آخر الأخبار

الحث على الجد والإتقان في العمل بالثقافة السقطرية

الإثنين, 10 أبريل, 2023

حبب إلى السقطريين منذ القدم الجد والإسراع في العمل وإتقانه؛ ولذا دائما ما يصفون الشخص بحسب جده في العمل فيوصف بالرجولة والشهامة وتطلق لفظة الرجولة على الذكر والأنثى على من يستحقها من الجنسين فيقال:(عج دعلهو) أي رجل ذي كفاءة ويقال:(عاجه دي علهو) أي امرأة ذات كفاءة.



وعلى النقيض من ذلك يقال لمن لا يتقن عمله من الطرفين الرجال والنساء:(راهي وراهية) وشعسس مش نافع أي عمله غير متقن.

  وقد اخترعت الكثير من المقالات والأهازيج التي تزيد من فاعلية العمل وتذم الكسل ومنها قولهم بصوت جماعي في أي عمل يقومون به:(هاش هاش أباقق حلكن حي وهوه صاطعك) والمعنى أنهم يهشون ذبابة البق التي تحط على وجوههم أو تدخل في العين والأنف عندما يكون الشخص جالس من غير عمل وهم بهذه العبارة يشجعون العامل ويذمون القاعد وهذه الذباب لا تؤدي من يعمل وإذا أراد أحدهم وصف كفاءة شخص باختصار قال: (حال عش باقق) أي تدور عليه البق أو بمعنى آخر لا عمل له.



ومن هذه الأهازيج:( هو شيله هو شيله) وهذه يستخدمها الصيادون خاصة لبعث الحماسة والعزيمة عند سحب القوارب من البحر إلى البحر أو العكس.


وهناك عبارات كثيرة وقد لا تكون عبارات مفهومة بل قد تكون أحيانا أصوات على مفهومة كالصفير والوشوشة فتسمع مجموعة من الرجال يرددون :(س س س) أو (ش ش ش) وغير ذلك.
ولا يتوقف الأمر عند الأهازيج وعبارات التشجيع أو الأصوات كما مر بنا بل هناك مجموعة من الحركات تدعم العمل وتدل عليه ولها مسميات تعبيرية تحض على العمل والإسراع فيه من ذلك:( قابضوه) وبالمفرد (قابض) بالضاد الجانبية التي تشبه الشين، وهذه الحركة تدل على العمل أو الإسراع في المشي أو الجري ونحو ذلك وهي أن يقوم الرجل خاصة برفع إزاره إلى ما فوق الركبة وقد يثنيه إلى الأعلى أو يردفه مرتين ويدخل طرفه السفلي بالسير أو الحزام الذي يربط به على حقوه.



ومن ذلك:(معزك) وبالصفة نقول:( عوتزك أو عتزكه) وهذا التصرف غالبا ما يقع من النساء وقد يفعل ذلك العجائز من الرجال وطريقته أن تقوم المرأة بالشد على حقوها بحبل أو إزار أو مقرمة  وغير ذلك حثى تتمكن من العمل ويشتد جسمها وكأن ذلك يمنحها مزيدا من الطاقة والقوة وإذا فعلت ذلك فإنها بلا شك تنفذ ما أرادت فعله ولو لم تستطعه من قبل.

وقد حبب إلى الناس من القدم الرجل الجاد في عمله والمرأة فإذا أراد الرجل الزواج بحث عن هذه الطاقة العملية في المرأة وذلك شرطه الأساسي ولا يهتم لأي شرط آخر من الجمال والقوام ونحوه وذلك حتى تعينه على مصارعة ظروف الحياة القاسية فقد يتركها وحيدة تصارع هذه الظروف في مكان لا سكنى فيه ولا زرع ولا ماء ربما.
وهكذا الطرف الآخر سرعان ما توافق المرأة على الرجل العملي ولا تنظر إلى أي ميزة أخرى غير الجد في العمل والرجولة.

ومن القصص التي تحكى في هذا المجال أن رجلين ذهبا لخطبة امرأة أحدهما متطيب حسن الثياب والمنظر والآخر لم يتكلف من التزين إلا بما هي عادته في حياته اليومية، وفي الطريق وجدا قوما عندهم صيدا فطلب الرجل المتواضع أن يمنحوه بعض الصيد فأخذ حاجته وحمله على ظهره كما أخذ معه ما استطاع على حمله من الحطب، وأما الرجل الآخر الفخور لم يقترب من الصيد حتى لا يفسد رائحة عطره ولم يحمل أي شيء وترافق الرجلان حتى وصلا دار المرأة فرحب بهما الناس وجعل الرجل المتواضع والمحب للعمل يساعد أهل البيت في طبخ الصيد وإعداد العشاء وغير ذلك، وبعدما تمت الوجبة تكلم الرجلان عن الغرض من زيارتهما فوافق الأهل على الرجل الذي جلب الصيد والحطب ووافقت البنت على الزواج منه، وقالت له دعني أغسل ثيابك من رائحة الصيد وخسر الرجل الآخر المرأة وعاد متحسرا.   


المقال خاص بالمهرية نت