آخر الأخبار

"دكسم باور".. مسمار جحا في سقطرى

الخميس, 18 مارس, 2021

 كتب علي أحمد باكثير مسرحية بعنوان مسمار جحا وهي رمزية حول الصرع بين فلسطين وإسرائيل مفادها أن رجلا باع دارا واشترط على المشترى بقاء مسمار في إحدى الحيطان بدعوى أن له ذكرى في قلبه ولذلك لن يبعه بأي ثمن وافق المشتري وهو لا يعلم خبث نية البائع لكنه سرعان ما أدرك ذلك فقد تردد عليه البائع كثيرا بهدف زيارة مسماره وفرض جملة من الاهتمامات للمسمار حتى تضايق المشتري وتعدى هذا التضايق حتى وصل الحارة والمدينة وخرجت مظاهرة حاشدة تطالب رب المسمار بنزع مسماره ( يا رب المسمار انزع مسمارك من دارا الأحرار إذ ليست دارك).

  ما يستدعي للتذكير بهذه المسرحية هي ممارسات مؤسسة دكسم باور للكهرباء في سقطرى وقد تحدث في مقال سابق تحت عنوان يا أهل سقطرى غادروها عن بعض ممارسات هذه المؤسسة وأشرت أنها تهدف لتهجير الناس من سقطرى حتى تخلو لهم سقطرى.

  تشبت الإماراتيون بمشروع الكهرباء كثيرا ورغم شكاويهم الكثيرة منها وخسارتهم مبالغ طائلة إلا أنه أمر يريده الساسة ولابد أن يقدموا في سبيله الغالي والنفيس وقد كان العقلاء يعرفون مسبقا لماذا هذا التمسك الشديد بموضوع الكهرباء فلأمر ما جدع قصير أنفه وهم يعرفون أن خدمة الكهرباء بمثابة الترمومتر الخاص بقياس استجابة سقطرى للقرارات والخطط الإماراتية
ليلة أمس تم فصل التيار الكهربائي عن خمسين بيتا من بيوتات الأسر الوافدة من المحافظات بدعوى أنهم شماليون وأن البيوت المستأجرة تدخل ضمن التجارة لكن بعض هذه البيوت ملك وليست مستأجرة وقد مورس هذه الضغط عليهم أولا من خلال محالهم التجارية لكنهم استجابوا لهذا الضغط بتركيب العدادات الإلكترونية  أملا منهم أن تتوقف المؤسسة عند هذا الحد من المضايقات.

كما أن بعض هؤلاء المستأجرين لا يمتلكون مشاريع تجاريه فبعضهم ليس لديه أي دخل سوى عمل يديه وقد فر من مناطق الحرب مع أهله راجيا أن يجد في سقطرى من العمل ما يكفيه لقوت عياله وقد استبشر البعض بوجود بيت شعبي يظلل أسرته بمبلغ معقول يتواكب مع دخله إلى حد ما.

  ولكن هذه الشريحة المتنوعة من الأخوة الشماليين من عمال وحرفيين وموظفين وتجار كلهم صدموا من الإجراء الذي  قامت به مؤسسة دكسم باور من فصل التيار عليهم وإلزامهم بتركيب عدادات الكترونية في بيوت لا يملكونها علما بأن ذلك يتطلب منهم دفع 250 ألفا قيمة العداد ومن تم يتطلب أسبوعيا تسدد عشرة ألآلف ريال قيمة كرت شحن الدفع المسبق.  

هذا الأمر بلا شك يعجز العامل العضلي الذي بالكاد يكسب قوت عياله فهو كالطير يغدو ولا يعلم ما يكسبه القدر فقد يجد من يشغله وقد لا يجد والبعض منهم ربما كان ميسورا لكنه صدم من هذه الحملة العرقية التي تستهدف أبناء الشمال خاصة ولذلك ناشدوا جميع أطياف المجتمع للوقوف في وجه هذه الحملة العرقية وقد استغربوا من الانتقاليين الشامتين بهم الذين استبشروا بموضوع فصل التيار الكهربائي عليهم.

وأكثر استغرابهم من الحكومة الشرعية والإدارة المحلية الحالية التي منحت المؤسسة أهلية التصرف الكاملة دون إلزامهم بأي إجراءات قانونية.

  ذكر لي أحد الأساتذة في المجال الأكاديمي أنه بعد فصل التيار وسحب العداد عن سكن المدرسين ذهب إلى مكتب المؤسسة ليستفهم الأمر فقابلهم شخص يدعى المهندس نبيل مصري الجنسية بقوله أنتم شماليون ودحابشة ولابد نطلعكم من هذه الجزيرة فصدم الأستاذ من هذا النعرة العرقية التي تصدر من شخص ليس يمنيا ولم يتحصل على فيزة الدخول إلى اليمن ولم يرخص له بمزاولة العمل لكنه لم يلم المهندس بل وجه اللوم لمن كان السبب.
كما ذكر لي مقارنة لطيفة بين تعامل أحد الأخوة الأردنيين مع أحد الأساتذة حيث أهداه سيارة مجانا وبين تعامل هذا المصري الذي يرغب بترحيله.

 تم تعطيل الدراسة جزئيا وكادت أن تخرج مظاهرة طلابية حاشدة ضد دكسم باور من قبل طلاب التعليم العالي نظرا لفصل التيار عن سكن المدرسين وتضامن الكثير من الكتاب والإعلاميين والساسة مع المدرسين الجامعيين مما جعل المسؤولين عن مؤسسة دكسم باور والمجلس الانتقالي يستشعرون خطورة الموضوع وتوسعه فعملوا على اعادة التيار بشكل عشوائي ومؤقت ولم يعيدوا العدادات مما يعني أنه سيتم الفصل ثانية فور انتهاء الدراسة.  
المقال خاص بموقع المهرية نت

 

المزيد من محمود السقطري