آخر الأخبار
القضية الجنوبية وشياطين اليمن!
نحن شعبا ثائر , نثور بحماس منقطع النظير , نثور وعيوننا على الماضي , لا نرى المستقبل بشكل واضح , البعض يجد في واقع الثورة تفريغ الثارات والأحقاد , ولهذا تطل علينا ثارات الماضي في مشهد الثورة , تمنع عنا الرؤية بوضوح للمستقبل , وتسمح للثورة المضادة أن تتوغل في المشهد , وتعيد ترتيب أوراق التحالفات , على أسس مع ـ وضد , وإعادة تموضع أدواتها في جسد الثورة , بتحالفات تجر الثورة بعيدا التغيير الحقيقي , لتحولها لوحل من الصراعات الدموية , وتغرق ثوارها في مصائب الثأر والانتقام .
كانت القضية الجنوبية هي محور الثورة , واستلهم الثوار منها ضرورة التغيير الحقيقي للواقع , والسلطة المعيقة للديمقراطية والتعدد السياسي والثقافي , أي أن القضية الجنوبية , لم تكن أبدا ضد الوحدة اليمنية , بل كانت حالة دفاع قوي عن هذه الوحدة , من نظام عطل دور الوحدة اليمنية في تعزيز الديمقراطية والتعدد السياسي , لكي تفضي لتبادل سلمي للسلطة , وعدالة توزيع الثروة ,و صنع معوقات تحد من أحدث ذلك , يسمح بترسيخ حكم رشيد ودولة محترمة وعدالة وحرية , ونظام وقانون.
مشكلة الجنوب أنه مثخن بالجراح , منذ 67م تعرض لنكبات عنف شديدة فككت أواصر البنية الوطنية في الجنوب , وأدمت المجتمع , وعززت دور الهويات الصغيرة , ولهذا كان الجنوب في الوحدة هو النقطة الأضعف , والأسهل لتقبل مؤامرة الثأر والانتقام , فما كان من الثورة المضادة في الداخل والخارج الا تنفيذ مؤامرتها على ثورة الربيع اليمني من خلال القضية الجنوبية.
القضية الجنوبية العادلة , تتحول في زمن قياسي لقضية مناطقية , يتصارع على حلبتها كل شياطين اليمن , منافقي أنصار النظام , و الأعداء الحقيقين للقضية الجنوبية , تحولوا قادة ورواد للقضية وحولوها لكراهية للوحدة والهوية اليمنية والديمقراطية والثورة , وزجوا بثوارها الحقيقين في زنازين الاتهام.
وأصبح الثائر الجنوبي , المتمسك بالوحدة والهوية اليمنية , والجمهورية , والطامح لمستقبل واعد فيه تترسخ وحدة الوطن والأمة , في حيرة بتعامله مع من يسيطرون على الجنوب , يدعونه للقبول في مشروعهم المناطقي و وكراهيتهم لكل ما هو يمني , بما لا تقبله قيمه ومبادئه وأخلاقياته التي تربى عليها , وتشكلت أفكاره منها.
ولهذا يعيش اليوم الجنوب مخاضا فكريا وثقافيا تنقسم فيه النخب السياسية والفكرية والثقافية , بين مشروعين , مشروع جنوب يمني الهواء والهوية , مستلهم من إرث وتاريخ الجنوب اليمني الأصيل , وبين مشروع استعماري يريد للجنوب الانسلاخ من هويته وتاريخه وإرثه الحقيقي , ليحيي مشروع الجنوب العربي , مشروع مخطط بريطاني صهيوني , يراد منه جعل الجنوب بؤرة مؤامرة ضد المشروع العربي الكبير , ونقطة من نقاط القوة للتطبيع مع الصهاينة , و هذا من يستلهمه كل عقل فطن يقرأ في الخطاب العام و ينظر للمستقبل بوضح الرؤية والمؤشرات.
الثورة والحرب عليها , كشف لنا المستور , وظهرت كثيرا من الحقائق , ونقاط الضعف , ووجدنا رفاقا ونخب سياسية كان الرهان عليها في مشروع الأمة , غرقت اليوم في وحل ما خطط له الأعداء , صارت تغرد معهم وتردد نغماتهم البذيئة , نغمات الكراهية والعنصرية لكل ما هو يمني , وهي اليوم مثخنة بثارات الجنوب والشمال معا , وأصبحت بوق يروج لمشروع العنف وفرض امر واقع , تحكمه سلالة ونفوذ قبلي وعسكري أقبح من ذي قبل , ويمارسون قهر الآخر الجنوبي قبل الشمالي , ويستهدفون كل ما يتعلق بالديمقراطية والتعدد السياسي والثقافي , وعدن خير مثال لذلك
ولله في خلقه شئون.
*المقال خاص بالمهرية نت *