آخر الأخبار
فلسفة الحرب في اليمن
يتساءل العقل اليمني الرافض للعنف , وفرض سلطة أمر واقع على الآخرين بالقوة , عن نوعية الحرب في اليمن , سؤال شغل الكثير من المتطلعين للتغيير والدولة الضامنة للمواطنة , وما تتعرض اليمن من ابتزاز , واستغلال لحرب تجرنا بعيدا عن تلك التطلعات , وتعيد تموضع أدوات النظام الأسري الذي رفضه الشعب بثورة , بدأت من الجنوب , وتثوير الشمال , وحققت إسقاط جزء من النظام الأسري , ورسمت برنامج إصلاح النظام بما يحقق تطلعات الجماهير , في مخرجات حوار , كمشروع عمل انتقالي يفضي لدولة ضامنة للمواطنة والحريات والعدالة الانتقالية لتحقيق عدالة اجتماعية , تتجاوز فيها البلد كل تراكمات الماضي منذ الاستقلال , والبدء بصفحة بيضاء , معالمها التعددية السياسية , والديمقراطية , والتعايش والعيش الكريم , واللحاق بالعالم المتطور والدول المحترمة .
البحث في فلسفة الحرب القائمة , والحد الاقصى للخسائر والاستراتيجيات , ترى حربا لا علاقة لها بكل ما يعلن , من مساندة لسلطة شرعية المتوافق عليها أن تدير مرحلة انتقالية , وتشرف على تنفيذ المخرجات , ضد انقلاب النظام الأسري المتحالف مع الطائفة الداعمة له قبليا وسلاليا وطائفيا .
تبرز أسئلة كثيرة أثناء البحث في استراتيجيات الحرب القائمة , مثل معنى الحرب ومسبباتها وأخلاقياتها , وما تفضي من نتائج , حرب تسمح لانقلاب داعم للانقلاب القائم , وتكثر فيها الضربات الخاطئة , ويستهدف الجيش الوطني , ويتم تصفية أو تنحيت أي صوت وطني يبرز , وتنشئ تشكيلات عسكرية مقابلة , بأسس غير وطنية , مناطقية ومذهبية , لا تخضع لسلطة الدولة ولا سلطة وطنية واحدة , بل جماعات تحتكم لسلطة الاهواء والامزجة , يقودها أفراد مختارون بعناية , تابعين للخارج , و يستلمون تعليماتهم ومصروفاتهم واتعابهم من الخارج وعملة الخارج , وتطلق عليهم كنايات , تذكرنا بالحرب ضد الإرهاب ومسمياته .
وما يزعج في هذه الحرب , أنها باستمرار تعيد التموضع بشكل مقلق , تموضع لا يسمح بحسم أي معركة كانت , كلما تقدم الجيش الوطني , وحقق انتصارات مرهقة للانقلاب والانقلاب المصطنع , تتدخل قوى تدير الحرب من خلال التحالف , وتوجيه الدفة , لاستنزاف وطن , وإرهاق المواطن وتعذيبه, ليستسلم لأمر واقع يراد تنفيذه على الأرض , بمسميات مختلفة , ومغالطات واضحة , يراد منها ضرب أعمدة الثورة , وتطلعات الثوار في تغيير النظام الأسري , وتحول منشود يلبي تطلعات الناس , وشغفهم في دولة محترمة تحترم حق المواطن بالحياة الكريمة.
من عجائب هذه الحرب , أنها تشتعل في مناطق , وتركد في مناطق أخرى تشكل ضغطا على الخصم , لتعطيه فرصة ليلملم شتاته , يعيد تموضع ادواته , ويتجاوز جراحاته , وكلما اشتعلت جبهة , وتحققت انتصارات , وتفاءل الناس خيرا في حسم ينهي عذاباتهم , تتوقف بأمر المخرج ,والمخرج هنا الأطراف التي تدير هذا التحالف , والهدف واضح أن تبقى الحرب مشتعلة , ويبقى قوى الحرب وتجارها يعبثون بالبلد , تاركين لهم فرص كافية للعبث , مساهمين من حيث يعلموا او لا يعلمون , في تعذيب الناس , وقتلهم وإهانتهم وإذلالهم , في حرب تتغير فلسفتها من جهاد وعدل , الى بغي وفتنة .
وعلى كل القوى المتصارعة اليوم على الأرض , يجب أن تستوعب فلسفة الحرب الذي يديرها العالم المنافق , الذي يحمي مصالحه , ويستخدم التناقضات والخلافات والاختلاف , وتغذيته في إدارة حرب بغي وفتنة , نشهدها واقعا على رؤوس المواطنين اليمنيين في الشمال والجنوب وفي الشرق والغرب , يكاد تكون المعاناة واحدة , والمستفيد هم الأدوات التي بيد الخارج , ينفذون المهمة على اكمل وجه , ويتقاضون رواتبهم بالعملة الصعبة , يتوزعون ما بين السياسيين والاعلامين والاكاديميين والمثقفين , منحازين لأطراف الحرب في تشجيع غبي ومبتذل , واستخدم قذر مهين لهم قبل غيرهم .
ما أمسنا لتشكيل تكتل وطني داعم للدولة الوطنية , و الرافض لاستمرار الحرب , والتدخلات الخارجية , وإخضاع قوى الداخل للحق , ومخرجات الحوار والدولة الاتحادية ,هي أقرب مسار للحق والشراكة في وطن يستوعبنا جميعا , وتضبط العلاقات وتنضم الاختلافات , وترسي الاحترام , لترسيخ وطن محترم يضمن حقوق الجميع ويضبطهم.
المقال خاص بموقع المهرية نت