في هذه الأسماء ينبغي الإشارة إلى أن هذه المسميات أصبحت من العلوم المنسية؛ فقد كان غالبية الناس سابقا يحفظون مسمياتها وأوقاتها وعلاماتها أما حاليا فمن المتعذر الحصول عليها مرتبة وسليمة من التحريف بل إن كثيرا من التقاويم فيها أخطاء جسيمة في هذه المسميات.
ولقد عانيت كثيرا في الحصول على مسميات النجوم بالسقطرية وجلست مع المشتهرين بهذا المجال وقد حصلت منهم على أسماء النجوم بالسقطرية أما ما يقابلها بالعربي ففيه خلط ونقص، وقد حصلت على عشرين اسما للنجوم بالسقطرية فقط بمعنى إن هناك ثمانية نجوم عربية ليس لها مقابل بالسقطرية لذلك عمدوا في التقاويم إلى خطة تكرار النجوم مرة ثانية من غير ترتيب وهذا الأمر ينبغي إعادة النظر فيه وبحثه.
وفي تقسيم الأيام وتوزيعها على النجوم فقد قسم السقطريون لكل نجم من هذه النجوم ثلاثة عشر يوما ما عدا نجما واحدا هو(معوديف) ففيه أربعة عشر يوما.
ومن النجوم التي تحصل فيها الأمطار غالبا:(شبالوه، بر سوود، سوود، معوديف، مدركوه، مدركوه عاله، خنشيوه لبينه)، أما بقية النجوم، فتحصل فيها تغييرات مناخية وقد تنزل فيها أمطار لكنها خفيفة وأغلب أيامها حارة.
ويعد نجم البقرة أطول النجوم السقطرية ففيها أربعة نجوم سموا بتفاصيل جسمها ومجموع أيامها (54) يوما، وتعد هذه الفترة أشد الفترات حرارة وأطولها جذابا يعقبها مواسم الأمطار.
ووفق حسابات المنجمين وعلاماتهم فإن لدخول النجم وخروجه علامات مناخية تتغير معها حالة الطقس من ناحية الرياح أو الغبار الترابي أو الغبار السحابي أو تتغير حالة البحر وغالبا ما تحصل الأمطار في لحظات دخول النجم وخروج آخر إذا كان من النجوم الذي تحصل فيه الأمطار وقد تنزل في أي وقت غير ذلك بإرادة المولى -عز وجل-.
وبإنعام النظر في الجدول في مسميات النجوم ومعانيها يتضح إنها انطلقت من البيئة المحيطة بسقطرى بتنوعها وهذه التسميات ليست اعتباطية بل إنها انطلقت من التأثيرات التي يحدثها النجم ولنأخذ مثلا على ذلك ببعض المسميات للتوضيح: شبالوه: وهي عملية لقاح الحيوان وخاصة النوق والبقر، وفي هذا النجم يكون الجو محملا بالسحب البيضاء الكثيفة تتقارب من بعضها وكأنها تتلاقح لكنها لا تنتج شيئا حتى يدخل النجم التالي برسوود حينها تمطر وقد تتأخر إلى دخول النجم التالي سوود.
مضبة: مأخوذة من القلي والضبي، وفيها بعض الحرارة القاسية بحيث يكون لون التمر في هذا الوقت أسود كأنه قلي بالنار.
شيهو دلهى: أي ظهر البقرة، يكون الجو حين دخول هذا النجم صافيا أملس كظهر البقر ليس فيه سحاب.
وهناك قصص وحكايات منها الواقعي والخيالي سنتناولها في المقال القادم إن كان في العمر بقية.
المقال خاص بالمهرية نت