آخر الأخبار
مساوئ المكرمة الإماراتية لأهالي سقطرى
قد يظن القارئ أن المساوئ والمكرمة ضدان لا يجتمعان ولكن هذا ما يجده حقيقة واقعية حين تتكشف المؤامرات والدسائس التي تبثها المكرمة، وقد يقول البعض امتنانا احمدوا الله غيركم ما حصل، وينبغي أن نعترف أن هذا الامتنان ديدننا جميعا في بداية الأمر فقد كنا نبحث عن الحسنات ونحاول دفن السيئات الكبيرة التي تأبى في كل مرة إلا أن تتكشف وكثير ما رددنا الأثر القائل من لا يشكر الناس لا يشكر الله وكم كمننا وسكتنا من أفواه تنبهت لأمر المكرمة في وقت مبكرا متخذين شعار إن الحسنات يذهبن السيئات، ولكن أين هي الحسنات فقد طغت السيئات وطفحت وطفت وطغت فأغرقت وأنتنت أو كما قال أحدهم ساخرا طلعت ريحتهم.
أصدق وصفا قرأته عن المكرمة الإماراتية لسقطرى من وصفها بأنها مسجد ضرار وآخر وصفها بأنها باب ظاهره فيه الرحمة وباطنه النفاق والسرقة والفساد والتفريق وقل ما شئت من عبارات الدناءة والخسة والوضاعة جميعها أليق وألصق بهذه المكرمة وسيتبين هذا من خلال ما نعرضه لاحقا من مساوئ المكرمة.
في بداية ظهور المكرمة جلبت الشقائق والخلاف بين رجالات القبائل فالغوا بواسطتها دور الشيوخ وأبدلوهم بآخرين وصارت بمثابة فخر للمتمردين على قبائلهم والصعاليك وبادر كثير من رجالات القبائل بنحت أختام خاصة بهم واستهلكوا أسماء القبائل والكنى والألقاب حتى لم يعد يجد البعض إلا أن يكني عن مشيخته بشيخ الصخور وآخر شيخ الهضاب وثالث شيخ الأودية والحبل على الجرار أسماء كثيرة نحتت على الأختام الخشبية لا وجود لها على الواقع إلا في كشوفات المكرمة الإماراتية التي أولعت بالمزورين وأهملت المشايخ الأصليين.
في منطقتي شاب سبق خاله الشيخ الحقيقي إلى المندوبين الإماراتيين واخترع له مسمى وقبيلة فتسلم المكرمة الإماراتية وصار التعامل معه من قبل المندوبين الإماراتيين رسميا وهم يعلمون حقيقة الشاب وأمثاله ولديهم معلومات بالمشايخ الأصليين الذين استبدلوهم بآخرين واستقدموا مسمى آخر لهم فأطلقوا عليهم المقادمة مع أنهم يمتلكون المعلومات الكافية عن كل فرد في سقطرى فليس الأمر عبثياً ولكن وراء الأكمة ما ورائها.
في كل مرة تأتي المكرمة تستقدم معها لعبة جديدة من الإذلال والمهانة وتستحدث أساليب جديدة تسعى من خلالها لتشتيت الكيان القبلي وتمزيق روح التوحد في المجتمعات بعطاء زهيد ومتقطع يأتي بعد غياب ثلاثة أشهر أو أربعة وربما أكثر.
وها هي المكرمة تطل علينا في هذه الأيام الفضيلة العشر من ذي الحجة بعد انتظار طويل وتطلع من الناس وترج في سد احتياجاتهم وأولاهم من نقاضي العيد ومتطلباته قال لي أحدهم: أتوقع أن مبلغ المكرمة هذه المرة واف قلت إلى حد كمْ تتوقع قال ضعف السابقة إن لم تكن مثلها مرتين قلت ما السبب؟ قال: لأنها نتاج حدثين مهمين في دولة الإمارات العربية المتحدة هما موت الحاكم السابق لدولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد -رحمه الله- وتولي محمد بن زايد حكم دولة الإمارات لذلك ليس أقل من إن يعطونا ألفي درهم أقل تقديرا.
وحين أعلن عن صرف المكرمة تفاجأ الجميع عندما تأكدوا أن مبلغ المكرمة 200 مائة درهم فقط وهو ما دفع إحدى العوام مشيراً إلى خلفان المزروعي المندوب الإماراتي بلغة السخط (الله أمسخك) وهي جملة دعائية تقال لمن يقترف ذلا أو مهانة أو يفعل فعلا قدر وتتبع هذه الجملة غالبا بالتفل والبصاق تشبه إلى حد ما ما يقوله البعض استهجانا (تفي عليك).
لم يصدق حتى أخلص الناس للانتقالي أن القائمين على المكرمة يقدمون على حقارة مثلا هذه فظهر فيهم من حاول أن يتشجع ويصنع من نفسه مخلصا فهاجم لجنة الصرف وتهجم على الناس الذين يستلمون المكرمة الزهيدة وأحدهم تهجم على أدوات معمل الصرف فكاد أن يكسر أدواته وكمبيوتراته لولا تدخل المواطن ولكن هذا الانفعال استعراضي انتهى باتصالات عليا كما يقال فحملوا رؤوسهم أذلة خائبين ساكتين كخرسان الشيطان.
في ثورة هذا الاندفاع ذهب أحد هؤلاء الانتقاليين إلى المندوب المصري فضربه حتى أوجعه وأسال الدم من وجهه لكنه تنازل في الأخير بحل مشكلته الشخصية وأخذ المائتين درهم فانتهت بطولته وخرج ولم يعد.
لم يسلم أحد من مساوئ المكرمة الإماراتية أحدا فمن الناس من أجبر في السابق على أخذ اللقاح وهو لا يريد ومنهم من جاء حاليا من مكان بعيد بمبالغ تفوق قيمة المائتي درهما والمساوئ يعجز المقال ويضيق المقام بذكرها ولكن الغريب أنه حتى دور العبادة تأثرت بسموم المكرمة الإماراتية فقد سجلوا العديد من الأسماء الوهمية لتحل محل الأئمة والخطباء والمؤذنين الرسميين وكثر لغط الناس في ذلك وطالت منازعاتهم فصار أن ترك البعض وظيفته في المسجد التي كان يعمل بها من قبل فترات طويلة دون تقاضي أجر من أحد وآخرين استبدلوا جبرا كونهم مشكوكا في ولائهم الإماراتي الانتقالي فحل محلهم من لا يجيد الخطابة ولا الإمامة وغيرها.
اشترط القائمون على المكرمة إن صح أن نسميها مكرمة في القيم على المسجد من الأئمة والمؤذنين ضرورة أن يكون القيم غير موظف حتى يتسنى له استلام المكرمة وكأن المكرمة (200درهم) تقوم مقام الوظيفة ولا يدرك هؤلاء أن أجور الوظائف لا تقاوم الغلاء المستعر وهو السبب في احتراف الكثير من الناس أعمالا أخرى.
ومن منهجية المكرمة إهانة الناس وإذلالهم وكسر عفتهم وعزة نفوسهم فاستحدثوا الطوابير والجلوس فترات طويلة على أبواب المندوبين ومكاتب الصرف وحمل الهويات البديلة عن الهوية اليمنية الرسمية والتلطف مع المندوبين وترجيهم علما أنه من أخلاق الإنسان السقطري التي تربى عليها ودربته الطبيعة عليها ورسخه الأهل والمجتمع فيه عزة النفس أو الناموس كما يعبرون عنه بلغتهم. فلا يسمحون بأدنى إهانة لشخصه أو لغيره أو لاسم سقطرى عامة فكان الشاب السقطري إذا وجد شخص في المحافظات الأخرى يستجدي الناس باسم سقطرى لم عليه أصحابه وجمعوا له ما تيسر من مال وضربوا من عاد إلى ذلك بعد تحذيره وإلى اليوم لا يوجد من أبناء سقطرى من يشحن الناس على أبواب المساجد لا في سقطرى ولا في غيرها مهما بلغت بهم الحاجة.
المكرمة الإماراتية كسرت كثيرا من سلوكيات العفة والناموس فتجد الكثير منهم يتدافعون اليوم على المندوب لقاء أجر زهيد جدا أصدق تعبيرا أو أليقه لحال هؤلاء اليوم ما قاله الأعرابي حين سئل ما الجرح الذي لا يندمل؟ قال حاجة الكريم إلى لئيم ثم يرده، قيل له فما الذل قال وقوف الشريف بباب الدنيء ثم لا يؤذن له.
وشيء من هذه النخوة ظهر اليوم مع المشايخ حين رفضوا استلام هذه المكرمة الزهيدة وتهجموا على مندوب الإمارات أحمد المصري ولجنة الصرف والمندوبين المحليين وتظاهروا عليهم ورددوا شعارات ثورة الشباب ارحل ارحل تناد برحيل المصري والمندوبين وزعيم الانتقاليين رأفت الثقيل كما أجبر المشايخ بثورتهم المندوب الإماراتي أحمد المصري على الاعتراف أن المبلغ المرصود للمكرمة لكل الناس (500 درهم) ولكن زعيم الانتقالي الثقيل ولجنة مؤسسة خليفة هي من أمرته بخصم بثلاثمائة درهم على الجميع.
أملنا أن تستمر الثورة حتى يرحل هؤلاء الفاسدون وأن تسترد حقوق كل مواطن.