آخر الأخبار

ذاكرة الإفطارات الرمضانية في أرخبيل سقطرى

الاربعاء, 12 مايو, 2021

عاد رمضان على الدنيا بفيض من عطاياه وتطلع الخيرين من الناس أن يمدهم الله بفرصة من العمر حتى يبذلوا الخير لذوي الحاجة من المساكين والفقراء والضعفاء ولكي يكسبوا فائض أجر الصيام علاوة على صيامهم يحرصون على إعداد سفرات تحوي ألوانا من الأطعمة تقدم للصائمين وهم في ذلك أمل العمال وأبناء السبيل والمقطوعين وأصناف ذوي الحاجة .

   وبالنظر إلى شريحة أخرى غير هؤلاء هناك شريحة الوسطاء أو الأمناء وهم من تتم عن طريقهم توصيل هذه الإفطارات ويكلفون بإعداد هذه السفرات الرمضانية فهذه الشريحة لا تقل فرحا بما يقدم عن الشريحة السابقة فهي الرابح الحقيقي من هذه المشاريع فما عليهم سوى إعداد لوحة بعناوين لافتة وعمومية فتجد مثلا المكرمة الرمضانية المقدمة من الشيخ ......أو الأمير.....لمحافظة أرخبيل (مشروع إفطار الصائم) ومن اليسير جدا الحصول على صور عدة للجمهور المحتشد حول هذه المواد وليس من العسير استخدام الصورة الواحدة لأكثر من مشرع ولأكثر من متبرع .

   في الأعوام السابقة قبل 2017م كانت كثير من الجمعيات والمؤسسات اليمنية تتسابق على هذه المشاريع وخاصة في العاصمة حديبوه وبعض النواحي القريبة ومن هذه الجمعيات من يبرمج الإفطارات على شرائح معينة من المجتمع أحيانا العمال وأحيانا المدرسين وأخرى للقطاعات النسوية وغير ذلك وهم كغيرهم يسعون للحصول على أكبر قدر من الصور إرضاء للداعمين.
   وعندما دخلت الإمارات سقطرى عملت منذ 2015م على منافسة هذه الجمعيات والمؤسسات وطغت عليها فلم تعد تذكر إلا فيما نذر ورغم مغازلة كثير من الجمعيات لكسب ولاء الإمارات وتقديم عروض خدمية إلا أنها أبت إلا أن تكون مشاريع الافطارات الرمضانية عبر حلفائها فقط .

والحقيقة أن الإمارات في البداية لم تقتصر مشاريع الافطار على حديبوه فحسب بل شملت الكثير من النواحي والقرى والعزل ما عدا القرى التابعة للإصلاح على حد زعمهم وقد عتب البعض على هذه التصرف مدعين أن المشاريع الخيرية ينبغي أن تقدم للجميع بعيدا عن أي بعد سياسي.

   وقد حلت الثقة بين المواطنين والمندوبين الإماراتيين في بداية الأمر فقد كانت تسلم مبالغ مالية خاصة بالإفطار للجان المسجدية في القرى والحارات وهذه المبالغ وإن كانت لا تكفي لإقامة إفطار متكامل إلا أن الناس يستعينون بها ويضيفون عليها من أموالهم طلبا للأجر.

  كان هذا التصرف من الجانب الإماراتي في عام واحد أو في رمضان واحد فقط ثم بدأت السياسية تعمل عملها بشكل ظاهر في مشاريع الإفطارات الرمضانية ففي العام القابل لم يعد الإفطار متاحا كما في السابق بل أصبح محصورا في زوايا محددة وفي مناطق وحارات معينة ومساجد تدين بالولاء التام للإمارات وصار التأكد أن لا يذوق من إفطاراتهم إصلاحي أمر مطلوب فتنادوا مصبحين أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين
وفي إحدى الأيام ظهر المندوب الإماراتي خلفان المزروعي في إحدى القرى جنوب سقطرى يقول للناس لم نعد نثق باللجان ولا بالمشايخ ولا بأئمة المساجد وسيتم تسليم مبالغ الإفطار للنساء ولذلك عليكم تشكيل لجان نسائية وسبب انعدام هذه الثقة إن بعض مشايخ تلك المناطق رفضوا التوقيع على أوراق يريدها المندوب كونها تتعارض مع سياسية السلطة المحلية والأعراف القبلية وتفاجأ الناس من هذه الوقاحة والجرأة ويبدو أنه أدرك خطاءه فتراجع عن قراره ولكنه لم يعطهم شيئا فيما بعد.

   منذ العام الماضي تقلصت جهود مشاريع الإفطار الرمضانية المقدمة من الجانب الإماراتي رويدا رويدا حتى انعدمت تماما وفي هذا العام ظهر مشروع جديد بلافتة عريضة مكتوب عليها مكرمة إفطار الصائم لأبناء أرخبيل سقطرى مقدمة من الشيخ خليفة بن زايد حفظه الله وظن الناس في بادي الأمر أنها مكرمة مالية فاتسع خبرها في كآفة الأرجاء واحتشد الناس عند المكان المعلن عنه مع حلول الإفطار فاكتشفوا أن المكرمة عبارة عن حفنة من الأرز الرديء مع مزعة من اللحم أو قطعة من الدجاج.

    ذكر لي أحدهم فقال بما أننا حضرنا التدشين الأولي للمكرمة فلابد من أن نستكشف مذاق ما يقدم وفضلا على ذلك فصورنا قد ملأت صفحاتهم  يقول جلب صديقي لنا حفنة من الرز مع شيء من الدجاج فحاولت الأكل فلم استطع وقال ما أدري كيف أصف هذه الإفطار أقل ما يقال فيه أنه زبالة ويبدو أن الناس كلهم أدركوا ذلك فأحجموا وتسلط عليهم الصبيان والمفطرون يطبرون للحصول على ما يسد جوعهم والبعض يرجع من تلك الطوابير دون الحصول على شيء.

   لو قدر لي أن أقف على رأس خليفة بن زايد شفاه الله لأخبرته أن المكرمة عبارة عن مغالطة ولأقنعته أن ينتزع اسمه من هذا المشروع أو أن يتقن عمله أو لكي يوسع خيره على سقطرى كلها وليس على بوابة المتجر الإماراتي للتخلص من المواد المنتهية الصلاحية.  
 
   ومع ذلك يجب أن نشكر الإمارات على هذه الإفطارات بالرغم من كل الخروقات والمساوئ فكونك تقدم شيئا خيرا من الذي لا يقدم فالجانب السعودي مثلا لم يقدم في هذا المجال دجاجة واحدة منذ حلوله في سقطرى ومن ناحية تحليلي الشخصي هم ليسوا بحاجة إلى مشروع كهذا فهم يكسبون أجورا عظيمة من مشاريع أخرى وليسوا بحاجة إلى مثل أجر الصائم أو ربما حديث كان له مثل أجر الصائم من الأحاديث الآحاد التي تتحاشى القيادة السعودية العمل بها فلم يرد في القرآن التحضيض على إفطار الصائم أو لنقل أنهم درسوا بيئة سقطرى وعرفوا أن الناس ليسوا بحاجة الإفطارات الرمضانية.
المقال خاص بموقع المهرية نت

المزيد من محمود السقطري