آخر الأخبار
مسميات الإنسان السقطري القديم
منذ القدم تفردت سقطرى عن غيرها من شعوب الأرض بتسميات مستقلة في الشخصيات والأماكن وأسماء الحيوانات والأسماك والطيور والنبات والبيئة بشكل عام وذلك بفعل التفرد اللغوي الذي تستقل به سقطرى عن غيرها من الشعوب اليمنية والعربية.
ولن تستطيع الحديث عن كل التنوع في كل هذه الأنواع لذلك نركز على أسماء الإنسان الذكر والأنثى ولا نتعمد الإحصاء والحصر لكون المهمة شاقة على ذلك والمجال لا يسمح بذلك الموضوع.
تنطلق الأسماء السقطرية القديمة من واقع البيئة التي يعيشها السقطري القديم وقد وجدنا عند الإنسان العربي كثيرا من الأسماء المستوحاة من البيئة إن لم تكن كلها منها، فمنهم من سمي بالبحر والصلب والصعب حتى قال أحدهم عندما تلى عليه آخر اسمه واسم أبيه وجده ما أظن إلا أن الأقفال صنعت من أسمائكم وذلك لما لاحظ عليها من الصعوبة. وهذا هو الحال في سقطرى حيث نلاحظ من أسماء الإنسان السقطري القديم والتي مازال البعض من تسمى بها حي إلى اليوم أنها استوحيت من البيئة وانتقيت بعناية لتدل على الرجولة والشهامة والقوة.
وحقيقة هذه الأسماء كثيرة ومتنوعة ولكن لتدليل والاستشهاد لا الحصر نذكر طرفًا منها، فمن أسماء الذكور نجد: (فذنهن، داعن، دوعهن، قشور، معبهور، صفيويه، طوقق، صعالف، صفرهر، دي سمايح، كديهن، محدهر، دعوف، صيقارهن، عساروه، دي سوعد، طميك، طمكاك، طامك، عافر، عفررهين، ربيان، نونها، ألفان قيهان، صعنهن، صعينهون، صلف، طلالي، سليف، حديد، سلموه، صوصهين، برقهن، طوهى، صومع، دولي، قاعن، شحرر، دحمسن، دي عاقر، عقره، محالس، دي حلقه، لاسالس، بسابيس، صيلهم، طمرهر، دوهر، حزوم، أهلن، صاتت، محند، رقابه، كفاين، قويس، طويس، ظفحن، حمدهن، جدهر، حمدد، حمدهن، حمسس، سنعنوه، سنينوه، سدوه، مسدد، ماطر، معالها، صودئهين، فنطس، صاقب، عبلوه، عبلس، بعسس..).
ومن أسماء النساء( ثانية، حمدية، زره، تجارة، كركاله، قينوه، سبطط، بقول، جوفى فطم، طمه، سمه، سمويه، سنه، غفول، حلي، سعديه، فقيه، طماهن، طميريهو، عودد، حنظبة، شجار، دي طن، قفله، دي صفرر، عونه، ربعيهن، حلموه، اطنهون...).
وبالنظر في هذه الأسماء فإننا نلاحظ أن أغلبها انطلقت من مسميات البيئة المتنوعة التي في مجال عيش الإنسان السقطري واستخدامه وللتمثيل نختار بعضًا من الأسماء السابقة للنظر إلى معناها(فدنهن: تصغير فدهن وهو الجبل. داعن ودوعهن قشور معبهور: كلها من أسماء الصخور. ومما يتعلق بالبيئة النباتية من هذه الأسماء:(صفيويه طوقق صعالف صفرهر دي سمايح كديهن) وبقية الأسماء تلاحظ أنها على اسماء الطيور أو صفات الحيوانات والألوان وغير ذلك، وهذا الأمر ينطبق على الأسماء المذكرة والمؤنثة على السواء.
والباحث المتعمق في اللغة يجد أن كثيرا من هذه الأسماء مردها من العربية الفصحى أو أن لها جذور واشتقاقات عربية من المفردات العربية الفصيحة فمثلا عافر: هو اسم مذكر يعني في السقطرية اللون الأحمر وفي العربية يطلق على التراب فتقول عفرته بالتراب. ومثل ذلك تجد لو عمقت البحث في بقية الاسماء.
ونظرا لصعوبة التعامل بهذه الأسماء في معاملات الناس الرسمية وفي الشهادات والاختلاف في كتابتها بين شخص وآخر عمد بعض الناس إلى تحريفها وترجمتها وتحويرها إلى الأسماء العربية المستخدمة في حياة الناس بسلاسة فمثلا تحول(عساروه إلى عيسى وصعنهن إلى صالح وعبلوه إلى عبدالله) وهكذا بالنسبة للأسماء المؤنثة (فطم وطمه إلى فاطمة).
ويرى البعض أن ذلك علامة للتفرد فحافظوا على الاسم القديم واعتزوا به ودونوه في منصاتهم وحساباتهم وشهاداتهم، وقد ظهرت الآثار الايجابية لهذا التفرد في بداية الألفية حين أعلن عن الأسماء المزدوجة من الوظائف الحكومية وكذلك لمسوا اهميته في الدعوى الجنائية والوثائق الملكية وغير ذلك مما جعلهم يتشبثون بأسمائهم ذات الطابع الفريد.
كما لا يعني هذا عدم وجود الأسماء العربية المتداولة في المجتمعات العربية منذ القدم أبدا بل إن هناك الكثير منها مثل:(حمد سعد وسعيد وعلي وسالم زيد جمعان وخميس ورمضان ورجب ...)
وفي السنوات المتأخرة بدأت التسميات تتجه نحو الحداثة فاستعاروا من الدراما العربية والأجنبية الكثير من الأسماء الغربية والتركية للبنين والبنات وخاصة في العواصم وأصبح التسمي بالأسماء القديمة تحجر ورجعية وتخلف وهذا الأمر يدحر التاريخ ويجر التراث إلى دروب النسيان.