آخر الأخبار
معارك العنف في عدن
يترقب سكان عدن اليوم مآلات الحشود العسكرية لأطراف الصراع , وعاشت عدن وسكانها تجارب مريرة للعنف السياسي الذي تقترفه قوى الصراع , يمكن القول إنها مازالت تعيش الإرهاب السياسي , المنتج من سلطة الأمر الواقع , المفروضة بالعنف العنف والقمع والقهر السياسي.
في كل مرحلة صراع كانت عدن ساحته , تنتصر فيه القوى الأكثر عنفا وتخلفا تعطشا للدماء , على حساب الدولة وقواها الحية , ينتصر التعصب والغلو الايدلوجي والمناطقي بكل جهله وتخلفه , على حساب التعدد والتنوع والأفكار والثقافات والعقول النيرة , وتجارب عدن أكثر مرارة في ذلك.
لم يقدم العنف لعدن وأبنائها غير الويلات , دمر كل شيء جميل ورائع في عدن , دمرت مقوماتها وخصوصيتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية , وأوصلها لحافة الانهيار الشامل , خدميًا ومعيشيًا , ثقافياً وفكرياً , حيث تفقد عدن وشائج المحبة والترابط الاجتماعي والتنوع الثقافي والعرقي , وتعايش الأطياف والأعراق والأديان والعقائد , ويفقدها روح السلام والحب والوئام.
هل تدرك قوى الصراع اليوم , ومن يعتقد أن عدن ستكون جبهة دفاعه الأولى , خطورة العنف اليوم على مدينة فقدت كل مقوماتها , لا خدمات ولا معيشة , ولا أمن ولا أمان , وتعيش حالة من فقدان معدل الاحتياطي الغذائي , وإيراداتها تذهب لقوى نفوذ الصراع , والناس فيها تعيش حالة من الجوع والمجاعة , وأي حالة عنف اليوم ستكون بداية للانهيار الشامل , ومن الصعب احتوائه وتقدير مآلاته.
لا حل اليوم لعدن والجنوب والشمال والوطن والمنطقة برمتها , غير ترسيخ فكرة الدولة , والعودة لجادة الصواب , واللجوء للنظام والقانون والدستور , والتوافق على دولة اتحادية عادلة ومحترمة , تحترم حقوق الجميع دون استثناء , دولة بكل عيوبها , دولة قابلة للإصلاح , خير من لا دولة , نفتقد بفقدانها وسائل الإصلاح والتقويم , ولا دولة دون توافق , ولا توافق دون سلام عادل , يتيح للجميع فرصة عادلة للشراكة في السلطة والمسؤولية.
ومن هذا المنطلق يفترض أن تتحمل كل المكونات السياسية والاجتماعية والثقافية , ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والنُّخب ,و شخصيات وأفراد , مسئوليتها لحماية عدن من العنف , والعمل معاً نحو تعزيز روح السلام في مدينتنا عدن , والحفاظ عليه كضرورة مُلحّة في مرحلة فيها نكون أو لا نكون .
فلا حل إلا بتعزيز روح السلام في أوساط المجتمع , وبين القوى السياسية المتباينة , ونشر روح التوافق والتعايش والشراكة في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من سبل الحياة , والخدمات ومعيشة الناس.
ولهذا ندعو لتشكيل سياج متين من محبي هذه المدينة وعشاقها , يحميها من مآلات العنف , وما لا يُحمد عقباه من انحدارات , ومخاطر المزيد من الضرر العام , برفع الصوت معاً للدعوة للسلام والتوافق , للوصول لجادة الصواب في كلمة سواء , وشراكة حقيقية تعزز روح السلام ليعم عدن والوطن .
نستطيع أبناء عدن ومعهم شرفاء الوطن , أن نخرج للشوارع والساحات , نطالب كل القوات المسلحة ترك عدن لسلطة متوافق عليها , الذي هي سلطة الدولة المتمثلة بمجلس الرئاسة والحكومة الشرعية , ثم نطالبها ونحاسبها بما لها وعليها .
معا نستطيع نزع فتيل العنف , وكبح جماح التهور الطائش , الذي قد يدفع لمزيد من تفجير الوضع , لم تعد البلد تحتمله , و يفضي لمزيد من الأزمات الحادة والمؤلمة على كل الأطراف , وعلى رأسهم المواطن والوطن.
المقال خاص بالمهرية نت