آخر الأخبار
الشيطنة والإرهاب
لسنا صالحين بما يكفي ولكننا نخاف الله.... ويكفي أن تخاف الله لكي لا تظلم أحدا , منافذ الظلم كثيرة , ومنها إرهاب الناس , وسلبهم الحق في العيش الكريم والمواطنة , وفرزهم وفق مكان الميلاد ,و لون البشرة , أو العرق.
الخوف من الله هو التمسك بالقيم الإنسانية والأخلاقيات , وقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح: (الناس سواسية كأسنان المشط الواحد. لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى) , يعني لا فرق بين طارق عفاش , وبائع متجول باحث عن رزق في مدينة عدن والجنوب, هي قيم ومبادئ ترفع من شأنك وترتقي بك , وعكسها تجعل منك صغير تافه , بتفاهة استعراض العضلات على الضعفاء , والخنوع والاستسلام أمام الأقوياء .
الخوف من الله , أن تقول كلمة حق وتبرء ذمتك , إن ما يحدث في عدن , هو إرهاب قوى العنف لخصومها , من القوى الناعمة التي لا تملك غير فكر ورؤية , سلاحها الكلمة والقلم , مهما كان انتماؤه , ورفضها للعنف , وتصديها لقواه العفنة , تشكل خطرا على البندقية المسيطرة , وعلى العقلية التي تحاول الغاء الاخر .
الطرح الذي يشير للمشكلة من نافذة لا إنسانية , هي فكرة تمخضت من رؤية لا أخلاقية , جعلت من النازحين , والهاربين من مناطق النزاعات , عبء يثقل كاهل المسيطر , لأنه لا يملك مشروعا إنسانيا وثقافيا , يسمو به لحب المساعدة , والكرم والشهامة لإيواء اللاجئين إليك .
قضية النازحين , إذا أخذت من منظور ديني عقائدي ( فهم إخوة الإسلام والسنة هربا من حرب يشنها طائفي ومذهبي , يستهدف عقيدتهم , والتي هي عقيدتك كمسلم وسني , ومن منطق وطني أن من حق الناس التنقل في مناطق هويتهم الشخصية و وطنهم المعترف به دوليا , والمنطق الإنساني حق اللجوء والكرم والشهامة والإخاء , وإغاثة المنكوب و مساعدة المتضرر ,وكلها حقوق مكفولة قانونا وشرعا وعرفا.
المشكلة تكمن في كيفية تأمين هذا النزوح , و وضع كل الاحتياطات الأمنية , والاستراتيجيات الآمنة , التي تحد من الخرق الأمني , بحيث لا ضرر ولا ضرار .
والخرق الأمني يتم من قبل الخارجين عن القانون مهما كانت صفاتهم ومناطقهم , يمكن أن تتم من خلال عسكري مدسوس , أو متعصب , أو متطرف, يرفع العلم و ينطق بما تنطق , ويلبس الزي , ويمر من النقطة والعسكري و تقدم له التحية , بخرق امني يستغل الثقة المناطقية والطائفية , وفقدان تنفيذ القانون على الجميع دون فرز , مهما كانت اشكالهم ولهجاتهم ومناطقهم .
إذا.. نحتاج لإصلاح النفوس أولا , ونرتقي لمصاف القيم الدينية والوطنية والإنسانية لنكن بشر وأناس , لا حيوانات و وحوش , وإعادة ترتيب الأفكار , وتسيد القيم والأخلاقيات , بوعي أمني أن الكل تحت سلطة القانون , وأن الأمن للجميع , والكل في النقطة العسكرية والإجراءات الأمنية متساوون , لا توجد حصانة مناطقية ولا وصفات طائفية واثنية , تسمح بالتفتيش المزاجي والمناطقي القذر للنوايا .
بالضرورة ان يستفز قيمنا وأخلاقياتنا منشورات ومقالات تتهم الناس على أسس مناطقية أو جهوية , دون دلائل وبراهين , بل نعتبرها فتنة يتوجب علينا التصدي لها , والتصدي للسقوط الإنساني والأخلاقي الذي تهدف له .
تستفزنا إجراءات أمنية تفرز الناس على أساس مناطقي , وتستفز انسانيتهم , بألفاظ نابية و صلف وعنجهية , والجريمة الكبرى أنها تأتي من قوات محسوبة على أمن وسلامة المجتمع والوطن , بل محسوبة على من يردد على مسامعنا شعار الحرية والعدل والمساواة , بمزايدة سياسية و والواقع يصيب الناس بالغثاء والتقيؤ .
فتنة يمكن أن تصيب المتعصبين الجهلة والمتخلفين , يتخذوا منها فتوى يمارسونها على الأرض على المساكين والأبرياء بعنجهية وظلم وقهر يتحملها شيطان من صاغ المنشور ونسخه وروج له , وكل شيطان اخرس بلع المنشور وتمضمض بماء الحقارة والنذالة في تبرير كل عمل حبان .
لا نحتاج أن نصلي في الصفوف الأولى , ومعاملاتنا خرق لقيم وأخلاقيات اسلامنا الحنيف , فالدين معاملة , وثقافة التمايز بين الناس دون وجه حق قانوني او أخلاقي مرفوضه دينا ودنيا , أي في الشرائع السماوية والوضعية .
و السكوت عن معاناة الناس اليوم , الغلاء والبلاء والموت والاغتيالات والإرهاب , والظلم والقهر , والاعتقالات والمداهمات , خارج سلطة القانون جريمة بل منكر لابد من التصدي له ولو بالكلمة , لكن السكوت لمراعات إحساس القيادة والسلطة التي تحب وتواليها , هي جريمة مضاعفة واشد منكر , الساكت عن الحق شيطان أخرس، كالشيطان الناطق بالباطل .
ماذا بقى فينا من روح إنسانية وقيم أخلاقية , إذا سكتنا عن الحق , ونحن نملك القدر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , ونبذل كل المحاولات للتغيير والتوعية , كواجب ديني وأخلاقي وإنساني .
الإرهاب فكر ضلالي , لا دين له ولا هوية , ومعسكراته موجودة بكل المناطق على امتداد ساحة الوطن , وبالذات في مناطق هم اكثر مزايدين علينا بمحاربة الإرهاب , وهم أضعف من أن يتصدون له في مناطقهم .
للأسف ان محاربة الإرهاب صار مطية لمحاربة الفكر والرأي المخالف , واستهداف أشرف وأنبل من عرفتهم عدن , والدليل إفلات القتلة والمجرمين من العقاب , ولم تنصف ضحية , رغم ما تكشف من خيوط واستدلالات بل أسماء واعترافات , تاهت في وحل الصراع السياسي والمناطقي والطائفي القذر و المزايدة على الناس .
المقال خاص بموقع المهرية نت